أثار رفض مجلس الشيوخ الأمريكى لـ«فيتو» الرئيس باراك أوباما على قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» الذى يستهدف مقاضاة الدول المتورطة فى دعم الإرهاب، المعروف باسم «جاستا»، حالة من الجدل بسبب تداعياته المحتملة بعد ساعات من إعلان الرفض.
وأصبح التشريع قانوناً الآن رغم تحذير «أوباما» وكبار مسئولى «البنتاجون» من أنه قد يعرض المصالح والقوات الأمريكية للخطر.
وأقر عدد من النواب الذين صوتوا لصالح التشريع بأن عيوبه قد تدفع البعض فى دول تعارض سياسات الولايات المتحدة وتصرفاتها العسكرية إلى رفع دعاوى قضائية ضد الولايات المتحدة نفسها، إلا أن المؤيدين للتشريع يؤكدون أنه مصمم بشكل محدد وينطبق فقط على الأعمال الإرهابية التى تقع على أراضٍ أمريكية.
«الخارجية»: نتابع تأثيرات القانون.. و«آل خليفة»: أليس منكم رجل رشيد؟.. والريال السعودى يتراجع فى مواجهة الدولار.. وارتفاع تكاليف التأمين على الدين السعودى 5 نقاط
وقالت وزارة الخارجية المصرية، فى بيان أمس، إنها تتابع باهتمام القرار الصادر عن «الكونجرس» برفض حق الاعتراض «الفيتو» الذى مارسه «أوباما» على القانون، وتأثيراته المحتملة على مسار العلاقات الدولية خلال الفترة المقبلة.
وقال وزير الخارجية البحرينى خالد آل خليفة، على موقع «تويتر»، إن «قانون جاستا هو سهم أطلقه الكونجرس الأمريكى على بلاده.. أليس منكم رجل رشيد؟»، فيما اعتبر الكاتب السعودى جمال خاشقجى، أن بلاده هى المستهدفة بالقانون.
وسائل إعلام أمريكية: «الرياض» لديها ترسانة أدوات تواجه بها القانون الجديد.. و«فريمان»: رد السعودية قد يهدد مصالح «واشنطن»
وعلى المستوى الاقتصادى، تراجع سعر الريال السعودى فى مقابل الدولار الأمريكى، فى تعاملات أمس، بعد ساعات من تصويت «الكونجرس» على رفض «فيتو أوباما».
وسجلت عقود الدولار أمام الريال لأجل عام، وهى تداولات مجدولة للتنفيذ بعد 12 شهراً من الآن، عند مستوى 550 نقطة فى التداولات المبكرة ارتفاعاً عن إغلاق الأربعاء عند 330 نقطة.
وارتفعت تكلفة التأمين على الدين السعودى لخمس سنوات من مخاطر العجز عن السداد بشكل طفيف إلى 157 نقطة من 152.
ولم يطرأ تغير يذكر على سعر الصكوك الدولارية الصادرة عن الشركة السعودية للكهرباء المملوكة للدولة وهو واحد من عدد قليل من إصدارات السندات الدولية القائمة للمملكة.
من جانبها، قالت شبكة «إيه بى سى نيوز» الأمريكية، إن «المملكة السعودية لديها ترسانة كاملة من الأدوات التى يمكنها مواجهة القانون الجديد بها، ومن بين تلك الأدوات سحب مليارات الدولارات من الاقتصاد الأمريكى، إضافة إلى إقناع حلفائها من دول الخليج بالحد من التعاون مع الولايات المتحدة فى مكافحة الإرهاب وتقليل الاستثمارات الخليجية فى الولايات المتحدة، إضافة إلى تحجيم قدرة (واشنطن) على استخدام القواعد الجوية الإقليمية».
ونقلت الشبكة الأمريكية عن عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية الإماراتى، قوله: «يجب أن يكون واضحاً للولايات المتحدة وللعالم كله أن يعرف أنه حين تتعرض إحدى دول الخليج للظلم، فإن الجميع يلتف حولها. الجميع سيقف إلى جانب السعودية بكل الطرق الممكنة».
فى الوقت ذاته، قال شاس فريمان، المسئول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية وسفير «واشنطن» الأسبق لدى «الرياض»، إن المملكة السعودية قد ترد بطريقة تهدد المصالح الإقليمية للولايات المتحدة، مثل الحد من قدرة الولايات المتحدة على استخدام القاعدة الجوية القطرية التى تخرج منها الطائرات لاستهداف سوريا والعراق وأفغانستان.
وأضاف «فريمان»: «هذا القانون سيعرض التعاون السعودى الأمريكى فى مكافحة الإرهاب المعادى للولايات المتحدة، للخطر».
وقالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية إن التحرك الأخير من «الكونجرس» ضد المملكة السعودية يعكس مخاوف وقلق أمريكا حول الحملة التى تقودها المملكة فى اليمن وعلاقتها المزعومة بالتطرف.
ونقلت الصحيفة عن محللين أمريكيين قولهم «إن الحملة التى تقودها المملكة السعودية فى اليمن زادت الشعور بمعاداة السعودية فى أنحاء الولايات المتحدة».
وقال آندرو بومان، الباحث بمعهد وودرو ويلسون، إن «بعض أعضاء مجلس الشيوخ يبحثون عن طريقة لربط ما يحدث فى اليمن بأحداث الحادى عشر من سبتمبر، كطريقة لخلق مقاربة تثبت وجهة نظرهم بأن المملكة السعودية ليست حليفاً يجدر الوثوق به».
وقالت وكالة أنباء «أسوشييتدبرس» الأمريكية إن المملكة العربية السعودية وحلفاءها يستعدون للرد بقوة على القانون الأمريكى، لافتة إلى التحذيرات الخليجية السابقة التى وجهتها دول الخليج للولايات المتحدة من تداعيات إقرار القانون.
ولفتت الوكالة الأمريكية إلى أن المملكة السعودية ربما ستستمر فى الضغط من أجل معارضة القانون، لافتة إلى أنه «عندما أرادت السعودية الضغط على قطر لتحجيم دعمها للإخوان فى مصر، كانت هى رأس الحربة فى سحب غير مسبوق لسفراء الخليج من الدوحة عام 2014، ومن ثم تم عزل الدولة الصغيرة داخل مجلس التعاون الخليجى»، مضيفة: «وكذلك ضغطت السعودية على السويد حين هاجمت وزيرة الخارجية السويدية مارجوت فالستروم سجل حقوق الإنسان فى السعودية، وتسبب الهجوم الدبلوماسى الشرس الذى سددته المملكة السعودية بمساعدة حلفائها العرب فى تراجع السويد واعتذاراتها».
وتعتبر الإدارة الأمريكية أن القانون من شأنه أن يقوض مبدأ الحصانة التى تحمى الدول ودبلوماسييها من الملاحقات القانونية، وقد يعرض الولايات المتحدة لدعاوى قضائية أمام المحاكم فى كل أنحاء العالم، فيما حذر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سى آى إيه»، من أن «القانون ستكون له تداعيات خطيرة على الأمن القومى للولايات المتحدة، وتبعات على الموظفين الحكوميين الأمريكيين الذين يعملون من أجل بلادهم فى الخارج».