أطلت أزمة "نقص الدولار" في سوق الصرف بوجهها القبيح على الشعب المصري، بدءًا من مجتمع رجال الأعمال وانتهاء بالمواطن العادي، وبات جحيم الأسعار سيفا مسلطا فوق رؤوس الجميع.
تحركات عدة تخوضها الدولة المصرية شرقًا وغربًا من أجل البحث عن مخرج من الأزمة، باعتبار أن آثارها لن تبقي ولا تذر أي فرصة للعبور نحو وضع مغاير ينقل بالمواطن المصري من الحاضر المؤلم إلى المستقبل المأمول.
لكن الأحاديث تدور في فلك تحميل المواطن البسيط الضريبة كاملة، عن طريق تحرير سعر الصرف ورفع الدعم وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، ليضع الجميع "يده على قلبه"، خاصة وأن المواطن لم يعد قادرًا على الاحتمال أكثر من ذلك.
"الدستور" استطلعت أراء عدد من الخبراء والذي جاءت تصريحاتهم على النحو التالي.
في البداية، قال الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي، إن الدولة حسمت موقفها من أزمة الدولار، بالاتجاه نحو الاقتراض من صندوق النقد الدولي، والدليل اجتماع الرئيس مع المجوعة الاقتصادية الاربعاء لبحث شروط صندوق النقد ومدى القدرة على تخفيف تأثيرها على المواطن البسيط.
وأضاف: "بشكل نظري فإن القرض المزمع الحصول عليه سيسهم في حل أزمة الدولار عبر ضخ سيولة مناسبة في البنوك تزيد من المعروض".
وتابع أن الخطورة تكمن في شروط صندوق النقد الدولي التقليدية، والتي تتمثل في تعويم الجنيه ورفع الدعم، الأمر الذي يتسبب في حدوث موجة قاسية من الغلاء لن يتحملها المواطن.
ومن جانبه، أكد الدكتور مختار الشريف أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، أن أزمة الدولار سببها وجود شعب غير منتج لا يعرف سوى ثقافة الاستهلاك، وطالما بقي الحال على ماهو عليه، ستبقي أزمة الدولار حاضرة وبقوة.
وأوضح "الشريف" أن قرض صندوق النقد الدولي هو المخرج الوحيد للعبور من نفق الدولار المظلم، وأنه ليس صحيحا ما يتردد عن فرض البنك شروطا خاصة في أثناء التفاوض مثل رفع الدعم أوغيرها، مؤكدًا أنه يتمنى أن يوافق صندوق النقد الدولي على منح مصر القرض المطلوب لسد العجز في الموازنة الذي وصل إلى 320 مليار جنيه نتيجة الخلل في الميزان التجاري وميزان المدفوعات.
واختتم "الشريف" حديثه مؤكدًا أنه بافتراض اتخاذ الحكومة لعدد من للقرارات المؤلمة مثل رفع الدعم فهي لن تسهم في حل الأزمة، مطالبا المواطنين بتحمل المسئولية باعتبار أن البلاد تعيش حالة حرب حقيقية.
وفي السياق، أوضح الدكتور صلاح الدين فهمي رئيس قسم الاقتصاد بكلية تجارة الأزهر، أن هناك توجه عام لدى الدولة لرفع الدعم بشكل تدريجي وبدأت الحكومة بالفعل في تطبيق القرار بشكل عملي، خاصة وطبقا للمعلن فإنه بحلول عام 2019 يجب أن تكون قضية الدعم قد حسمت ويتم رفعه نهائيا.
وقال "فهمي" إن المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي تتماشى في توجهات الدولة، حيث لا تختلف شروط الصندوق مع ما تقوم به الحكومة في قضية الدعم، مؤكدًا أن القرض سيُحمل الأجيال الحالية والقادمة أعباء إضافية عند سداده مضافًا إليه الفوائد.
وأوضح "فهمي" أن هناك قرارات أخرى ستزيد من أعباء المواطنين في الفترة المقبلة يتمثل في تطبيق ضريبة القيمة المضافة.
"القادم أسوأ".. بتلك الكلمات افتتح الخبير المصرفي محسن خضير حديثه، قائلا: "السبب الرئيسي للمعاناة الحالية هو عدم وجود وزارة اقتصاد قادرة على مواجهة حروب الجيل الرابع وفك الحصار الاقتصادي المفروض على مصر والافتقاد أيضًا لوزير اقتصاد قادر على قيادة دفة الأمور بطريقة صحيحة".
وقال "خضير" إن قرض صندوق النقد لن ينجح في اقتلاع جذور الأزمة، والخيار المتاح هو إنشاء عدد من المصانع والشركات، تمتص العاملة المتوقفة عن العمل وتسهم في تحويل المجتمع إلى منتج بدلا من مستهلك، مؤكدا أن أعباء الواقعة على كاهل المواطن المصري ستبقى موجودة، طالما بقيت تلك الأفكار القديمة هي السائدة.