حتى بداية السبعينيات، كان الفنان الراحل نور الشريف مميزا في أداء الأدوار المركبة، والتي تحتاج لجهد نفسي كبير، وبدا أنه صُنف في هذه الخانة ولن يخرج منها وهي التي على شاكلة دوره الأبرز في بداياته في فيلم "السراب"، لكن ثقافة الشريف أنقذته من هذا الفخ.
 
كان نور الشريف وحتى آخر حياته قارئا نهما، وعُرف عنه اصطحابه لكتاب في كل مكان، حتى قيل أنه كان يقرأ بين كل مشهد ومشهد له في إستديوهات التصوير، وفي تلك الفترة من السبعينيات كانت قراءات الفنان الراحل متركزة في مجال السينما الأمريكية وعلم الإخراج السينمائي.
 
وتحل اليوم الذكرى الأولى لوفاة الفنان نور الشريف، الذي يعد أحد أبرز الفنانين في التاريخ العربي، بما تركه من إنتاج سينمائي وتليزفيوني هائل ودال على التحولات الاجتماعية والسياسية التي عايشها المجتمع العربي في النصف الثاني من القرن العشرين وحتى العقد الأول من الألفية الثالثة.
 
يشرح نور الشريف في لقاء تليفزيوني قديم أداره صديقه الأقرب الفنان صلاح السعدني لصالح تليفزيون الإمارات في التسعينيات، أنه قرر أن يدخل مجال الإنتاج في تلك الفترة لأنه كان لديه تخوف مبكر من النمطية والتكرار: "قررت أنتج عشان أهرب من الحتة اللي المنتجين حطوني فيها".
 
ويشرح أنه لاحظ أن كل النجوم الأمريكيين مع لعبهم أدوار معقدة وجادة، إلا أنهم لم يفوتوا فرصة تمثيل دور في فيلم "كاوبوي" أو رُعاة البقر، وهي التراث الأمريكي لتاريخ هوليوود.
كيف خرج نور الشريف من الفخ إذن؟ بعد أن لاحظ من خلال قراءاته أن كل نجوم أمريكا مثلوا "كاوبوي"، قرر هو خوض تجربة مشابهة في مصر بأن ينتج لنفسه فيلما "أكشن"، فكان أحد أبرز الأفلام في مسيرته "دائرة الانتقام"
 
عُرض الفيلم عام 1976، من إخراج سمير سيف وإخراج شركة "إن بي" التي أسسها الشريف، وكان من بطولة نور الشريف، ميرفت أمين، يوسف شاهين، صلاح قابيل، عمر الحريري، وشويكار. وصُنف ضمن فئة "الأكشن" وكان هذا جديدا على الفنان الراحل وقتها.
 
فكرة نور الشريف باختصار هي أن يصنع فيما يدخله أغلب شرائح رواد السنيما، فيلم شعبي بالمعنى الأمريكي، يتعرف عليه الجمهور ككل، ويصبح بالمعنى الإنتاجي نجم شباك حقيقي.
يحكى الشريف أن المخرج الراحل يوسف شاهين بعدما شاهد ربع ساعة من الفيم قال له "مش مصدقك"، لكنه بعد أن أكمله قال له "صدقتك بعد ساعة"، في شهادة من شاهين بقدرة الشريف على لعب هذه النوعية من الأدوار.
أما عملاق الأكشن الملك فريد شوقي فكان يرى أنه لا أحد يعوض صورته التي بناها في مخيلة الجماهير لكن إن كان عليه أن يختار أحدا فلن يجد إلا نور الشريف.