التطور لا يضيف إلى قيمة الأشياء دائماً، فكثيراً ما ينتقص منها، وهذا ما فعله الزمن مع المنديل، فقديماً كان للمنديل الشخصى شكله الخاص فكان يصنع من القماش والحرير، وكانت خامة القماش التى يصنع منها المنديل علامة يمكن التفريق بها بين المستوى المادى والاجتماعى للأشخاص، فضلاً عن المعانى العديدة التى كان المنديل رمزاً لها.
تطور شكل المنديل:
كان المنديل قديماً عبارة عن قطعة من الأقمشة الناعمة، التى تقص على شكل مربع كبير الحجم، ثم بدأت الأقمشة الكاروه والمخططة أن تدخل إلى قائمة أشكال المناديل بعد أن قل الحجم بشكل نسبى، ثم ظهرت المناديل المصنعة من أقمشة سميكة لتوضع على السفرة الخاصة بالطبقات الأرستقراطية، وكانت تتميز هذه الطبقات بمناديلها المصنعة من الحرير الصافى الذى كان ياتى على مصر من الشام والعراق، ثم ظهرت المناديل القطنية التى استخدمها عامة الشعب حتى أوائل الثمانينيات، وبعد ذلك بدأت أشكال المناديل هذه فى الاندثار وحل محلها المناديل الورقية.
علاقة المنديل بالفن:
وربط المصريين بين علاقة المنديل بالفن، إذ غنى كثير من الفنانين قديماً إلى المنديل كأحد العلامات فى الحب، فقال العندليب الأسمر "ميل وحدف منديله"، كما غنى محرم فؤاد "افرش منديلك"، وغنى عبد العزيز محمود "منديل الحلو".
ومن أبرز المعانى التى كان يرمز لها المنديل عند المصريين:
1-الحب:
قبل أن تظهر التليفونات و السوشيال ميديا، كانت المواعيد الغرامية تعرف بأشياء معينة مثل الوردة الحمراء والمنديل، فكانت الفتاه تحمل منديلها الخاص الذى تشاور به على حبيبها، والعكس أيضاً فكان منديل البذلة يستخدمه الحبيب لوداع حبيبته، وكان أيضاً ذكرى يتركها الأحباب لبعضهما البعض.
2-الاهتمام:
قطعة من القماش ذات قيمة حقيقية، يعرف منها الزوج مدى اهتمام زوجته به، فلأن النساء قديماً كان يدركن أن قيمة زوجها وأناقته، فكانت تهتم بمناديل زوجها بشكل خاص فيغسلوهم بمفردهم، ثم تقوم الزوجة بكى مناديل زوجها وتنسق بين ألوانهم وألوان ملابسه، وترصهم فى درج خاص بهم، نظراً لأهميتهم.
3-المودة:
تواجد المنديل منذ قديم الزمن فى حفلات الزفاف، كأحد مراسم عقد القران، إذ يغطى المنديل يد العريس والعروس أو وكيلها فى إشارة إلى المودة و الترابط الدائم، وبعد أن كان منديل عقد القران له لونه الأبيض الناصع و خامه المصنوع من الحرير، أخذ يتطور إلى أن أضيفت له حالياً كثير من النقوش، لكنه ظل محافظاً على رونقه.
4-الأدب:
لم يكن المصريين قديماً يعرفوا المناديل الورقية، فكان المنديل القماش يستخدم للتخلص من المخاط بشكل مهذب يخفى الأنف والفم، للحفاظ على الشكل العام للشخص أمام الناس، وأخذت هذه العادة عن الرومانيين واليونانيين، ثم عن الفرنسيين، الذين صنعوا المنديل بحجم كبير ورصعوه بالأحجار الكريمة وهى التى ميزت مناديل الملكات، فضلاً عن هيبة المنديل التى يعرف بها الرجال فمن كان يسقط منديله فى المشاجرات كان ينتقص من هيبته وأدبه أمام الجميع.
وهناك عدد من المناديل التى أثرت فى المصريين:
منديل الزعيم جمال عبد الناصر:
فكان الزعيم جمال عبد الناصر أول الرؤساء الذين ارتدوا منديل بذلة بثلاث رؤوس، فى إشارة إلى الأهرامات الثلاثة، ثم بدأ من بعده الرؤساء استخدام المناديل بأشكال مختلفة.
منديل أم كلثوم:
كان ومازال منديل كوكب الشرق أم كلثوم من العلامات التى ميزتها، وظلت عالقة فى أذهان المصرين بشكلها فبعضها كان مرصع بالألماس، والبعض الآخر تميز بألوانه الزاهية، حتى أن مناديلها وضعت فى متحفها الخاص نظراً لقيمتها الهامة و كونى من أبرز مقتنيات الست.