في يناير 1999، كانت دور العرض في مصر في انتظار عدد ضخم من الأفلام السينمائية لنجوم السينما والتمثيل، أبرزهم كان النجم والزعيم عادل إمام، الذي كان انتهى وقتها من تصوير فيلمه «الواد محروس بتاع الوزير»، ونجمة الجماهير نادية الجندي بفيلمها «الإمبراطورة»، إلى جانب الفنان أحمد زكي وفيلمه «أرض الخوف»، والذي كان من إخراج داود عبد السيد. 

في هذا التوقيت كان اسم الزعيم محلقا في السماء، لا أحد ينافسه على الساحة، كانت أرقام الإيرادات في السوق دائما في صالحه، إلا أن هذه الفترة شهدت ظهور نوع جديد من الكوميديا الشبابية، تزعهما شاب صغير –وقتها- يدعى محمد هنيدي، استطاع أن يقتنص دور البطولة الأولى في فيلم «صعيدي في الجامعة الأمريكية» حقق من خلاله نجاحًا كبيرًا عند عرضه في نهاية عام 1998، والذي بات من وقتها، مؤشرا في الصحافة على «موت الزعيم» في السوق دائما. 

قالت الصحافة ووسائل الإعلام وقتها، إن الزعيم هرب من منافسة الشاب محمد هنيدي، وأجّل عرض فيلمه إلى شهر يناير من العام الجديد خوفًا منه، خصوصا بعد أن رأى إقبالا مهولًا على دور العرض في الأيام الأولى لعرض الفيلم. 

لم تقف الصحافة عند هذا الحد، وقالت إن نجاح «صعيدي في الجامعة الأمريكية» أصاب الزعيم بـ«التوتر» وجعله يعدّل في سيناريو «الواد محروس بتاع الوزير» كي يظهر العمل بشكل أفضل ليستطيع المنافسة. 

 ونشرت الصحف في نهايات 1998، نتائج إيرادات العام، استنادًا إلى إحصاءات غرفة الصناعة السينما، والتي أوضحت أن فيلم «صعيدي في الجامعة الأمريكية» حصل على إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه، وهو رقم لم يكن مسبوقًا وقتها في تاريخ السينما، بينما حصل فيلم «رسالة إلى الوالي»، والذي صدر في يناير 1998 على 2 مليون و815 ألف جنيه، وهو الرقم الذي أقلق الزعيم –بحسب الصحف- وجعله يؤجل الفيلم حتى لا يواجه «صعيدي في الجامعة الأمريكية» الذي استمر في عرضه للشهور الأولى من 1999. 

 منافسة متجددة

تكررت المنافسة مجددًا، بين الزعيم ومحمد هنيدي في العالم التالي، فاستعد «إمام» لعرض فيلم «هاللو أمريكا» في يناير 2000، بينما كان محمد هنيدي يعرض فيلمه الجديد «همام في أمستردام» والذي حقق إيرادات كبيرة، بينما لم يحقق «هاللو أمريكا» أي نجاح. 

وفى هذه المرة، اشتعلت الصحافة وانشغلت بهذا الشاب الذي قضى على أكبر عمود في الفن المصري، وهو الزعيم، وزادت التكهنات بأن هناك خلافات شديدة بينهما، لدرجة أن كان هناك اعتقادا بأن الزعيم يفكر في الاعتزال. 
 
    ظهور اللمبي
ستظل شخصية «اللمبي» التي قدمها محمد سعد، علامة أساسية في تاريخ السينما المصرية، نظرا للنجاح الكبير الذي حققته أفلام محمد سعد بفضل هذه الشخصية، والتي جعلته يقتنص البطولة المنفردة في فيلم «اللمبي» عام 2002، لتعتبره الصحافة فارسًا جديدًا ظهر للقضاء على الزعيم عادل إمام، الذي كان يعرض في هذا التوقيت فيلم «أمير الظلام».

واستطاع «اللمبي» أن يقلب كل الموازين رغم الهجوم الشديد الذي تلقاه من الصحافة والسينمائيين والأخلاقيين باعتبار أن هذه الشخصية سوف تفسد جيل الشباب، وحقق رقما كبيرا بلغ 21 مليون جنيه، وقت أن كانت أغلى تذكرة سينما في مصر لا تتعدى 20 جنيها، بينما بلغت إيرادات «أمير الظلام» 9 ملايين جنيه وبضعة آلاف. 

ورغم تفوق محمد سعد في الإيرادات على الزعيم، إلا أن هذا العام شهد سقوطًا مدويًا للنجم محمد هنيدي بإيرادات فيلمه «صاحب صاحبه» 7 ملايين جنيه، وهو ما يعني تفوق «الزعيم» عليه. 



    التجربة الدنماركيةأثبت الزعيم في 2003، عند عرض فيلمه «التجربة الدنماركية» مع مجموعة من الشباب، أنه فنان لا يموت، وأنه قادر على أن يقوم وينافس مهما مر الزمان عليه، فحقق فيلم التجربة الدنماركية نجاحا كبيرًا وإيرادات بلغت 16 مليون جنيه، بفارق بسيط عن فيلم «اللى بالي بالك» لمحمد سعد، واستطاع الفيلم أن يتفوق على فيلم «عسكر في المعسكر» لمحمد هنيدي، الذي بدأت أسهمه تتأرجح ما بين نجاح كبير ونجاح متوسط. 
     صعود أحمد حلمي

كان لصعود أحمد حلمي في 2003 ونجاحه من خلال أولى بطولاته في فيلم «ميدو مشاكل»، سببا في حدوث نميمة وتكهنات كبرى، بأن هناك شابًا جديدا دخل إلى صراع الجيل الجديد، بزعامة محمد هنيدي ومحمد سعد وهاني رمزي، ضد المتبقى الوحيد من الجيل القديم عادل إمام. 

إلا أن الزعيم استطاع أن يعيد حساباته مرة أخرى، ويقف على أسباب صعود هذا الجيل ونجاحه، ليواكب هذا النجاح، فهو لا يقبل الفشل وصاحب النفس الطويل، ويمتلك من القدرات ما يجعله على القمة دائمًا، وبالفعل استطاع أن يمسك «الزعيم» باللجام مرة أخرى عندما استطاع أن يحقق أعلى الإيرادات مرة أخرى في فيلم «السفارة في العمارة»، متفوقا على «هنيدي» و«حلمي» و«هاني رمزي».


الزعيم والأسطورة
هذه المرة، التنافس في التليفزيون وليس السينما، فالسينما الآن لم تعد جاذبة لأغلب الفنانين، الذين اتجهوا إلى الدراما التليفزيونية، لِما تحققه من مكاسب مادية كبيرة الآن. 

توقف الزعيم عن العمل السينمائي بعد تراجع مجدد في فيلم «زهايمر» عام 2010، وعاد مرة أخرى إلى الدراما بعد توقف طويل، ففي 2011 عرض الشاشات مسلسل «فرقة ناجي عطا الله»، واستطاع أن يحقق نسبة مشاهدة عالية، وسط نجوم الدراما ونجوم الشباك الأول، بعد تنافس شديد مع النجم الشاب أحمد مكي في مسلسله الشهير «الكبير أوي».

على الجانب الآخر، كان هناك شاب صغير، ما زال يحبو في السينما اسمه محمد رمضان، لقطه المنتج محمد السبكي ليجعله بطلا لعدد من الأفلام التي لا تعيش والتي تقدم للجمهور سريعا.

استطاع هذا الممثل أن يحقق نجاحا غير مسبوق، وكان هجوم الصحافة عليه في صالحه؛ لأنها صنعت منه شابا صاحب قوة كبرى وخارقة مبالغ فيها؛ القوة هي أنه «أفسد الجيل»، وهو أمر جعله يستمر في اللون الذي يقدمه حتى يكون مثيرا للجدل ومادة ثرية للصحافة والكتابة. 

دخل محمد رمضان إلى التليفزيون من خلال مسلسل «ابن حلال»، الذي حقق نسبة مشاهدة عالية أكثر من مسلسل «صاحب السعادة» لعادل إمام، ثم وصل التنافس إلى ذروته عندما أصبح الزعيم والنجم الجديد وجها لوجه على قناة واحدة "إم بي سي مصر". 

وحقق النجم الشاب نجاحا ضخما من خلال مسلسل "الأسطورة" الذي عرض في رمضان الماضي، بينما لم يحقق "مأمون وشركاه" نجاحا ملحوظا، وهو الأمر الذي جعل "رمضان" يشعر بالزهو والتفاخر في كل أحاديثه الصحفية والإعلامية، خصوصا بعد أن أصبح الممثل الأعلى أجرا.        ويبقى سؤال، هل سيلحق محمد رمضان في يوم من الأيام بمصير محمد هنيدي ومحمد سعد وأحمد مكي، الذين خفت ضوؤهم بعد نجومية لامعة ومشوار طويل من النجاح؟ إن كل هؤلاء ذهبوا وبقى في النهاية الزعيم بأعماله وقيمته رغم مرور أجيال عديدة عليه؟.

إنه يتراجع ويعود لينافس، ثم يقع فيقاوم مرة أخرى بروح لا يملكها أي ممثل في تاريخ مصر، فينافس من جديد كأنه نجم في أوج شبابه.