منذ أكثر من 126 عاما، رصد محمد أمين فكري بك، قاضي محكمة استئناف مصر، رحلة الوفد المصري لأوربا لحضور مؤتمر المستشرقين في عام 1893م، وذلك من خلال كتابه "أرشاد الألبا إلي محاسن أوربا".
الكتاب يرصد عالم البلدان الأوربية منذ أكثر من قرن، ويصف أفضالها ومخترعاتها العلمية ومحاسنها، وأفضال حضاراتها علي البشر، كما يرصد مظاهر الحياة اليومية في مدن أوربا، واحتفاء الأوربيين بالحياة والفرح.
ويركز الكتاب على رصد رحلة الوفد المصرى إلي باريس عاصمة فرنسا، والمعرض الذي أقيم بفرنسا، والذى استضاف عدة بلدان مثل اليابان والصين ومراكش وإيران ومصر والبرازيل والأرجنتين، وبعض دول أفريقية التى كانت محتلة من قبل فرنسا في ذلك الوقت، لعرض منتجاتها ومحاصيلها الزراعية.
ويقول أمين فكري أثناء رصده لمشاهداته للمعرض في شارع مصر بباريس في صقحة رقم 133 بعنوان "قد تسمع يمينك ياعم"، أن البارون ده لور، أحضر خمسين حمارا بيضاء اللون من مصر ومعها خمسون حمّاراً ومايلزم من القصاصيين والبياطرة وصانعي البرادع، لإصلاح ماعساه يفسد منها، حيث استغلها البارون فى مسابقة هناك وسّعر أجرة الركوب بفرنك واحد، لتصبح أول مسابقة حمير فى العالم.
المثير في الأمر، رصد فكري بك في كتابه أفضال أوربا، أن الحمير لم تكن تستريح دقيقة واحدة من النهار والليل لشدة أقبال الناس عليها، مما اضطر مأمور المعرض العمومي آنذاك أن يصدر قرارا أن لا يتم استخدام الحمير إلا في ساعات معلومة من النهار، مراعاة لنظام المعرض الداخلي.
البارون ده لو، الذي جلب الحمير من مصر لم يخسر شيئا من قرارات مأمور المعرض، كما يجزم أمين بك، بل قام بتغيير رسم الدخول إلي الأسطبل الذي يملكه لنصف فرنك مع تقليل المسافة مما جعل على المسابقة أكثر اقبالا.
ويصف أمين حمير البارون الفرنسي، قائلا "كانوا يدخلون فيرون الحمير مرصوصة علي طولها والحمّارة الذين يعملون عليها، وهم مصريون يجلسون علي الدربكة، ويضربون الدف ولهم جلبة عظيمة، ليقفون بعض دقائق ثم ينصرفون ليدخل غيرهم".
كما وصف أمين رؤيته لأول مرة الكرسي المتحرك لتسهيل الانتقال ومساعدة العجائز والنساء ممن ليس لهم قدرة علي المشي ليشاهدوا المعرض ويشاهدوا حمير البارون الفرنسي التي استقدمها من مصر.