هذه القضية قد أثارت جدلاً كبيراً بين الناس، فلا توجد قضيةٌ يُجادل فيها الناس مثلها،يتحدث فيها العالم والجاهل..الصغير والكبير..ويتساءل الناس حولها قائلين: إذا كان كل شىء مكتوبا عند الله ومقدراً..فلماذا يُحاسبنا؟..وهل من العدل أن نُعذب علي شىء مكتوب علينا ومقدر قبل مولدنا؟..وماشابه ذلك من الأسئلةالجدلية.
ويضيف الشيخ إضافة رائعة:" هذه الأسئلة لن تجدها إلاعند العصاة فقط..أما المؤمنون فلن تجد مؤمناًمثلا يقول لك: لماذا يدخلنا الله الجنة وينعمنا فيها؟.. وهل من العدل أن يدخلنا الجنة إذا كان كل شىء مكتوباً؟..لن تجد ذلك أبداً..
إذاً فبعض العصاة يحتجون بالقدر، بأن الله لم يرد لهم الهداية ، وقدر عليهم ذلك ، فلماذا يحاسبون؟

والقضاء ثلاث مراتب.. والقدر أربع.. فالقضاء علمٌ وكتابةٌ ومشيئةٌ، أما القدرٌ فعلمٌ وكتابةٌ ومشيئةٌ وخلقٌ.

لذا فالقضاء يسبق القدر..ولذلك نقول: قضاء وقدر، ولا نقول قدر وقضاء، فالقضاء سابق.. والقدر لاحق.


يقول الشيخ: قدّر الله ، يعني أن الأمور ستأتي في المستقبل من وجهة نظرك ، فتقول : إنني قدرت أن أفعل كذا ، مثلما يفعل وزير الزراعة ويقول: بناء على الإحصاءات والأرقام تقدر الدولة محصول القطن هذا العام بكذا مليون قنطار.

تقدير الله عز وجل لا يحدث فيه خلاف ، لأن معلوماته مؤكدة .. فإذا قدر على إنسان في الأزل أن يكون عاصياً ، فمعنى ذلك أنه علم أزلاً أن هذا الإنسان سيختار المعصية ، ولكن ساعة اختيار المعصية .. هل أرغمه الله عليها ؟..لاطبعا..بمقدورك أن تصلي..وبمقدورك أن تلهو وتلعب ولا تصلي.

ويقول الشيخ: "الوزير حينما قدر المحصول ، هل أرغم الأرض على أنها تنفذ تقديره ؟ لا .. بل هو قدر حسبالمعلومات التي وصلت إليه والمسألة تسير في طريقها الطبيعي دون تدخل منه".
حينما يقول مدرس: إن الطالب أحمد لن يكون من الأوائل..وجاءت النتيجة..وفعلاً أحمد لم يكن من الأوائل!!..هل الأستاذ هو من أخرج أحمد من الأوائل؟بالطبع لا..لكن فقط توقع الأستاذ ذلك..لكنه لم يجبر أحمد علي عدم المذاكرة.

"فالله قدّر ، لأنه علم أنك ستختار .. ولم يقدّر ليوجب عليك أن تصنع ما قدّر .. وهذا هو الفرق بين القضاء والتقدير" .