«زوجى صاحب الــ 70 عاماً مش بيحترم شيبته، بعد العمر ده كله بيقوم بأفعال صبيانية مراهقة، وأنه يتعمد معاكسة ومغازلة بنات فى سن أحفاده، ويطلب منهن فعل الرذيلة معه، على نحو جعل سمعتنا سيئة جداً بين الناس، وأوقعنا فى العديد من المشاكل بسبب أفعاله التافهة».. هكذا تقدمت فتحية صاحبة الــ 65 عاماً، بشكواها خلال دعوتها التى أقامتها أمام محكمة الأسرة، ضد زوجها العجوز، وطالبت بالخلع منه حتى تتخلص من فضائحه التى أضرت بسمعتها وسمعة أسرتها وأولادها.
فى واقعة طريفة وغريبة شهدتها أروقة محكمة الأسرة بإمبابة، وقفت سيدة عجوز متكئة على عكازها أمام المنصة وسردت مأساتها قائلة: «بعد مرور 40 سنة على زواجى من أبوعيالى «جلال» تحملت معه خلالها مرارة الأيام، حيث إنه كان يعمل بمهنة بسيطة فى تجارة الخردة، وكنت أساعده فى عمله حتى نستطيع تحمل أعباء الحياة، واستمرت الحياة فيما بيننا على الرغم من عصبيته الزائدة فى كل شىء، ولكنى كنت أتجاهلها حتى تسير حياتنا، وللمحافظة على بيتى، خاصة كنت رزقت منه بثلاثة أبناء.
كنت أبذل قصارى جهدى للمواظبة بين معاونتى له فى عمله، وبين القيام بأعمال المنزل وتربية الأبناء وإعداد الطعام وغيره من المتطلبات حتى لا أشعره بالتقصير، كنت ألاحظ تعمد زوجى التلصص بعينه على السيدات وأفعال المراهقة التى يجب ألا تصدر من رجل قد تقدم به العمر مثله، وكان دائم السهر والتواجد خارج المنزل لإرضاء نزواته، وعندما كنت أساله كان يتحجج بالعمل، اعتدت على أفعاله المريرة ولم أشغل بالى به، وتحملته من أجل أبنائى، ومرت الأيام وتزوج أبناؤنا.
أصبحنا أجداداً وظننت أن زوجى سيحترم شيخوخته ويتوقف عن أفعاله، ولكنه تمادى فى أعماله الشائنة، حتى توالت الشكاوى، وأوقعنا فى العديد من المشاكل مع الجيران بسبب معاكسته بناتهم تارة وزوجاتهم تارة أخرى، ومشيه البطال وراء البنات فى الشوارع، حتى أصبح زوجى العجوز المراهق حديث المنطقة، فلا يخلو مجلس عن الحديث عنه واصفين إياه بالمجنون، فاض بى الكيل طالبته بأن يتزوج من غيرى حتى يشبع شهواته، ونزواته بعيداً عن الطرق الصبيانية التى يتبعها وتسيء لسمعتى وسمعة أولاده وأسرتنا جميعاً، ولكنه رفض وأصبحت أفعاله بمثابة الداء الذى يجرى فى عروقه، يتلذذ به.
وتقهقه الزوجة بضحكات مليئة بالخجل: يا سيادة القاضى زوجى تنطبق عليه مقولة المثل المعروف «بعد ما شاب» عملت معاه أنا وأولادى المستحيل عشان حاله ينصلح، ولكن دون جدوى، وقته كله يقضيه فى السير والتلصص خلف النسوان، وكانت آخر مرة جعلنى خلالها أضحوكة بين جيرانى بعد مغازلته جارتنا الطالبة الجامعية فى سن أحفاده، والسير خلفها وطلب منها أشياء تغضب الله، ما جعله يسيء لى ولسمعتى، وعندما كنت أواجهه بذلك ينكر ويتعصب.
واختتمت السيدة حديثها وتبعث نظراتها الحائرة من خلف نظارتها للمتواجدين بقاعة المحكمة وبهمسات متقطعة نظراً لكبر سنها «أنا عارفة أن الدنيا كلها مندهشة، خاصة بعدما مر بنا العمر حتى وصلنا لهذه السن.. ولكن حرصى على ما تبقى لى من سمعة، وحرصاً على سمعتى بعيداً عن ذلك العجوز المتصابى، طلبت منه الطلاق والانفصال مرات عديدة ولكنه رفض تماماً، ووصلنا معه لطريق مسدود بسبب تصرفاته، ولهذا لجأت إلى المحكمة ورفعت دعوى خلع للتخلص منه ومن أعماله التى تجلب لنا العار والمعاناة، حتى أن يأتينى أجل الله.. وما زالت تلك القضية النادرة أمام مكتب تسوية المنازعات لم يتم الفصل فيها.