أعلن السير جون شيلكوت، رئيس لجنة التحقيق البريطانية الرسمية في ظروف اتخاذ قرار الحرب على العراق عام 2003، أن «تلك الحرب كانت حرب بلير الخاصة»، وصدم شيلكوت البريطانيين عندما أعلن أن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير هو الذي حرّض الرئيس الأميركي جورج بوش وطارده من أجل إقناعه بغزو العراق، بل قال إن بلير اتصل ببوش بعد ساعات من وقوع هجمات 11/ 9 الإرهابية لتنظيم «القاعدة» في نيويورك وواشنطن في سبتمبر 2001، أي قبل الحرب على العراق بعام ونصف العام، وقال له «اضرب الآن وقدِّم التبرير لاحقاً»، ما يعني أن بريطانيا لم تكن مجرد مشاركة في تلك الحرب ولم تذهب منقادة وراء رغبة بوش، بل إن تلك الحرب كانت حربها.
وكان شيلكوت يتحدث في مؤتمره الصحافي أمس الذي أعلن فيه صدور نتائج التحقيق الذي استغرق نحو سبع سنوات، فيما تظاهر خارج القاعة جمهور كبير من ذوي الجنود البريطانيين الذين قتلوا في العراق ومن معارضي تلك الحرب وأنصار «حركة السلام»، إضافة إلى قيام عدد من ذوي الجنود القتلى بالتظاهر أمام منزل بلير القريب من «إدجوار رود» وسط لندن ورفعوا يافطة ضخمة كتب عليها «ينبغي تقديم بلير للمحاكمة على جرائم الحرب التي ارتكبها».
لكن شيلكوت أكد أن لجنة التحقيق التي رأسها لا تشكل هيئة قضائية ولا يمكن بناء على النتائج التي توصلت إليها تقديم بلير للمحاكمة، وأن الهدف الأساس لهذا التحقيق هو استخلاص العبر مما حصل وتجنب الحكومة الوقوع في أخطاء شبيهة في المستقبل.
وأكد شيلكوت في الكلمة التي ألقاها أمام الصحافيين أن «الإثباتات عن أسلحة الدمار الشامل التي قيل أن الرئيس العراقي السابق صدام حسين امتلكها كانت مزيفة»، وقال أن «بلير ووزراء في حكومته بالغوا في إبراز تلك الإثباتات لتضليل الرأي العام وإقناع أعضاء البرلمان للتصويت لمصلحة مشروع قرار ينص على تفويض حكومة بلير لشن الحرب على العراق»، وأن «بلير فشل في إقناع المجتمع الدولي، الذي عارض أن تكون القوة هي الحل الوحيد، بضرورة شن الحرب على العراق وفي النهاية أدت الحرب إلى تقويض المساعي الدولية التي كانت ترمي إلى تسوية الأمر مع صدام بالطرق السلمية».
وأوضح شيلكوت أن الحرب على العراق كانت أكبر حرب تشارك فيها بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية، رغم قلة عدد الجنود البريطانيين الذين قتلوا فيها (نحو من 200 جندي وفقاً لشيلكوت)، عدا الإصابات التي وصلت إلى نحو 4500 إصابة. وقال إن التحقيق كشف عن أن الاستعدادات التي اتخذتها قيادة الجيش لتلك الحرب لم تكن كافية.
وخلص شيلكوت إلى القول أن غزو العراق «كان حرباً نتيجتها خاطئة».
وكان شيلكوت استهل كلمته أمام الصحافيين بالإعراب عن أسفه ليس فقط لمقتل الجنود البريطانيين في العراق، بل لمئات آلاف الضحايا من الأبرياء الذين قتلوا في الحرب على العراق وما بعدها، بما فيها التفجيرات التي وقعت في حي الكرادة ببغداد قبل أيام وقتل فيها نحو 250 شخصاً.
ورد بلير على نتيجة التحقيق بأنه اتخذ قرار الحرب «بنية خالصة»، وما زال يعتقد أنه كان من الأفضل الإطاحة بصدام حسين وانه لا يرى أن حرب العراق كانت سبباً في الإرهاب الذي يشهده اليوم الشرق الأوسط ومناطق أخرى.
وقال بلير إن التقرير يبرئه من الاتهامات بالكذب. وأضاف في بيان «التقرير يضع حداً لاتهامات سوء النية أو الكذب أو الخداع... سواء اتفق الناس أو اختلفوا مع قراري بالتحرك العسكري ضد صدام حسين فقد اتخذته بنية خالصة وبما اعتقدت أنه في مصلحة البلاد».
من ناحيته، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بعد إعلان نتيجة التحقيق، إن المشرعين الذين صوتوا لمصلحة انضمام بريطانيا لغزو العراق عام 2003 ينبغي أن يتحملوا نصيبهم من المسؤولية عن الأخطاء التي ارتكبت.
وأضاف للبرلمان «قرار الذهاب للحرب جاء من تصويت هذا المجلس وينبغي أن يتحمل الأعضاء من كل الأطراف ممن صوتوا لصالح العمل العسكري نصيبهم من المسؤولية».