فتح عدد كبير من المتعثرين المصريين الذين انتقلوا للعيش في «المحروسة» بشكل نهائي، باب التفاوض مع البنوك المحلية الدائنة لهم، بهدف التوصل إلى تسوية تضمن لهم التوقف عن أي ملاحقة قضائية يمكن أن تتخذها هذه البنوك بحقهم في أماكن إقامتهم، على أن يشمل التفاهم في هذا الخصوص التوصل إلى جدولة ما تبقى عليهم من مديونيات على أن يضمن هذا الاتفاق إسقاط جزء من قيمة الأموال المطلوبة منهم.
وفي التفاصيل، كشفت مصادر ذات صلة، أن عدداً من المقترضين المصريين الذين توقفوا بالفعل عن سداد أقساطهم في الفترة الأخيرة، أفادوا بنوكهم الدائنة عبر مراسلات الكترونية وغير الكترونية، بأنهم لا يرغبون في التهرب من سداد الأقساط المتبقية عليهم، لكن التغيرات الواسعة التي طرأت على أسعار صرف الجنيه أخيراً، (بات رخيصا جداً مقابل سعر صرف الدينار) جعلت من الصعب عليهم الاستمرار في سداد الأقساط المطلوبة منهم بالكفاءة الائتمانية نفسها.
واقترح هؤلاء بحسب المصادر أن يتم تخفيض ما تبقى عليهم من مديونيات، بما يراعي الفارق الواسع المسجل حاليا بين سعر صرف عملتهم والدينار.
وبينت المصادر أن هؤلاء المتعثرين سوقوا مقترحاتهم هذه على بنوكهم المحلية عبر وسطاء لهم، لكن النقاشات الأولية أظهرت عدم رغبة الجهات الدائنة تقديم أي خصومات على قيم المديونيات المتعثرة، على أساس أنها غير مسؤولة عن التراجع الكبير الذي حصل في سعر صرف عملتهم.
وأضافت المصادر «ان القبول بمثل هذه المقترحات يجعل من تكلفة الأموال الموجهة لإقراض هذه الشريحة باهظة، ومن ثم يكون خيار ملاحقة المتعثر الهارب قضائيا من خلال إقامة دعوة مطالبة، أفضل، خصوصا وأن أي أحكام تصدر في هذا الخصوص تضمن تحمل الممتنع عن السداد لرسوم قضائية وإدارية ومصرفية علاوة على الفوائد وغرامات التأخير.
بيد أن بعض المتعثرين الجادين يحاولون إقناع دائنيهم بأن التوصل إلى تسوية معهم، تضمن للجهات الدائنة اختصار الدورة الزمنية التي يمكن أن تستغرقها الأخيرة في ملاحقتهم قضائياً، خصوصا وأن المتعثر يستطيع تعطيل أي أحكام صادرة بحقه بالطعن على إجراءاتها، ما يطيل فترة الفصل في هذه النوعية من الأحكام.
علاوة على ذلك، لفت هؤلاء إلى أن غالبيتهم من أصحاب المديونيات الصغيرة التي لا تتجاوز في معظمها سقف 5 آلاف دينار، وأن أي اتفاق في هذا الشأن سيوفر الجهد القضائي الذي يمكن أن تبذله الجهات الدائنة، كما انه يضمن عودة العديد من الديون إلى الانتظام ما يخفف من ضغوطات المخصصات الاضافية المتأتية من هذه المبالغ.
وبينت المصادر أن بعض البنوك تقوم غالبا بمنح تسهيلات شخصية بضمان نهاية الخدمة أو مقابل أصل استهلاكي، غالبا ما يكون عبارة عن سيارة تظل مروريا مسجلة تحت بند مطلوبة للأقساط إلى حين السداد، ما يمنع التصرف فيها إلى حين انتهاء الأقساط، لكن يبدو أن بعض المصارف أبدت ضمن سياستها الائتمانية، خصوصا تلك الموجهة إلى تمويل السيارات، بعض المرونة، تخلت معها عن الحاجة لتسجيل عبارة مطلوب للسداد في «المرور»، ما دفع بعض العملاء إلى نقل الأصل المسجل مقابل المديونية إلى بلادهم في مسعى منهم للاستفادة منه هناك بعد تنفيذ إجراءات الجمرك المطلوبة.
وإلى ذلك قالت المصادر «وقتها لم تكن غالبية العملاء المتعثرين تنوي التوقف عن السداد، بل إنهم التزموا بدفع الأقساط المستحقة عليهم بانتظام، لكن شيئاً مالياً تغير في حساباتهم أضعف من قدرتهم على الاستمرار في السداد بالكفاءة نفسها، بسبب تراجع قيمة سعر صرف عملتهم إلى مستويات ضاعفت قيمة القرض (وفقاً لحسابات عملتهم الحالية) إلى ضعفين وربما ثلاثة أضعاف قيمته عند الاستدانة، وهنا تولدت الحاجة المحاسبية لديهم في إبداء التفاهم مع البنوك الدائنة على إبرام تسوية تضمن لهم إسقاط جزء من المبالغ المستحقة لهم». وفي المجمل، استطاعت جميع البنوك الكويتية في الفترة المالية الماضية تجاوز، ما يعرف بأزمة ديون الشركات المتعثرة التي نجمت عن الأزمة المالية التي بدأت في العام 2008، عبر تخفيض نسبة الديون غير المنتظمة في محافظها إلى مستويات منخفضة جدا، قلت لدى غالبية المصارف عن واحد في المئة، وحتى البنوك التي تتجاوز نسبة الديون غير المنتظمة في محافظها عن واحد في المئة بات لديها مستويات تغطية عالية تتجاوز المئة في المئة.