في حادثة غريبة، أعلنت وزارة الداخلية، أمس السبت، عن سقوط خلية إخوانية "تدعو للتشاؤم"، وذكرت في بيان أصدرته أن قادة جماعة الإخوان الإرهابية الهاربين لقطر وتركيا، أجروا اتصالات مكثفة بالعناصر الإخوانية داخل البلاد مؤخرًا، وتم الاتفاق على تشكيل ما يُعرف باسم «وحدة الأزمة»، تهدف إلى التشكيك في النظام، وخلق أزمات حقيقية وسريعة بين الشعب والحكومة وخلق جو من التشاؤم.

ودلت التحقيقات على أن المتهمين اتفقوا مع غيرهم من الكتائب الإلكترونية للجماعة على تصدير مشاهد التشاؤم عبر السوشيال ميديا واستغلال حادث غرق مركب رشيد وترويج أفكار هروب الضحايا من الفقر والبطالة والهروب من الموت إلى الموت، والإتجار بآلام البسطاء من الناس.

وأثارت التهم الموجهة إليهم، حالة من السخرية التي سيطرت على نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرينها تهما غير منطقية، كما أعرب غيرهم من النشطاء عن خوفهم من تنفيذ تلك التهمة ضدهم حال أعربوا عن رأيهم الذي قد تعتبره وزارة الداخلية "مدعاة للتشاؤم".

وتوضيحًا للوضع، قال المحامى والناشط الحقوقى وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، ناصر أمين، إن تهمة "خلق جو من التشاؤم" – غير قانونية – وما هي إلا تجسيد لتهمة "بث أنباء من شأنها أن توهن نفسية الأمة" التي طبقها نظام بشار الأسد في سوريا لتكميم أفواه الجميع ومارس من خلاله أسوأ أشكال انتهاك حرية الإنسان.

وأضاف أمين أن الجسد القبيح لقانون العقوبات المصري، يحمل تُهما بديلة عن "خلق جو من التشاؤم" والتي رفضتها النيابة، كتهمة "نشر أخبار كاذبة" أو "قلب نظام الحكم" أو "تكدير السلم العام" والعديد من التهم غير الواضحة وغير الإنسانية وغير الدستورية التي تستخدم كسيف على رقاب المعارضين وأصحاب الكلمة والصحفيين.

نشطاء "فيس بوك وتويتر"
وعن خطورة تلك التهمة على نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي خاصةً بعد تقرير هيئة المفوضين بالسماح لوزارة الداخلية بمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، قال "أمين"، إن المحكمة الإدارية العليا لن تقبل أبدًا بالموافقة على مراقبة وزارة الداخلية لمواقع التواصل الاجتماعي.

ويرى أمين أنه في حال استمرت تلك الانتهاكات الأمنية ضد المواطنين، سيحدث ما لا يحمد عقباه، فالشعب المصري لا يرضى بتكميم الأفواه ومحاسبة النوايا والأفكار – على حد قوله.

تهم غير قانونية
من جانبه، قال الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، إن التهمة الموجهة إلى ما أسمته وزارة الداخلية بـ"خلية الأزمة الإخوانية" هي تهم غير قانونية ولم ينص عليها قانون العقوبات المصري، وتابع مهران ساخرًا أنه إذا تخيلنا تطبيق تهمة تحمل اسم "خلق جو تشاؤمي" سيُحاكم أغلب الشعب بها ويُزج به إلى السجن، فالشعب يُعاني من اكتئاب مزمن جراء الواقع المؤلم الذي يعيشه، وأصبح التشاؤم جزءا من شخصية المصري – على حد قوله.

إغلاق الصحف والقنوات
وأضاف مهران، أن الصحافة مرآة الواقع، وإذا حللنا الأخبار اليومية، سنجد أن أغلبها حوادث دامية، وانهيار اقتصادي واضح، وتطورات إنشاء سد النهضة الإثيوبي والذي يهدد مصر بفقر مائي، وأخبار عن غلاء أسعار السلع، وغيره من الأخبار التي تعكس الواقع الذي نعيشه، ثم يتم مناقشة تلك الأخبار في البرامج الحوارية على شاشات التليفزيون، ثم يتم تجسيدها بالأعمال الدرامية، فإذا تم تطبيق قانون يجرم التشاؤم، سيتم إدانة أغلب الشعب، وإغلاق جميع الصحف وقنوات التليفزيون ومنع الأعمال الدرامية، الأمر الذي ينافي المنطق – على حد تعبيره.