الجميع يرحل ويبقى الفن هو الحامل للرسالة والمواجه لكل عيوب المجتمع وأمراضه، ربما لذلك السبب كان الهجوم على أي فيلم يتعلق بالفكر المتشدد هو مثار حساسية لدى بعض المتطرفين الذين يسارعون في الهجوم على تلك الأفلام.
وخلال تاريخ السينما المصرية كانت هناك أفلام دومًا في مواجهة الإرهاب تحلل الظاهرة وتقدم الحلول لها من خلال الرؤية الفنية إلا أن تلك الأفلام تكون دومًا في مواجهة مدافع الآراء المتشددة.
«مولانا»
آخر تلك الأفلام هو «مولانا» تأليف إبراهيم عيسى وإخراج مجدي أحمد على، يتناول رحلة الشيخ حاتم الشناوي الذي قام بتجسيد دوره عمرو سعد، وطريقه من إمام مسجد وموظف بالأوقاف حتى صار داعية إسلامية مشهور يظهر عبر الفضائيات.
ويتطرق الفيلم إلى قضايا شائكة، خاصة تعامل الأنظمة مع الدعاة ومحاولة استغلالهم، كما يتطرق إلى قضايا أخرى يتورط فيها بطل الفيلم، وكيفية تعامله مع هذه الأمور بمنهج يبتعد عن التشدد.
وبمجرد عرض الفيلم جاءت أولى التعليقات من حركة «دافع» السلفية التي وصفت الفيلم بأنه يثير الفتنة، مطالبة كل من شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والدكتور محمود مختار جمعة وزير الأوقاف، ومفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام، بضرورة التدخل لوقف عرض الفيلم في دور السينما.
ومن جانبه، شن الدكتور منصور مندور، كبير الأئمة بوزارة الأوقاف، هجومًا شرسًا على الفيلم، متهمًا إياه بأنه يُسيء للأزهر وعلمائه ومفكريه، ومطالبًا جميع المسئولين عن المؤسسات الدينية في مصر بالتصدي لهذا العمل، ومنع عرضه في السينمات.
وقال في تدوينة له على «فيس بوك»: «إلى فضيلة مولانا الإمام الأكبر، إلى فضيلة مولانا وكيل الأزهر، إلى فضيلة مولانا وزير الأوقاف، إلى فضيلة مولانا رئيس جامعة الأزهر، إلى فضيلة مولانا مفتي الديار، قبل أن تقع الفأس في الرأس، وقبل أن تكون المصيبة، نطالبكم بسرعة التصدي إلى هذه (الفتنة) ووقف عرضها»
دم الغزال 2006
وكان ضمن الأفلام التي تعرضت لهجوم شديد من قبل الجماعات المتشددة هو فيلم «دم الغزال» إخراج محمد ياسين وتأليف وحيد حامد، وبطولة نور الشريف، عمرو واكد، وتدور أحداث الفيلم حول فتاة يتيمة تعيش في حي شعبي يتولى أمرها رجل مفلس وجرسون فقير ويتصارع على حبها طبال ولص وبعد زواجها من آخر يتم القبض عليه يوم زفافهما تتكفل بنفسها إلى أن تقتل أثناء محاولة القبض على الطبال الذي تحول إلى إرهابي.
الناجون من النار 1994
وكان أشهر تلك الأفلام التي واجهت موجة شديدة من الهجوم فيلم «الناجون من النار» &O5159;&O5191;&O5198;ا&O5181; على عبدالخالق وتأليف محمد شرشر، بطولة عمرو عبدالجليل وطارق لطفي وعبير صبري، ويتناول حياة أب متزمت، يعامل ولديه الصغيرين بقسوة ملحوظة، الأول عبدالله الذي يدرس ويصبح ضابط شرطة كفء، أما عبدالسلام الذي يدرس الطب فهو ينضم إلى إحدى الجماعات المتطرفة المسلحة التي يقودها أمير جماعى يسعى إلى مواجهة مع السلطة عن طريق عمليات إرهابية ومواجهات.
الإرهابي 1994
الأمر لم يختلف كثيرًا مع فيلم «الإرهابي» للفنان عادل إمام ومن إخراج نادر جلال ويتناول شخصية «على عبد الظاهر» الإرهابي المنضم لإحدى الجماعات المتطرفة ويتعرض لحادث أثناء هروبه بعد تنفيذه لعملية إرهابية، حيث تصدمه فتاة بسيارتها وتنقله لمنزلها للعلاج وخلال فترة علاجه يجد أسرة يختلف كل فرد في فكره عن الآخر ولكنهم أسرة بسيطة مسامحة محافظة على التقاليد والعادات، فتتغير وجهة نظره إلى أن يقتل على أيدي جماعته نتيجة اختلافه معهم في عملية اغتيال كاتب مشهور ومحاولة إنقاذه.
مزايدة مرفوضة
ومن جانبه، علق الناقد السينمائي طارق الشناوي، أن الفيلم لم يحمل أي سخرية لدور الإمام، ولكن كان متعاطفًا معه بشكل واضح، مشيرًا إلى أنه بطبيعة الحال نجد المصريين لديهم توقير لمرتدي العمة والقفطان فهناك نوع من الحماية الأدبية للدعاة لهم في الضمير المصري.
وأضاف، أنه في حالة تقديم شخصية الإمام بشكل ساخر سينعكس ذلك بشكل سلبي على تعاطي الجمهور معها، مؤكدًا أن سيناريو الفيلم كان رحيما بالدعاية من الرواية.
ووصف «الشناوي»، الهجوم السلفي على الفيلم بـ«المزايدة المرفوضة»، لأنه وقف موقفا متوازنا في تقديم شخصية الدعاية، مستنكرًا رفض تناول شخصية الإمام في الأعمال الدرامية، في ظل المطالبة بفتح الباب أمام حرية الإبداع، لتجسيد الشخصيات الإسلامية التاريخية من الخلفاء والصحابة.