كل الطرق تؤدي إلي وابل من الأزمات التي لا تنتهي، في خريف من التقلبات، يحمل بين ثناياه أنواء موجة دراماتيكية، تحيط ببلاد الحرمين الشريفين من كل إتجاه، من الحوثين شرقًا إلي إنقلاب الحليف الأمريكي غربًا، جعل البعض يخشي أن تتداعي الأمور، ليتحول الخريف إلي إعصار لا يبقي ولا يذر.
 
لم يكن اعتراض السلطات السعودية لأحد الصواريخ البالستية المتجه صوب مدينة مكة المكرمة، سوي إيذانًا بحدوث تطور نوعي، يدق ناقوس الخطر في أرجاء المملكة، بعد أن تحولت البندقية، وأصبحت لا تخشي حرمًا آمنا أو تأبه مقدسًا.
 
وتمر المملكة العربية السعودية بفترة حرجة علي كافة الأصعدة السياسية والإقتصادية، بعد أن داهمتها الأزمات، والتي تحمل في جعبتها بشكل يومي كل ما هو جديد ومثير ومن أبرزها.
 

" أسعار النفط"

جاءت رياح أسعار النفط بما لا يشتهي إقتصاد المملكة، فبعد سنوات طوال من اعتماد المملكة علي البترول كمورد رئيسي وأساسي، تنهل منه المليارات التي لا تعد و لاتحصي، هوت أسعار البترول سبعين خريفًا، بعد زيادة المعروض منه عالميا.
 
لكن إنخفاض أسعار الذهب الأسود لم تمضي بردًا وسلامًا علي السعوديين، فسرعان ما أعلنت وكالات التصنيف الإتئماني تخفيض ترتيب السعودية والذي ظل ثابتًا لعقود دون تغيير.
 
التغييرات السابقة دفعت الديوان الملكي السعودي، لإتخاذ عدة قرارات كمحاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، في ظل حالة الركود، التي بدأت تدب في أوصال إقتصادها عن طريق تبني سياسيات تقشفية، تعتمد علي تخفيض المرتبات وفرض رسوم جديدة علي شعائر العمرة وحزمة من القرارات الأخري.
 
وقد آثارت تلك القرارت العديد من الاعتراضات لدي العديد من الدول، التي اعتبرت تلك القرارت بمثابة الجباية الغير المقبولة.
 

"حرب اليمن"

في محاولة لإيقاف المد الشيعي المتزايد، وتغلغل النفوذ الفارسي وهيمنته علي العديد العواصم العربية، أردات المملكة أن تأخذ زمام المباردة في جارتها اليمن، رافضة الوقوف موقف المتفرج، بعد سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران علي العاصمة صنعاء وبعض المدن الأخري.
 
سارعت السعودية بتشكيل تحالف سني يضم بين أطيافه العديد من الدول، جعل الكفة تميل في بداية الصراع نحوها هي والموالين لها ، لكن بمرور الوقت بدأ ميزان القوي يختل من تحت أقدام المملكة.
 
وشهدت الشهور تمحور الصراع، بعدما تمكن الحوثيين من شن هجمات عديدة، استهدفت العديد من القطاعات الحيوية داخل بلاد الحرمين، كالمساجد والنقاط الشرطية، وكان آخرها هو إطلاق أحد الصواريخ البالستية صوب مكة المكرمة.
 

"قانون جاستا" 

في ما يشبه الإنقلاب، مرر مجلس الشيوخ الأمريكي قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب أو ما يعرف بقانون "جاستا"، ليتحول أصدقاء الأمس إلي أعداء اليوم.
 
القانون الذي يتيح لأسر ضحايا أحداث الحادي عشر من سبتمبر مقاضاة المملكة، وضع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خانة اليك، بعدما حاول استغلال سلطاته في التاثير علي مجلسي الشيوخ والكونجرس لأجل رفض القرار.
 
وبمجرد موافقة المجلسين علي القانون أصبح ساري المفعول، وهو ما دفع المملكة استخدام كل ما تملكه من قوة، سواء عن طريق تهديدها بسحب استثمارتها، بجانب استخدام النفط كوسيلة ضغط.
 
غير أن تلك التهديدات لم تحرك شعرة في الرأس الأمريكية، ليبقي الوضع كما هو عليه، لتترقب السعودية ما يحمله القدر لها في الأيام القادمة.
 

" خريف سياسي ودبلوماسي"

تشهد العلاقات المصرية السعودية في الفترة الماضية توترات حادة، تقود مسار العلاقات التي شهدت تعاونًا غير مسبوقًا بعد ثورة الثلاثين من يونيو، وتحديدًا عقب الإطاحة بنظام الأخوان.
 
دفعت الرؤية المختلفة للعديد من الملفات شمس إزدهار العلاقات نحو الأفول، وهو ما بدا جليا أمام العيان عقب تصويت مصر علي مشروع الفيتو الروسي بخصوص القضية السورية.
 
تسببت قرار التصويت المصري في حدوث حالة من التراشق الإعلامي بين البلدين، وبيانات شبه رسمية، تعتبر إقدام مصر بمثابة طعنة في حق المملكة وشعبها.
 
وعلي الجانب الاخر اكتفت مصر بالدفاع عن قرارها وحقها في التصويت لصالح ما تراه مناسبا، ولم تلبث الأمور في الإتجاه نحو الهدوء، حتي جاءت تصريحات إياد مدني وزير الثقافة والإعلام السعودي والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، والتي حملت تندرًا من تصريحات سابقة للرئيس عبد الفتاح السيسي، لتزيد الأمور اشتعالًا بين الطرفين، في دلالالة علي أن الخلاف مازال ممتدًا إلي حين.