كعادة أفلام الخمسينيات والستينيات، نجد أن الممثلين الذين يقومون بأدوار ثانوية لديهم نفس الشهرة التي عليها كبار النجوم، الذين تتصدر صورهم الأفيش، والفنانة القديرة وداد حمدي واحدة من هؤلاء، فقد نالت من الشهرة ما جعلها أحد أهم الأسماء المطروحة بقوة على الساحة، في العديد من الأدوار التي تصل إلى مائتين وسبعين عملًا، برعت خلالها في تقديم دور الخادمة وصديقة البطلة، التي اشتهر عنها خفة الظل.. برز ذلك في أكثر من فيلم، أشهرها «لن أبكي أبدًا، السفيرة عزيزة، ليالي الحلمية ج 3، واللي رقصوا على السلم».
 
قد يظن البعض أن النهايات المأساوية قدر الأشقياء، الذين يُكن لهم بعض المحيطين العداء، إلا أن ما حدث مع الراحلة وداد حمدي جاء منافيًا لتلك القاعدة ــ إن جاز تسميتها قاعدة ــ حيث لقت مصرعها في مثل هذا اليوم من عام 1994 بطعنها 35 طعنة تفرقت بين الظهر والرقبة والبطن.
 
بالنظر للبداية، نجدها بها العديد من المفاجآت والمفارقات، فمسيرة الفنانة وداد حمدي الفنية، تكاد تتطابق مع حياتها الشخصية، فصاحبة الروح الخفيفة بالسينما هي ذاتها بالواقع، حياة هادئة للغاية رغم العديد من التحولات، بداية من زواجها بالموسيقار الكبير محمد الموجي، ثم الزواج بالفنان محمد الطوخي، والذي لم يدُم زواجها به طويلًا، ليتم الطلاق وتعتزل الفن فترة، قبل أن تتزوج بالفنان القدير صلاح قابيل، وأنجبت منه ابنها الوحيد عمرو، الذي شاهده الجمهور في مسلسل «خاتم سليمان».
 
تلك الحياة الهادئة أرّقها شخص طامع في الكسب السريع حتى لو بطريق القتل.. في أحد الأيام تلقت "حمدي" اتصالًا هاتفيًا من قِبل الريجيسير متّى باسيليوس، يُخبرها فيه بأنه لديه دور لها ستقدمه في أحد الأفلام، طالبًا منها تحديد ميعاد، يأتي فيه هو والمنتج والمخرج، وبالفعل وافقت، فذهب إليها منفردًا، حاملًا سيناريو وهمي، وعندما سألته عن المخرج والمنتج، أخبرها بأنهما يجلسان على القهوة، وسيأتيان بعد قليل.
 
بعد مدة قصيرة يطلب منها الدخول للحمام، ودخلت هي كأى امرأة مصرية تُحضر له «فوطة» من غرفة نومها، لتفاجأ به يأتي من خلفها، حاملًا سكينًا، لم تنبس سوى بجملة بائسة «إحنا هنزهر ولا إيه»، لم تكن تعرف أنه لا يعرف المزاح، فقد كان يعد العدة لذلك منذ فترة، ما إن شعرت بالفزع، حتى توسلت إليه أن يأخذ جميع ما لديها ويتركها دون قتلها، لكن كل هذه التوسلات لم تُثنِه عن طعنها 35 طعنة أودت بحاتها في الحال، فيهرع إلى التفتيش بأرجاء الغرفة باحثًا عما جاء من أجله، فلم يجد سوى مائتين جنيهًا، وكاسيت فأخذهما وفرّ هاربًا.
 
جاء بالتحقيق مع "باسيليوس" أنه لم يكن يقصد الفنانة وداد حمدي في البداية، فقد كانت وجهته في البداية الفنانة يسرا، التي يستطع الوصول إليها، بسبب شك حارس عقارها بالزمالك به، حتى بعد استعطافه وإرساله صورة أولاده مرفقة بخطاب يحثها فيه على العطف عليه ببعض الأموال، بعدها حاول تكرار فعلته مع النجمين شريهان والراحل أحمد زكي؛ لكن كلتاهما باءت بالفشل بسبب العدد الكبير من أفراد الأمن الذين يحاوطهما.