في مثل هذا اليوم قرر القضاء الإسكتلندي السماح لعبدالباسط المقرحى ضابط المخابرات الليبي، المتورط في حادث "لوكيربي"، بالخروج من سجنه، دون استكمال مدة الـ27 عامًا التي عُوقب بها، بعد أن أدين بقتل 259 فردًا، هم مجموع راكبي الطائرة المدان بتفجيرها، إضافة إلى 11 من سكان القرية هوت أشلاء الطائرة ليلاً فوق منازلهم.
يظل "حادث لوكيربي" واحدًا من أكثر الأعمال الإرهابية دموية وغموضًا في تاريخ بريطانيا، فبجانب أنه خلّف أكبر عدد من ضحايا حادث من هذا النوع عبر تاريخ بريطانيا، فقُتل 259 راكبًا كانوا على متن الطائرة، بالإضافة لـ11 شخصًا آخرين، إلا أنه ورغم المحاكمة الطويلة المعقدة التي خضع لها هذا الملف، لا تزال تحيط به عشرات علامات الاستفهام التي لم تُحل حتى الآن.
في 21 ديسمبر 1988 انفجرت طائرة البوينج 747، التابعة لشركة بانام، "بان أميركان"، أثناء قيامها برحلتها رقم 103 فوق قرية لوكربي بـ 31 ألف قدم، الواقعة قرب مدينة دمفريز وغالواي الإسكتلندية ما أسفر عن مصرع 269 فردًا بشكل فوري، نظمت أمريكا وبريطانيا تحقيقات مكثفة لمدة 3 أعوام. وفي 14 نوفمبر 1991 تم توجيه الاتهام رسميًا للمقرحي ومواطنه الأمين خليل فحيمة بأنهما وراء هذه العملة، وكانا يعملان وقتها في مكتب الخطوط الجوية الليبية في مطار "لوقا" بمالطا.
وكان دليل الاتهام، بحسب التحقيقات، هو أن القنبلة كانت موضوعة وسط ملابس داخلية، لم يحرقها الانفجار ودلَّ فحص بقايا أنها من من محل تجاري في مالطا، شهد صاحبها أن من اشتراها منه هو المقرحي، وأدلى بوصف تفصيلي له بالرغم من أنه لم يره إلا مرة واحدة منذ 12 عامًا، وأدخلت التحقيقات القذافي على الخط، مؤكدة أنه تلقى نفذ هذا التفجير بناءً على تكليف رسمي من طرابلس، وأن وظيفته في الطيران ماهي إلا ستار يخفي وراءه حقيقة انتمائه للمخابرات الليبية.
رفضت ليبيا هذا الاتهام مرارًا، ورفضت أيضًا تسليم المتهمين فصدر قرار مجلس الأمن رقم 748 بتاريخ 31 مارس 1992 بفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية عليها، وبعد مفاوضات شاقة تم الاتفاق على محاكمتهما أمام محاكم دولة ثالثة هي هولندا، في محكمة خاصة عُقدت جلساتها في قاعدة جوية أمريكية سابقة، التي مثلا أمام قضائها في 3 مايو 2000.
وبعدها بـ9 شهور تقريبًا حكم ببراءة فحيمة وبإدانة المقرحي وحُكم عليه بالمؤبد يقضيها في سجن "بارليني" بإسكتلندا، وهو بحسب القوانين هناك لا يزيد عن 20 عامًا، أي أنه كان مفترض الإفراج عنه عام 2021، وهو ما لم يحدث.
وفي 2003 اعترفت ليبيا رسميًا بمسؤوليتها في الاعتداء، ثم دفعت 2.7 مليار دولار كتعويضات لعائلات الضحايا.
الإفراج عنه
في آخر مقابلة مع المقرحي صورت في ديسمبر 2011 قال "أنا رجل بريء. أوشك أن أموت وأطلب الآن أن أُترك بسلام مع عائلتي".
قرر وزير العدل الاسكتلندي كيني مكاسكيل في 20 أغسطس 2009 الإفراج عنه لأسباب صحية بعد تأكد إصابته بسرطان البروستات وتقدير الأطباء أنه "لن يعيش بسببه أكثر من 3 أشهر"، وأكد كيني أن أنه اتخذ قراره ليترك له الفرصة كي يموت في بلده، وهي حجة لم تقنع أحدًا وكثرت الشائعات حول تدخل شركة "بي بي" في هذا الأمر مقابل منحها امتيازات للتنقيب عن النفط في الأراضي الليبية، بالإضافة لوعد ليبي بصفقة أسلحة سخية مع لندن قيمتها تتجاوز الـ615 مليون دولار، وهو لغز آخر لم تنكشف حقيقته بعد بشكل واضح.
عاد إلى ليبيا بعد الإفراج عنه، واستقبل استقبال الأبطال من أهل بلدته، مع استمرار تصريحاته أنه بريء تمامًا من هذه التهمة، وأن الحكم عليه سياسي وليس قضائيًا.
ولم يظهر بعدها إلا مرتين؛ الأولى في ديسمبر حين صرح المقرحي لعدد من الصحف البريطانية في مقابلة وصفت بأنها "الأخيرة" بان الصحفي جون اشتون سيؤلف كتابا سيبرئه.
وأضاف لصحف من بينها التايمز والديلي ميل "أنا بريء.. أنا على وشك الموت، وأطلب أن يتركني العالم أقضي آخر أيامي مع عائلتي".
والثانية خلال الثورة الليبية 2011 بعد أن عرض التليفزيون الرسمي وجوده خلال مسيرة مؤيدة للقذافي.
الوفاة
وفي الأحد 20 مايو 2012، أعلن رحيله في منزله الواقع في حي دمشق بطرابلس، بعد أن بلغ مرضه مرحلة حرجة، كما أن الفوضى التي ضربت البلاد حالت دون تلقيه العناية الطبية الملائمة.