استعرضت مجلة "المونيتور" الأمريكية، تأثير التقارب البريطاني الخليجي، الذي بدأت تتشكل ملامحه عقب حضور رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي أقيمت في البحرين في أوائل الشهر الجاري، على مصر وأزمات منطقة الشرق الأوسط.

وقال الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، للمجلة: "يأتي هذا التقارب في وقت تعاني فيه العلاقة بين مصر والسعودية من ناحية، وبين قطر من ناحية أخرى من حالة من الضغط والتوتر الذي لم يسبق له مثيل"، واعتبر غباشي أن السعودية وقطر تعتبران أكثر دول المجلس تأثيرا في المشهد الإقليمي.

وأشارت المجلة إلى أن الأزمة بين مصر والسعودية تعود إلى 8 أكتوبر الماضي، عندما صوتت مصر لصالح مشروعي قرار قدمتهما فرنسا وروسيا خلال جلسة مجلس الأمن في شأن الأوضاع في سوريا، وهو ما وصفته السعودية بالأمر "المؤلم"، أما فيما يخص الأزمة مع قطر، فترجع إلى فترة ما بعد ثورة 30 يونيو 2013 والإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان التي اعتبرتها مصر تنظيما إرهابيا، ورغم ذلك قدمت لهم قطر المساعدة بإيواء عدد من قيادتها.

ورأى معتز سلامة، رئيس وحدة الدراسات الخليجية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في حديثه مع المجلة: هذا التقارب طبيعي، خاصة في ظل استعداد بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي رسميا في مارس المقبل، وبما أن دول الخليج تعتبر ثاني أكبر مستورد غير أوروبي للبضائع والخدمات البريطانية، وتبلغ قيمة الاستثمارات الخليجية في بريطانيا 1.26 مليار دولار، فتبحث لندن إبرام اتفاقيات تجارية منفردة مع دول الخليج.

أما الدكتور غباشي، فوجد أن الأهمية في هذا التقارب تعود إلى بحث دول مجلس التعاون الخليجي عن شريك دولي لها بعد توتر العلاقات مع واشنطن، وتصاعد هجوم الرئيس المنتخب دونالد ترامب على دول الخليج، ووصفهم بأنهم لا يملكون سوى الأموال، وهو ما يعتبر انتقاص من الشأن الخليجي في المنطقة.

ومن وجهة نظر غباشي، فإن التقارب بين الخليج وبريطانيا يعد خطوة جديدة نحو توسيع الفجوة في العلاقات بين مصر والخليج، وهو ما سيؤثر بالضرورة على الأزمة السورية التي تتبنى فيها مصر موقف مختلفا للسعودية، فضلا عن أن المد الشيعي الذي تقوده إيران في المنطقة، الذي تعتبره دول الخليج أبرز ما يهدد أمنها القومي، فيرى غباشي أن هذا الملف لا يدخل ضمن أولويات مصر، وهو ما جعل دول الخليج تبحث عن شريك آخر.

إلا أن هذا الرأي جاء مخالفا لما قاله الدكتور سلامة الذي اعتبر أن هذا التقارب لن يؤثّر على مصالح مصر في المنطقة، بل على العكس من ذلك، فيمكن لدول الخليج أن تستثمر التقارب مع بريطانيا في الضغط عليها في تغيير وجهة نظرها بشأن دعمها المستمر لتنظيم الإخوان في مصر، بشرط تعزيز العلاقات بين مصر والخليج، ولكن في الوقت ذاته يتوقع الدكتور سلامة ألا تشهد العلاقات المصرية الخليجية تطورا ملحوظا في القريب العاجل.

وختمت المجلة تقريرها بما قاله الدكتور سلامة: "مصر لن تقف موقف المتفرج أمام أي تعاون من الممكن أن يقوض من دورها في المنطقة، فمصر ليست طرفا غير فعّال في المنطقة، نظرا لقدرتها على جذب تشكيل تحالفات يخدم مصلحتها، ويحافظ على أمنها القومي.