وجه العقاريون «صرخة» في وجه التصريحات والمواقف النيابية المتلاحقة، والداعية إلى فرض رسوم وضرائب جديدة على الوافدين، محذرين من أن الأمر سينعكس سلباً عليهم، من خلال إخلاء الشقق، أو على الأقل انخفاض القيمة الايجارية بحوالي 13 في المئة «إذا استمرت وتيرة التصريحات الطاردة للوافدين».
وأكد رئيس اتحاد وسطاء العقار، عبدالرحمن الحبيب أنه في حال تُرجمت التصريحات الأخيرة في شأن الوافدين إلى قرارات، فسيكون لها تأثير قوي على القطاع العقاري، وتحديداً «الاستثماري» الذي سيهبط الطلب فيه سواء من ناحية التأجير أو البيع.
وأشار الحبيب إلى أن 90 في المئة من الشقق في الكويت، مستأجرة من قبل وافدين، لافتاً إلى أن أي تأثير أو ضرر مادي قد يلحق بهذه الشريحة العريضة، سيسبب هجرة معاكسة، وبالتالي ستخلو نسبة كبيرة من الشقق السكنية.
من ناحيته، قال رئيس مجلس إدارة مجموعة الشبيب العقارية، بدر الشبيب لـ «الراي» إن «التوجه العام لبعض النواب في ما يتعلق بعدد الوافدين، وزيادة الرسوم سيؤثر سلباً على العقار، وخصوصاً القطاعين الاستثماري والتجاري»، مشيراً إلى أن من شأن هذا الأمر أن يؤثر وبقوة على القيمة الإيجارية للشقق الاستثمارية.
وتوقّع الشبيب أن تهوي القيمة الإيجارية بنحو 13 في المئة هذا العام، إذا استمرت وتيرة التصريحات «الطاردة» للوافدين، معتبراً أن «نسبة غير قليلة من المغتربين بدأت تخطط لترحيل عائلاتها، ما يعني أنه بحلول فصل الصيف المقبل قد نشهد أزمة فعلية بالقطاع».
وكشف مصدر مطلع لـ«الراي» أن عدد البنايات الاستثمارية في الكويت بلغ بنهاية العام الماضي 15 ألف بناية، مبيناً أن هذا الكم الكبير توزع على مختلف المحافظات.
وبينما شدّد المصدرعلى أن هذا الرقم يشكّل ضغطاً كبيراً على القطاع الاستثماري، الذي فاق العرض فيه الطلب بشكل لافت، رأى أن هناك مخاطر كثيرة تهدد القطاع الاستثماري، منها تراجع عدد الوحدات الشاغرة، موضحاً أن أكثر من 2000 بناية دخلت الخدمة خلال 2016 وحده، ورأى أن القطاع الاستثماري ليس المتضرر الوحيد من «هجرة» الوافدين، إذ إن الضرر سيمتد إلى القطاع التجاري.
في هذه الأثناء، أكدت مصادر مصرفية مسؤولة أن أحداً لا يستطيع أن ينكر وجود خلل في التركيبة السكانية، وأن العلاج يتطلب إعادة هيكلة لتركيبة سكانها الوافدين، بيد أنها رأت أن «ما يثيره بعض النواب من حلول مجرد عبث، القصد منه دغدغة المشاعر سياسياً».
ولفتت المصادر إلى أن الطريقة التي يتحدث بها بعض النواب حول كيفية التعامل المفترضة مع الوافدين، من شأنها أن تؤذي الدولة نفسها حال تبنيها التوصيات المطروحة، كما انها لا تحمل أي حلول علاجية فعالة سوى البلبلة، وإثارة الذعر بين الوافدين، وفي مقدمتهم الأكفاء المهرة.
وتساءلت، هل الوافدون جاءوا إلى الكويت غصباً حتى يخرجوا منها غصباً؟ وهل هم محتلون لأرضنا؟ وهل وضعوا المسدسات فوق رؤوسنا حتى نقبل بدخولهم؟ بالطبع لا، فهم قدموا إلى الكويت بدعوة كريمة من الحكومة والشعب، «من خلال مواطنيها من أصحاب الأعمال المسجلة».
وأضافت «نعم هناك خلل في التركيبة السكانية ويحتاج إلى علاج، لكن هذا النمط التفكيري لبعض النواب لا يمثل الإصلاح وينبغي أن يتغير، وإلا فإن خطة إعادة هيكلة التركيبة السكانية لن تنجح، وإن تم تنفيذها بهذا النفس فستكون لها تأثيرات عكسية على سوق العمل، وعندئذ فكيف يمكن تغطية الفراغ الناجم عن الترحيل؟».
من ناحيته، رأى الخبير الاقتصادي علي رشيد البدر، أن «السبب الرئيس في زيادة العمالة الوافدة، الإفراط في بناء المدن العقارية والضواحي والمكاتب، التي تحتاج إلى خدم وحشم لأعمال صيانتها وتغطية خدماتها، ما أدى إلى زيادة أعداد الأيدي العاملة غير الماهرة خلال السنوات الخمس الماضية».
وأضاف «في الدول الأوروبية يوجد لكل عشرة منازل خادمة واحدة لكن في الكويت هناك ما بين اثنتين وثلاث كمتوسط لكل بيت، وهنا تبرز الإشكالية الحقيقية، حيث تنامت الحاجة الإضافية لأعمال صيانة الخدمات سواء في البيوت أو الطرق وكلها أعمال لا يقوم بها الكويتي».
واعتبر البدر أن سياسة الحكومة في تعيين الكويتيين في جهازها، وتقديم دعم العمالة خاطئة، وأدت إلى تكدس الكويتيين في القطاع الحكومي، مبيناً أن هذا السلوك أسهم في زيادة تفضيل المواطنين للعمل في القطاع العام.