كان الجو شديد الحرارة.. والمسافة بعيدة.. والماء والمؤن والدواب قليلة.. وكذلك الأموال التي تجهز الجيوش.. وبالرغم من ذلك خرجوا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في شهر رجب عام 9 هجريا بعد حصار الطائف بنحو 6 أشهر!
لذلك سميت غزوة (تبوك) بساعة العسرة نظرا للجهد والعناء الذي شهده المسلمون في هذه الغزوة، حيث جاء في سورة التوبة (آية: 117) قوله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.
وغزوة تبوك.. سميت بهذا الاسم نسبة إلى عين تبوك التي انتهى إليها الجيش الإسلامي، وقيل أنها سميت أيضا بغزوة (الفاضحة) نظرا أنها كشفت عن حقيقة المنافقين، وحقيقة أساليبهم الماكرة ضد الرسول – صلوات الله عليه – والمسلمين.
وتقع منطقة تبوك في شمال الحجاز، وتبعد عن المدينة 778 ميلا، وتعد غزوة تبوك هي آخر الغزوات التي خاضها الرسول – صلى الله عليه وسلم -.
ويرجع السبب وراء هذه الغزوة هو قرار الرومان إنهاء القوة الإسلامية التي أصبحت قوية وتهدد الكيان الروماني المسيطر على المنطقة، فخرجت الجيوش الرومانية بحلفائها بقوى تقدر بـ 40 ألف مقاتل.
- غزوة بلا قتال أو صدام:
والغريب أن هذه المقابلة انتهت بدون صدام أو قتال لأن الجيش الروماني تشتت في البلاد خوفا من المواجهة حيث أنهم فروا إلى الشمال دون قتال مع المسلمين مما حقق نصرا للمسلمين، وأصبحت قوة الدولة الإسلامية ظاهرة وفرضت نفسها على المنطقة مما أدى إلى تخلي حلفاء الروم عنهم، واتجاههم إلى العرب كقوة فرضت نفسها على المنطقة وحالفوهم.
وترتب على ذلك خضوع النصرانية التي كانت تمت بصلة الولاء لدولة الروم مثل إمارة دومة الجندل، وإمارة إيلة (مدينة العقبة حاليا على خليج العقبة الآسيوي)، وكتب الرسول محمد بينه وبينهم كتابًا يحدد ما لهم وما عليه.
وقد عاتب القرآن الكريم من تخلف عن تلك الغزوة عتابًا شديدًا، وتميزت غزوة تبوك عن سائر الغزوات بأن الله حث على الخروج فيها - وعاتب وعاقب من تخلف عنها- في قوله تعالى في سورة التوبة (آية: 41): {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.