استطاع البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الراحل، عام 1979، أن ينتزع موافقة الطوائف المسيحية المختلفة على قانون موحد للأحوال الشخصية للأقباط فى مصر، وتقدم به إلى الحكومة، إلا أن القانون لم ير النور، ليظل ملف الأحوال الشخصية معلقا تلاعبت به الدولة مع الأقباط خلال عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، ومنذ ذلك الحين وحتى وقتنا هذا شكلت اللجان بأوامر من الدولة وضمت فى عضويتها ممثلين عن الطوائف المسيحية المختلفة لمناقشة القانون وبحثه دون جديد، حتى طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى، لجنة الإصلاح التشريعى التى شكلتها الحكومة أواخر عام 2014، بفتح ملف القانون والعمل على مناقشته وإقراره، ما دفع الكنائس المختلفة لتشكيل لجنة برئاسة الأنبا بولا، أسقف طنطا وتوابعها ومقرر لجنة العلاقات العامة بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، استعرضت القانون المرسل من وزارة العدالة الانتقالية وقتها حول مقترح قانون «الأسرة لغير المسلمين»، الذى رفض من قبل الكنائس لكونه يحتوى على باب خاص بالزواج المدنى. وعكفت اللجنة المذكورة على إعداد قانون جديد للأحوال الشخصية للأقباط، وأعلن عن التوصل لصيغة موحدة، لتخرج الكنائس تباعاً تتبرئ مما توصلت إليه اللجنة، ومؤكدة أنها متفقة على 90% من المواد، فيما اختلفت على 10% فقط من مواده، إلا أن أساقفة بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اعترضوا على الصيغة المقترحة لمشروع القانون، وأنه مخالف لتعاليم الكتاب المقدس، وتباعا تنصلت الكنائس من المسودة الأولية وتمسكت بلوائحها الداخلية.البابا تواضروس الثانى وعكفت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، لمدة عام ونصف على مناقشة القانون نظرا لعدم عرض المسودة الأولية لقانون الأحوال الشخصية الموحد على المجمع المقدس بالكنيسة القبطية وهو جهة التشريع للأقباط، خاصة بعد اعتراض بعض الأساقفة على ما جاء فى المسودة الأولية، وقرر البابا تواضروس الثانى، دعوة لجنة الإيمان والتشريع بالمجمع لمناقشتها بحضور 33 أسقفا على مدار يومين فى أغسطس 2015 داخل المقر البابوى، انتهت للتوافق حول العديد من التعديلات المطلوبة على القانون، إلى أن حسم القانون بصورة نهائية خلال انعقاد مؤتمر المجمع المقدس الأخير بدير الأنبا بيشوى بوادى النطرون فى بداية مارس الماضى وحظى بموافقة المجمع المقدس للكنيسة برئاسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وبحضور 109 من مطارنة وأساقفة الكنيسة أعضاء المجمع، وأرسل القانون إلى مجلس النواب فى إبريل 2016، كلائحة خاصة بالأقباط الأرثوذكس وليس كقانون موحد للمسيحيين.الكنيسة الأرثوذكسية قانون الأرثوذكس تضمن 134 مادة، كان أبرزها الاحتكام لشريعة العقد فى الطلاق لوقف مافيا شهادات تغيير الملة، ومنع الزواج الثانى لمن طلق لعلة زناه أو غيّر الدين أو انضم لطائفة السبتيين أو البهائيين أو شهود يهوه أو المورمون، وحذفت اعتراف الطوائف المسيحية بزواج بعضها البعض ونصت على أن يكون الزواج من نفس الطائفة، كما تضمن القانون موانع الزواج التى أبرزها الإصابة بالإدمان المزمن، ووضع القانون الجديد، 10 أسباب لبطلان الزواج، وحظر إثبات النسب بقصد التبنى أو الاتجار بالبشر، وأجاز القانون التطليق إذا تحول الزوج إلى الإلحاد الثابت والمستمر، والسماح بالطلاق المدنى بسبب «الفرقة» مع استحالة الحياة الزوجية وإعطاء الحق للكنيسة فى الزواج الثانى من عدمه، إضافة إلى التوسع فى الزنا الحكمى ليشمل المكالمات الهاتفية والمكاتبات الإلكترونية والتحريض على الدعارة وتبادل الزوجات والمعاشرة الجنسية غير الطبيعية.  وتمسكت الكنيسة بما وضعته فى المسودة الأولية حول إنشاء «لجان تسوية المنازعات الأسرية المسيحية» بالمحاكم تابعة للكنيسة، إضافة إلى استحداث مادة تنص على منح الكنيسة دون غيرها حق إصدار تصاريح الزواج الثانى وعدم جواز الطعن على قرارات المجلس الإكليريكى أمام القضاء.  القس الدكتور أندريه زكى أما الكنيسة الإنجيلية، فسعى القس الدكتور أندريه زكى، رئيس الطائفة للسعى لوضع قانون جديد لأبناء الطائفة بعد أن أعلن أن سلفه القس الدكتور صفوت البياضى، لم يوقع بالموافقة على المسودة الأولية للقانون الموحد للأحوال الشخصية الذى أعد فى 2014، وأعدت اللجنة القانونية للكنيسة مشروع قانون تضمن فصلا خاصا بالزواج المدنى داخله وتوسع فى أسباب الطلاق والزواج الثانى، ومرر المشروع على رؤساء المجالس الإنجيلية على مستوى الجمهورية، التى انتهت برفض مسودة المشروع والرجوع إلى لائحة الكنيسة القديمة وإقرارها دون تعديل على أن يحصر الطلاق والزواج الثانى بها على علتى الزنا وتغيير الدين، وأرسلت تلك اللائحة إلى الحكومة كلائحة خاصة تطبق على الإنجيليين فى مصر. و تمسكت الكنيسة الكاثوليكية بالقانون الموحد المقر من قبل الفاتيكان على جميع الرعايا الكاثوليك فى كل بلدان العالم، والموضوع من قبل البابا يوحنا بولس الثانى عام 1991، وهو قانون لا يعترف بالطلاق فى المسيحية ولكن يعترف ببطلان عقد الزواج. أما كنيسة الروم الأرثوذكس، فأرسلت لوزارة الشئون القانونية والمجالس النيابية الشهر الماضى لائحتها الخاصة الأحوال الشخصية الخاصة التى تعود إلى عام 1937 وتتيح عدة أسباب للطلاق منها الشروع فى القتل والزنا والهجر 3 سنوات والاختفاء 3 سنوات والعجز الجنسى 3 سنوات، وحال الحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة، وحال الارتداد عن المسيحية، وأكد البابا ثيودوروس الثانى، بطريرك الإسكندرية وسائر إفريقيا للروم الأرثوذكس رفضه لقانون الأحوال الشخصية الموحد وتمسكه بلائحة سنة 1937، بعد عقد الكنيسة اجتماعا للمجمع المقدس العام الماضى برئاسة البطريرك، وهو نفس الموقف المعلن للكنيسة منذ سنوات.  المستشار مجدى العجاتى وزير الشئون القانونية وعقب إرسال المستشار مجدى العجاتى، وزير الشئون القانونية، خطابا إلى الكنائس، يطالبهم بالاتفاق فيما بينهما على قانون موحد للأحوال الشخصية يمكن مناقشته وإرساله للبرلمان لإقراره طبقا لنص المادة الثالثة من الدستور التى تعطى لغير المسلمين حق الاحتكام لشرائعهم فى أحوالهم الشخصية، لتمثل الخلافات بين الكنائس قنبلة موقوتة تهدد بإفشال التوافق على القانون، حيث تمسكت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بقانونها الذى أقره المجمع المقدس معلنه عن عدم تغييره، فيما أعدت الكنيسة الإنجيلية عبر المجلس الملى العام تعديلات على لائحة الأرثوذكس لتطبق على أبناء طائفتها، بينما رفضت الكنيستان الكاثوليكية والروم الأرثوذكس التخلى عن لوائحهما الخاصة، وأمام هذا المأزق تسعى الكنائس خلال الفترة المقبلة لعقد لقاءات مشتركة للتوافق على القانون وتجاوز نقاط خلافاتهم، وكشفت مصادر كنسية، عن وضع مقترحين لتلافى تلك الخلافات من أجل الإسراع بمناقشة القانون وتمريره، الأول يتضمن إعداد قانون جديد، ينص فى كل مادة منه على ما يتوافق مع كل كنيسة وما يختلف فيها، والمقترح الثانى أن تعد ديباجة عامة من مواد الاتفاق على أن يشمل القانون أبوابا خاصة بكل كنيسة توضع فيها لوائحها الخاصة التى تطبق على أبناء طائفتها.