أكد الدكتور جورج فريدمان، المؤسس ورئيس مجلس إدارة مجلة Geopolitical Futuresالمتخصصة في خدمات التنبؤ الجيوسياسي، إن الحرب العالمية الثانية التي انتهت في العام 1945 ونجم عنها مقتل 100 مليون شخص، أحدثت تغييرات جذرية وأفرزت شيئين أساسيين، الأول هو حاجة العالم إلى منظمات دولية، والثاني أن المشكلة تمثلت في مفهوم القومية. جاء ذلك في إطار مشاركته التي استشرفت مستقبل الإنسانية خلال القرن الحالي في جلسة بعنوان "سيناريوهات ستغير الحكومات خلال المئة سنة القادمة" التي جرت في اليوم الثاني من القمة العالمية للحكومات 2017 المنعقدة في دبي، وقال جورج فريدمان: "إن الأزمة المالية العالمية التي حدثت جرّاء انهيار بنك ليمان براذرز نجم عنها فئة التكنوقراطيين التي استفادت من عواقب هذه الأزمة، والفئات الاجتماعية الأخرى التي كانت المتضرر الأكبر من نتائج الأزمة المدمرة. ولذلك رأينا ردة الفعل القومية في دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وكانت النتيجة ما رأيناه في الانتخابات الأمريكية الأخيرة والتصويت على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي".
وأضاف قائلا : "لقد تغيرت نظرة المتأثرين سلباً من الأزمة في القارة الأوروبية تجاه الاتحاد الأوروبي، وبرزت المناداة إلى تقرير المصير القومي في الدول الفردية. وهكذا أصبحنا نرى انقساماً هائلاً في المجتمع الأوروبي، ما نجم عنه زيادة مشاعر الكراهية. واعرب عن أعتقاده بأن العلاقات التجارية والتحالفات التقليدية ستظل قائمة لكنها لن تتكون بالشكل الأوتوماتيكي الذي تعودنا عليه". وتوقع فريدمان في نهاية محاضرته أن تبرز دول جديدة لتلعب دوراً فعالاً على الساحة الدولية، مثل اليابان وبولندا وتركيا، في حين سينخفض أثر أو دور قوى عالمية أخرى. وأوضح فريدمان أن الواقع لن يتغير لكن ستكون هناك أسماء مختلفة تلعب أدوارها في المشهد الدولي. وقد وُلد الدكتور جورج فريدمان في هنغاريا في العام 1949 وعاش آنذاك في القارة الأوروبية المدمّرة من جرّاء الحرب العالمية الثانية. وقد لجأت عائلته إلى النمسا للتخلص من الشيوعية، وبعدها هاجرت إلى الولايات المتحدة. ونظراً إلى شغفه الكبير في استكشاف المبادئ التي تحكم العالم، تلقى فريدمان شهادة الدكتوراه في الدراسات الحكومية من جامعة كورنيل، ليحصل بذلك على فرصة التواصل مع بعض من أهم المفكرين في هذا المجال. وبفضل تحليل فريدمان الجيوسياسي المعمق، تمت دعوته عدة مرات لتقديم المشورة للمنظمات العسكرية والتنفيذيين من الشركات ضمن قائمة "فورتشن 100".
وفي ظل الحاجة إلى زيادة الوعي حول التنبؤ الجيوسياسي بين شريحة أكبر من الجمهور، قام جورج فريدمان بتأليف عدة كتب جاءت ضمن قائمة صحيفة نيويورك تايمز لأفضل المبيعات، بما في ذلك كتاب "المئة عام المقبلة". كما عمل فريدمان على تأسيس شركةStrategic Forecasting, Inc (Stratfor) الاستشارية للذكاء الجيوسياسي في 1996، ويشغل حالياً منصب المؤسس ورئيس مجلس إدارة مجلة Geopolitical Futures المتخصصة في خدمات التنبؤ الجيوسياسي.