fiogf49gjkf0d
 

إلي من يتصور أنه يتحكم في مصائر الآخرين‏...‏ يقودهم ويوجههم ويقرر لهم ويسلبهم الإرادة وحق الاختيارا أنت مخطيء سيثور عليك من تظنه ضعيفا صامتا كالدمية‏..‏

بل حتي الدمي في مسرح العرائس ستثور علي من يحركها في يوم من الأيام... هكذا يطرح الشاعر المبدع سمير عبدالباقي رؤيته المحرضة عليالثورة والرافضة لكل أشكال الجمود الفكري والسياسي والإبداعي من خلال فكرة خيالية لا يستطيع أن يحاسبه عليها رقيب.

فالثوار هنا هم الدمي في مسرح العرائس الذين ضجوا من استبداد محركي العرائس وقرروا طرد العناصر البشرية من المسرح ليخلو لهم وحدهم ــ وعلي الرغم من الإختلاف الفكري الواضح بين الشاعر الاشتراكي التقدمي سمير عبدالباقي والمخرج هاني البنا المنتمي للتيار الديني الأصولي إلا أن فكرة رفض الاستبداد جمعتهما علي خط واحد... وجذبت إلي النص النجم لطفي لبيب والنجم سامي مغاوري ليتشاركا في البطولة الصوتية مع نجوم مسرح العرائس نشوي اسماعيل في دور حدي بدي والفنان القدير محمد عبدالله في دور البلياتشو. أما أبطال هذا العرض الحقيقي فهم مجموعة المحركين الذين يختبئون خلف الحواجز ليحركوا خيوط الماريونيت أو يجلسون القرفصاء بعيدا عن الأضواء لتظهر أيديهم ممسكة بعروسة الجوانتي. أو يرتدون الأقنعة لتختفي ملامحهم وتظهر ملامح العرض المسرحي.. هؤلاء الذين يبذلون أقصي الجهد ولايحصلون علي أقل نصيب من الشهرة والتقدير المادي هم أصحاب الرسالة الفنية الحقيقية. ولا أقل من أن نذكرهم بكل تقدير واحترام.. الفنانون اسماعيل الموجي أحمد رأفت عماد أبو سريع شكري عبدالله ياسر عبدالمقصود سيد رستم فوزي ميخائيل هشام طلعت عيد مسعد عادل عثمان هاني عزالدين محمد فاروق محمد الشبراوي محمد لبيب

ولأن عروض الطفل تعتمد بالأساس علي المتعة السمعية والبصرية فيجب أن نشير إلي الألحان الموفقة والمعبرة عن الكلمات في بساطة وتلقائية للموسيقار الدكتور طارق مهران... وخاصة اللحن الاخير مع صعوبة الموقف لأن كلمات الأغنية قديمة سمعناها من خلال الاذاعة المصرية قبل اكثر من ثلاثين عاما بلحن مغاير وذكاء طارق مهران أنه لم يبتعد كثيرا عن روح اللحن القديم المبهج دون أن يسقط في فخ التقليد. أما ديكورات الدكتور حسين العزبي فكانت كعادته مبهرة تأخذك إلي معرض للألوان واللوحات المتحركة والثابتة دون أن تشعر أن هناك ديكورا بالمعني التقليدي

وبالتأكيد هي شجاعة تصل إلي حد التهور من الفنان المبدع محمد نور أن يخرج هذا العرض المحرض علي الثورة في فترة ادارته لمسرح العرائس.. ليكون خاتمة طيبة لمرحلة شهدت تأسيس مدرسة لتحريك العرائس وتقديم العديد من العروض الجديدة المميزة بالاضافة لإعادة عروض خالدة لرواد مسرح العرائس مثل الليلة الكبيرة وأبو علي وغيرها ــ ويتسلم الراية بالإنتخاب الفنان اسماعيل الموجي الذي يشارك كغيره من فناني العرائس بإخفاء وجهه من أجل النجاح الجماعي والفوز بابتسامة الطفل ورضاه..

اكد هاني البنا في ذلك العرض قدرته علي اختيار العناصر المناسبة وحسن توظيفها مع المحافظة علي الإيقاع لأن الطفل اذا فقد حماسه للحظات من الصعب استعادته لمتابعة العرض أو الإنجذاب له مرة أخري.. وكان المخرج ناجحا في خلق حالة التواصل بين خشبة المسرح والصالة وكسر حاجز الايهام بنزول الفنانة نشوي إسماعيل للتحدث مع الأطفال وارتجال حوارات قصيرة تهدف إلي التعرف علي آرائهم وتعويدهم علي التجربة الديمقراطية الجديدة.. وأن حالت ميكروفونات الصوت المحمولة من النوع الرديء دون تحقيق المزيد من التواصل وكانت لفتة رائعة من الفنان شكري عبدالله انتباهه إلي وجود اثنين من رواد فن العرائس بين الجماهير هما الأستاذ محمد شاكر والأستاذة فوزية عبداللطيف واصراره علي صعودهما فوق خشبة المسرح ليشاركا تلاميذهما في الاحتفال بنجاح العرض.. صفق الجميع لكلمات الشاعر سمير عبدالباقي التي تقول

في دنيا الحواديت.. ممكن نبقي عرايس أو نصبح كتاكيت.. في دنيا الحواديت

ممكن نقطة بسيطة تبقي بحيرة غويطة وتبقي بحر محيط.

ممكن من قمحاية.. عدساية بسلاية تزرع أكبر غيط.

ممكن نعمل مادنة.. عالية وسط بلدنا من عود الكبريت.. في دنيا الحواديت.