الحروب الدولية القادمة هي حروب في أغلبها بسبب نقص المياه، وتعد أزمة سد النهضة التي شهدتها مصر والسودان كدول مصب لنهر النيل مع إثيوبيا خلال السنوات الأخيرة، أحدث حلقات النزاعات الدولية في هذا الأمر وهتاك العديد من الدول على أعتاب الجفاف، وكأن العالم يرفع شعار «العطش للجميع»، فيتو ترصد أهم هذه النزاعات والدول المهددة بالعطش:

بحيرة طبرية
حذرت صحيفة جوريزاليم بوست من أن إسرائيل مهددة بالعطش بعد انخفاض منسوب مياه بحيرة طبرية في شمال فلسطين المحتلة، التي تعد أكبر مصدر للمياه العذبة في فلسطين، بينما تشير حكومة الاحتلال إلى أن تداعيات الجفاف الطويل قد تستمر خلال الفترة المقبلة. 

وقالت الصحيفة أن مستوى المياه في بحيرة طبرية تراجع بصورة تنذر بالقلق، ويتخوف سكان المنطقة الشمالية من فلسطين المحتلة من نتائج انخفاض إيراد نهر الأردن الذي يعد المصدر الرئيسي لتغذية البحيرة بالمياه العذبة، بالإضافة غلى تهديد السياحة المحلية والدينية التي تعد أحد مصادر الدخل الرئيسية للسكان في المنطقة، ومن جهة فإن تراجع مستوى المياه في بحيرة طبرية يؤدي إلى تدمير إلى البيئة في المنطقة.

كما أكدت الصحيفة أن تراجع مستوى المياه يحدث بصورة يومية، وقال عيدان جرينباوم- رئيس مجلس منطقة عميق هايردن (وادي الأردن) أن المساحة التي تظهر من اليابسة من قاع البحيرة تتزايد باستمرار.

وقدر منسوب المياه صباح الأمس بنحو 213.09 كنرا، وهو ما يمثل مستوى الخطر البالغ وفق معايير سلطة إدارة موراد المياه في دولة الاحتلال، بالرغم من أن منسوب الخطر يصل إلى213.87 مترا، أي أن المستوى المسجل يقل بنحو 80 سنتميترا عن حد الخطر، ويضيف جرينباوم أن المياه التي يصبها نهر الأردن في بحيرة طبرية مهددة بدورها بالتراجع، بل إن المحتمل أن يتوقف نهر الأردن عن التدفق باتجاه البحيرة.

الجفاف في إثيوبيا
تأتي مصر على رأس الدول المهددة بالعطش، خاصة بعد انتهاء إثيوبيا من سد النهضة، فقد أكدت صحيفة «هافينجتون بوست» في تقرير لها، أن الجفاف الذي يضرب إثيوبيا، يهدد بانخفاض موارد المياه خلال الأعوام المقبلة بنسبة 70%تتحمل مصر معظمها.

ووفقا للتقرير فإن إثيوبيا لا تعتمد على مياه النيل بأكثر من 3%، فيما تبلغ حصة السودان الرسمية من مياه النيل وفق اتفاق 1959 أقل من ثلث حصة مصر، التي تبلغ 12.5 مليار متر مكعب سنويًا، ومع ذلك فالسودان لا تعاني بالضرورة من الأزمة المائية ذاتها التي تواجهها مصر صاحبة الحصة الأكبر من مياه النيل التي تبلغ 55 مليار متر مكعب سنويًا.

الهضبة الإثيوبية
وتابع التقرير أن الهضبة الإثيوبية دخلت الآن على خط المعاناة، ومعها ستزداد معاناة مصر، فمن هذه الهضبة ينبع النيل الأزرق الذي يساهم وحده بكمية تصل إلى 65 مليار متر مكعب سنويًا من المياه تصب في النيل تحصل مصر على معظمها، ولكن موسم الأمطار على تلك الهضبة سجل مؤشرات مقلقة منذ منتصف العام الماضي 2015، حيث سجل انخفاضًا حادًا ينذر بجفاف لم ترَ إثيوبيا مثله منذ عام 1984.

ظاهرة عالمية
كما أرجعت مراكز الأبحاث الجفاف الذي تواجهه إثيوبيا إلى ظاهرة عالمية تدعى «النينو» تؤدي بشكل دوري إلى ازدياد الحرارة عالميًا وجفاف ومجاعات في مناطق مختلفة، وأفريقيا إحدى أكبر المناطق المهددة بتلك الظاهرة في 2016، وبحسب الصحيفة فإن آثار الجفاف بدأت في الظهور بالفعل في الشهور المتعاقبة خلال نهاية 2015 وبداية عام 2016، حيث انخفضت معدلات الأمطار الإثيوبية بنسب تتراوح بين 50% و75%.

وفي تصريحات صحفية لأسرات بيرهانوا، خبير الطاقة الهيدروليكية الإثيوبي، أكد أن أي نقص في تدفقات الهضبة الإثيوبية سيؤثر بشدة في مخزون بحيرة السد العالي المصرية؛ حيث إن النيل الأزرق الذي ينبع من الهضبة الإثيوبية يمثل أكبر رافد من روافد نهر النيل، ويسهم وحده بنحو 60% من إيراد نهر النيل.

إيران
كما حلت لعنة الجفاف على إيران أيضا، ففي يوليو الماضي تجاوزت درجة الحرارة في العاصمة الإيرانية طهران 40 درجة مئوية، ما زاد من استهلاك المياه، كما حطمت معدلاته الأرقام القياسية في المدينة، الأمر الذي ينذر بأزمة كبيرة.

وتتوقع المعلومات الصادرة عن مؤسسة المياه الإيرانية استمرار استهلاك المياه بمعدلات مرتفعة في طهران تبعًا لموجة الحر المستمرة، التي يضطرها إلى قطع المياه عن بعض مناطق العاصمة الإيرانية في المستقبل القريب، ولن يكون هناك أي حل آخر، لمنع جفاف طهران المرتقب.

وبحسب مؤسسة المياه في طهران، فإن آخر معدل لاستهلاك المياه، سجل أعلى مؤشراته لعام 2016، مما يدق ناقوس الخطر سواء في حال استمر الوضع على حاله أو ارتفع أكثر.

في الصيف الماضي، أعلنت إدارة المياه أن استهلاك المواطنين في طهران بلغ خلال أشهر هذا الفصل كمعدل وسطي أربعة ونصف مليون متر مكعب، وهو حجم المياه في بحيرة "تشيتغر" الموجودة في العاصمة، هذا الاستهلاك جعل طهران مصنفة من بين المدن الأكثر تعرضًا لخطر الجفاف في العالم، بحسب مؤسسة المياه التي أكدت ارتفاع نسب الاستهلاك مع بداية الصيف الحالي بمعدل 10 إلى 15 %.

وبالرغم من أنّ معدل هطول الأمطار في العاصمة زاد خلال شتاء وربيع هذا العام عن العام الماضي، بنسبة 30 %، فإنّ هذا لن يحل المشكلة مع ارتفاع نسب الاستهلاك كثيرًا، لا سيما أنّ كلّ منزل في طهران يستخدم ماء أكثر بعشرين في المائة من الحد الطبيعي، وهو ما يعني كارثة خلال السنوات الأربع المقبلة. 

تونس
لم تكن تونس أيضا بمنأى عن الأزمة، ففي يناير الماضي، أظهرت تقارير بيئية، أن تونس من بين خمس عشرة دولة عربية مصنفة ضمن خط الفقر المائي رغم هطول الأمطار فيها بانتظام، ويعود هذا التصنيف، حسب الخبير شكري يعيش، إلى عدم تمكن الدولة من تنظيم عملية توزيع المياه، بصفة علمية وعادلة لاعتبارات لوجستية وسياسية.

وتعاني مناطق شمال غرب تونس خلال الشتاء من مشكلات الفيضانات، التي تسبب فيضان السدود وانهيار المباني، وحدوث حالات غرق ووفيات، كما تعاني نفس المناطق خلال الصيف من ندرة المياه الصالحة للشرب؛ ما يدفع ساكنيها إلى استخدام مياه الآبار والأودية الملوثة.

وتعتبر محافظة القصرين بالشمال التونسي من بين المناطق، التي تعاني من مشكلة العطش، بسبب إهمال السلطات المختصة لربط المناطق الريفية بها، بشبكات المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي.

ونفذ أهالي منطقة العيون بالقصرين خلال السنة الماضية احتجاجا سلميا طالبوا فيه السلطات بتوفير الماء الصالح للشرب، وانتهى الاحتجاج بتعنيف المتظاهرين من قبل رجال الأمن.