حمى ضرية" لا تزال حاضرة تتحدث عن تاريخ أسود عاشه العرب متمثلاً بـ "حرب البسوس" التي وقعت نتيجة قتل كليب والثأر له. كل شيء يروى عن واقعة حدثت في ذلك المكان. لو نطقت الحجارة لقالت الكثير عن أشعارٍ نظمت في "حمى ضرية".

وتقع أسماء المواقع ضمن حمى ضرية الممتد من غرب القصيم وحتى حدود المدينة المنورة ومنطقة الرياض ومكة في عالية نجد، وهي أحد أهم المراعي التي لا تزال وفيرة النبات والمرعى.

وتضم حمى ضرية هضاباً جرانيتية جميلة تحمل أسماء وردت في شعر العرب ولا تزال تحمل الاسم نفسه كما في واردات وجبل الستار ووادي الجرير وهضاب الذنائب التي انطلقت منها معركة البسوس.

خلال رحلة استشكافية، رافقت "العربية.نت"، التي نشرت التقرير الدكتور عيد اليحيى، إلى موقع ماء الذنائب الذي يقع جنوب غرب محافظة عفيف بـ80 كيلومتراً، عند هضاب الذنائب التي تحمل الاسم نفسه، وهو الموقع الذي طعن جساس ابن عمه كليب عند الماء بعد خلاف طال أمده.

كيف نستدل على المواقع؟

أوضح الدكتور عيد اليحيى أن شعر العرب يعد دليلاً واضحاً على مواقعهم، فهم يسمون المواقع كما هي، وهو ما وصلنا في الوقت الحالي. يقول المهلهل بن ربيعة في قصيدة رثى فيها أخاه "كليب" ويذكر فيها مواقع متعددة لا تزال تحمل نفس الاسم حتى وقتنا الحالي:

اليلتنا بذي حسم انيري إذا أنت انقضيت فلا تحوري
فإن يكن بالذنائب طال ليلي فقد يبكى من الليل القصير
فلو نبش المقابر عن كليب فيخبر بالذنائب أي زير
بيوم الشعثمين لقر عينا وكيف لقاء من تحت القبور
فإني قد تركت بواردات بجيرا في دم مثل العبير
وهمام بن مرة قد تركنا عليه القشعمان من النسور
كأن غدوة وبني أبينا بجوف عنيزة رحيا مدير
فلولا الريح اسمع أهل حجر صليل البيض تقرع بالسيوف

 الأسماء مكررة!

ونوه الدكتور عيد اليحيى بأن الأسماء مكررة، خصوصاً للمواقع، لكن حينما نجد جميع المواصفات تنطبق على هذا الموقع فإنه يترجح ويصبح واضحاً لمن ينزل للميدان ويحقق في تلك المواقع: "حينما نجد جبل خزاز وجبل واردات وجبال الستار ووادي الجرير وحسم والذنائب وجميعها في موقع واحد ومتقاربات فإن الترجيح يصبح حقيقة واضحة لمن يتركون تقليب الصفحات ويهوون النزول للميدان والمشاهدة الماثلة للعيان".

وأضاف اليحيى أن حمى ضرية، موقعٌ جغرافيٌ هام، ويستحق أن يكون حمى منذ عهد كليب وحتى أصبح أيضاً حمى في عهد عمر بن الخطاب، وكذلك عثمان بن عفان، حيث أصبحت ضرية وحماها لإبل الصدقة وإبل بيت مال المسلمين بعد أن كثرة وأصبحت بالآلاف.

ولا تزال "ضرية" وحماها مرتعا للإبل حتى الوقت الحالي، وهي من أفضل المراعي في الجزيرة العربية على الإطلاق.