ننشر البحث الطبي النادر، الذي تم عرضه في عام 1917م أى منذ قرن من الزمان حين ألقي الطبيب أمين الجمل، الذي عمل في سوريا لمدة 30 سنة بحثا طبيا في مدينة المنصورة بالدقهلية، أمام اتحاد الأطباء المصريين بعنوان أمراض سوريا ومصر، وذلك ايمانا منا بأن «الحروب التي تعيشها سوريا حاليا من أجل تمزيق دولتها الخالدة كالأمراض التى كانت تقضى سنويا على آلاف السكان».

 وأكد أمين الجمل الطبيب بالأدلة العلمية والوقائع التاريخية تشابه الأمراض في القطرين، محذرا بلغة جازمة للمصريين والسوريين معا "حين تكون في خير فجارك أيضا في خير".

 ولم يكتف الجمل بنشر بحثه العلمي، الذي تلقفته الصحف المصرية والمجلات الثقافية مثل مجلة المقتطف الذي نشرته كاملا في عام 1917م بسبب لغته العذبة الراقية بل شرح بإسهاب الاتصال الكبير بين البلدين، حيث مثلت سوريا ومازالت حتى وقتنا الحالى أحد أسس الأمن القومي لمصر.

وكشف الجمل عن قصة وباء حمى الضنك والنزلة الصدرية التى قدمت لمصر من خلال روسيا وأوروبا واتجهت لسوريا، حيث قضت علي ثلث السكان في عام 1899م و1890م حيث أرسلت الحكومة المصرية حملة عسكرية بوفد طبى هناك لإنقاذ سكان سوريا، حيث قامت الحملة بإنشاء حجر صحى فى بيروت مع إرسال أطباء أجانب مع الأطباء المصريين.

 وقال أمين الجميل، أن ماحدث من إنقاذ السكان "بفضل أجدادكم المصريين ياكرام" إذا حلت الأوبئة بأحد البلدين ذهبت للآخر في منتهي السرعة مثل الطاعون الذي وصفه أمين الجمل بأنه يركب مكوكا للبلدين مصر وسوريا والذي ذكر في الكتب المقدسة كالتوراة والإنجيل.

ولفت إلى أن واقعة طاعون جيش نابليون بونابرت في 1799م الذي اتجه من مصر لبلاد الشام قضي علي 2000 جندي كان الهواء الأصفر الذي يغشي الإسكندرية ينتقل بسرعة لبيروت أو أحد ثغور سوريا.

ويوضح الجمل أن هناك الكثير من الأمراض لا تتواجد في مصر وسوريا مثل مرض النوام والسرطان المعدي والقرمزي فهو نادر أو قليل الحدوث في البلدين – حيث يذكر أمراض زمانه - كذلك هناك من الأمراض المتواجدة في مصر وغير المتواجدة في الشام وبالعكس، وهناك ما هو مشترك وهناك، فبعض الأمراض التي تتكيف مع مناخ القطر كلا علي حدة.

وأضاف، أن مرض الدرن الذي يقتل مليونين من البشر ويقتل خمس سكان أوروبا قليل في مصر وسوريا، وذلك يرجع لاعتدال المناخ في القطرين، كاشفا أن الكثيرين من المهاجرين السوريين في بلاد أوروبا وأمريكا يعودون مسلولين "مصابون بالسل"، وكذلك الطلبة الذين يتم إرسالهم لتعلم الطب في أوروبا.

ولفت إلى أن مرض السل قليل في مصر وسوريا بسبب المناخ أيضا، محذرا أن مرض الزهري سينتقل لسوريا ومصر ما لم تقم الحكومات بهدم الخانات والمواخير واستبدالها بساحات رياضية، تلعب فيها الفروسية والألعاب الرياضية التي تقوي الجسم.

ويقول الجمل، أن مرض البلهارسيا لا يتواجد في سوريا بينما يتواجد في مصر لان السوري لا يستحم في الترع، والمدهش أن أحد الأطباء الأجانب أرسل مصريين مصابين بالبلهارسيا لبلاد الشام فعادوا متعافين من الإصابة بهذا المرض اللعين الذي يسبب حصي المثانة ويؤدي لهلاك للفلاح.

 وطالب الجمل من الأطباء المصريين، نشر إعلانات لتقطير المياه ولو من خلال أزيار الفخار كي تكون وقاية للمصريين من مرض البلهارسيا، مؤكدا أن الفلاحين في الشام، وأن لم يصابوا بالبلهارسيا فهم يصابون بمرض خطير وهو البلغرا وهي تطهي الجلد وتكسوه كأنه مصبوغ باليود، فهذا المرض لا يتوطن فى مصر بقدر ما يتوطن في بيئة سوريا وبلاد الشام.