أعرب بعض المتابعين لمجال الخصوصية عن قلقهم حينما قالت هيئة الرقابة على المنافسة في بريطانيا، إنه يجب على البنوك مشاركة بيانات عملائهم لمساعدتهم في إيجاد عروض شراء أفضل.
ومع ذلك، يبدو أن هؤلاء يجهلون الكثير، فمعلوماتنا المالية يتم مشاركتها بالفعل وتخزينها، وتكون متاحة لتفحصها من جانب عدد من الهيئات الخاصة والعامة، وهو ما يعني أن ذلك الخطر الذي يخشى منه النشطاء موجود بالفعل.
صحيفة The Telegraph البريطانية قالت إن وكالات المرجعية الائتمانية - الشركات التي تعتمد على البنوك في جمع البيانات قبل منح العملاء قروضاً - هي أحد الأمثلة على ذلك، إذ يظن الكثير من المستهلكين أن تلك الوكالات تجمع بيانات حول سداد القروض الخاصة بنا، إلا أن هناك عدداً متزايداً وكبيراً من الشركات التي تفعل ما يتجاوز ذلك، إذ يطلعون حالياً على جانب جديد من البيانات المالية الشخصية، وهي تفاصيل البيع والشراء وبيانات الدخل المادي.
وتجمع تلك الوكالات البيانات حول كل قرشٍ تنفقه، إذ تفتخر شركة Equifax على سبيل المثال - من بين أكبر 3 شركات للمرجعية الائتمانية -، بأنها تجمع المعلومات حتى عن أصغر العمليات المالية، وتفعل الشركتان المتبقيتان وهما CallCredit وExperian الأمر نفسه.
تربح كل تلك الوكالات بالتأكيد من خلال السماح لمستخدميها بالاطلاع على ملفاتهم الائتمانية، إلا أن تلك الملفات لا تظهر ذلك الكم الذي يحصلون عليه من المعلومات حول الدخل الخاص بالعملاء.
ويعد جوهر عملها هو علاقتهم الوثيقة بالمقرضين، إذ تقوم تلك العلاقة بالأساس على جمع المعلومات من مصادر مختلفة ومن ثم بيعها بعد تحليلها ومعالجتها على النحو المطلوب.
كانت شركة CallCredit البريطانية على سبيل المثال، تفتخر بتفوقها عن منافسيها حينما اتخذت اتجاهاً جديداً منذ 10 سنوات، فبدلاً من تعقب مدفوعات العملاء لتسوية ديونهم، بدأت الشركة بجمع تفاصيل حول الأموال التي تدخل إلى حساباتهم، وهو دخلهم الشهري على الأغلب. واليوم، تحصل الشركة ومنافسوها على هذه البيانات من أغلب البنوك.
يقول مدير شركة CallCredit للحلول الائتمانية ايمون تيرني، إن المقرضين يحتاجون لمعلومات الدخل تلك للتأكد من أن العملاء لا يقترضون سوى ما يمكنهم "تحمله". وأصبح هذا المبدأ شائعاً بين المقرضين منذ الأزمة المالية الكبرى.
ما المعلومات التي يتم تمريرها؟
يقول تيرني إن البيانات التي تجمعها CallCredit تظهر الدخل بالكامل؛ سواءً كان الراتب الشهري أو المعاشات أو مبالغ ثابتة يتم تناقلها بين الأزواج. تتضمن البيانات أيضاً الدخل الوارد من تأجير العقارات وغيرها من الاستثمارات، كما أكد أن تلك البيانات دقيقة للغاية.
في المقابل، رفضت شركة Equifax الرد على السؤال ذاته، لكنها أخبرت عملاءها من رجال الأعمال سابقاً بأنه بإمكان الشركة الوصول لمعلومات حول الدخل لثلثي الحسابات البريطانية والتي يبلغ عددها 76 مليون حساب.
وقالت الشركة، "من المهم معرفة الحساب الجاري الأساسي: وهو الحساب الذي يتلقى عليه الشخص راتبه أو المبالغ التي يستلمها. من الممكن أن يأتي ذلك الرصيد من مصادر أخرى كالتحويلات من المدخرات وغيرها، لذلك يجب التمييز بين المصادر المختلفة للتداول لتحديد الدخل الحقيقي للعميل بدقة".
وتزعم الشركة أنه من خلال استخدامها لـ "خوارزميات معقدة"، فإنه بإمكانها تحديد ما إذا كان ذلك الحساب به ما يكفي من الدخل الثابت والمستقر أم لا.
الشركة الكبرى الثالثة في بريطانيا، وتدعى Experian، أكدت أيضاً أنها جمعت بيانات حول الدخل بشكل شهري من البنوك. وتخاطب الشركة عملاءها من أصحاب الأعمال قائلة، "تخيل فائدة أن نكون قادرين على رؤية الالتزامات المالية الدقيقة لعميلك".
وتقول الشركة إن أنظمتها قادرة على تحديد المتقدمين الذين ذكروا دخلاً مبالغاً فيه وغير حقيقي، وأنه بمجرد التأكد من الدخل المرتبط بشخص ما، فبإمكانهم استخدام ذلك لحساب قيمة الدخل المتاح الفعال، والذي يمكن الاقتراض على أساسه.
من أيضاً يمكنه رؤية تلك البيانات؟
تُتاح تلك المعلومات لعملاء شركات المرجعية الائتمانية (مثل البنوك وغيرها من المقرضين) عندما تتقدم لطلب قرض، لذلك، فعندما تتقدم بطلب للرهن العقاري على سبيل المثال، وتقول إن دخلك يساوي رقماً ما، فالجهة المانحة للقرض بإمكانها الوصول للصورة الكاملة عن دخلك والتأكد منها.
ربما يكون ذلك معقولاً ومفيداً، ولكن الفكرة بالنسبة لكثير من الناس أن تلك المعلومات يتم جمعها في كل شهر وتخزينها على مدى سنوات - بغض النظر عن الحاجة إليها أم لا - وهي المفاجأة غير المتوقعة.
هل صرحت لهم بمعرفة تفاصيل دخلك؟
الإجابة هي: نعم. يُصر تيرني من شركة CallCredit على أن جميع البنوك تكون واضحة للغاية في إبلاغ عملائها بأن تفاصيل دخلهم سيتم تمريرها في كل شهر لوكالات الائتمان، لكن الغريب أن بنك HSBC لم يشر إلى ذلك بشكل صريح، إذ اكتفى البنك بإشارة مبهمة حول إجراءات تبادل المعلومات في إحدى الوثائق.
ورفض بنك First Direct التعليق حول ما إذا كان كتيب البيانات الخاص به ينص على ذلك بشكل صريح، ويذكر تحديداً البيانات التي يتم مشاركتها ومع من ومتى يتم ذلك. وقال البنك، "نحن نلتزم باتفاقيات شاملة على مستوى القطاع المالي لتوفير المعلومات المطلوب للتأكد من أن المقرضين قادرين على تقييم مدى تحمل العميل للقرض".
وأضاف، "هذه المعلومات قد تتضمن بيانات طلب القرض، والنشاط الحالي للحساب البنكي، والدخل الشهري للعميل".
ولا يخضع العملاء القدامى الذين وقعوا على اتفاقيات قديمة مع البنوك لعملية جمع المعلومات حول الدخل، وتبلغ نسبتهم 25% من العملاء.
ويعد أمن المعلومات والجانب التقني في الأمر من الأمور المثيرة للقلق، إذ عانت الكثير من مخازن البيانات العامة والخاصة، ومن بينهم وكالات المرجعية الائتمانية الكبرى، لانتهاكات واختراقات سابقاً.
لكن على نطاق أوسع، يعد انتشار ومشاركة المعلومات حول عاداتنا وتحركاتنا وشبكاتنا الشخصية بمثابة أمر يدعو للقلق حول طبيعة المعلومات التي تُخزن بشأننا، وكيف يتم استخدامها وتبادلها.