قالت صحيفة الأوبزرفر البريطانية إنه إذا كانت الإجراءات الدبلوماسية الدولية تتسم بالجفاف والملل والتعقيد والسرية إذْ تجرى خلف الأبواب المغلقة، فإن نتائجها على النقيض قد تأتى كارثية وظاهرة بحيث يلمس الجميع آثارها، إذا سارت الإجراءات فى الاتجاه الخطأ.
وضربت الأوبزرفر مثالا توضيحيا، بالعودة بالأذهان إلى عام 1991، عندما ترددت ألمانيا فى الاعتراف باستقلال كرواتيا، وهو ما أسهم بنصيب وافر فى اندلاع الحرب البوسنية... واعتبرت الصحيفة سوريا بمثابة مثال آخر على ما يمكن أن تسفر عنه الأخطاء الدبلوماسية الدولية، مشيرة إلى ما تمخضت عنه الحرب الأهلية المشتعلة فى سوريا عن سقوط أكثر من ربع مليون إنسان وتشريد أكثر من نصف سكان البلاد.
وقالت الأوبزرفر إن الأخطاء التى ارتكبها صانعو السياسات فى كل من أوروبا والولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا والعرب إزاء سوريا، منذ اندلاع التظاهرات ضد الرئيس بشار الأسد عام 2011- هذه الأخطاء كثيرة بحيث يتعذر إحصاؤها فى هذا المقام... "فى البداية، كان الاعتقاد السائد بين القادة الغربيين هو أن الأسد، كمعمر القذافى فى ليبيا، لن يصمد كثيرا فى منصبه... وكم كان هذا الاعتقاد خاطئا.. ثم دارت رحى الحرب وتم المبالغة فى تقدير قوة واتحاد القوات المناوئة للأسد."
وتابعت الأوبزرفر "تمخضت إخفاقات السياسة الغربية والعربية عن تبعات كارثية، كظهور تنظيم داعش فى المناطق غير المحكومة فى سوريا والعراق، فى ظاهرة تمتد جذورها إلى عام 2003 والاحتلال الأمريكى للعراق.... ومن التبعات الرئيسية أيضا عودة روسيا إلى مسرح الشرق الأوسط عبر ثغرة الفراغ السياسي، حيث انتهز فلاديمير بوتين ضعف القادة الغربيين وترددهم، فأرسل فورا طائرات وصواريخ دعما للحليف العربى الرئيسى لموسكو، وتأمينا لقواعدها فى البحر المتوسط، وبسطا لنفوذها، ولتسديد ضربة استراتيجية للغرب.
ورأت الأوبزرفر أن "العويل وتبادل الاتهامات وإلقاء الملامة كلٌ على كاهل الآخر لا يكفى إزاء هذا المشهد المروع؛ ذلك أن ثمة أطفالا يُقتلون وتُبتر أطرافهم بشكل يومي.. ثمة شعبٌ يعانى فظائع مروعة أمام أعيننا.. وإذا لم نكن نشعر بالعار، فحرى بنا أن نفعل.. إننا جميعا نتحمل المسئولية الأخلاقية والسياسية والإنسانية وعلينا أن نحاول وقف عمليات القتل التى لم تتناقص معدلاتها.