لم تسلم المملكة العربية السعودية، في أواخر أيام شهر رمضان المبارك وعشية عيد الفطر السعيد، من الارهاب المجنون المتنقل، حاصداً المزيد من الضحايا الابرياء. ففي أقل من 24 ساعة، تعرضت بلاد الحرمين الشريفين، لـ 3 أعمال إرهابية، بدأت ليل الأحد - الاثنين بتفجير انتحاري داخل مواقف «مستشفى الدكتور سليمان فقيه» في جدة، تلاه 3 انتحاريين آخرين فجروا أنفسهم قرب مسجد في القطيف، وأخيراً عملية انتحارية ايضاً قرب نقطة أمنية في موقف سيارات قوات الطوارئ قرب الحرم النبوي، ثاني الحرمين الشريفين، من الجهة الجنوبية، حيث يوجد المقر الرئيسي للمحكمة الشرعية في المدينة المنورة، وأدت إلى استشهاد 4 من رجال الأمن وإصابة 5 آخرين، الأمر الذي وصفته هيئة «كبار العلماء» بأنه من تنفيذ «خوارج مارقين من الدين، لا يرعون حرماً ولا حرمة، وليس لهم دين ولا ذمة».
الكويت دانت التفجيرات الإرهابية، وشدد سمو الأمير الشيخ صباح الاحمد في اتصال هاتفي مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على ان هذين العملين الشيطانيين اللذين لم يراع منفذوهما حرمة بيوت الله عز وجل وحرمة هذا الشهر الكريم وحرمة الانفس التي حرمها الله تعالى يتنافيان مع تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف ومع كافة الشرائع السماوية والاعراف والقيم الانسانية.
وأكد سموه وقوف الكويت مع المملكة العربية السعودية الشقيقة وتعاطفها معها وتأييدها بكل ما تتخذه من اجراءات لحماية أمنها ولمواجهة هذه الاعمال الارهابية، مجدداً سموه موقف الكويت الثابت ضد الارهاب بكافة اشكاله وصوره ومساندتها لكل الجهود الدولية الرامية لمحاربته وتجفيف منابعه.
وبدوره، قال رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ان استهداف الاماكن المقدسة يثبت ان الارهاب لا دين له وان الارهابيين بعيدون كل البعد عن تعاليم الشريعة الاسلامية.
واعتبر الغانم ان المملكة تدفع ثمن مواقفها المناهضة للارهاب والارهابيين، مؤكداً ان مثل تلك الاعمال لن تنجح في النيل من المملكة التي تجاوزت محطات صعبة كثيرة بفضل حكمة قياداتها.
وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد مساندة الكويت الكاملة للمملكة العربية السعودية الشقيقة بالوقوف في وجه كل من يحاول المساس بأمنها واستقرارها، مشدداً على ان أمن الكويت والسعودية لا يتجزأ.
وصرح الناطق الأمني باسم وزارة الداخلية السعودية بأنه «مع حلول صلاة مغرب الاثنين الموافق 29 / 9 / 1437 هـ، في المدينة المنورة، اشتبه رجال الأمن في أحد الأشخاص أثناء توجهه إلى المسجد النبوي الشّريف عبر أرض فضاء تستخدم كمواقف لسيارات الزوار، وعند مبادرتهم في اعتراضه قام بتفجير نفسه بحزام ناسف ما نتج عنه مقتله، واستشهاد 4 من رجال الأمن، وإصابة 5 آخرين من رجال الأمن».
وتابع: «كما وقع عند مغرب اليوم نفسه وبالقرب من أحد المساجد المجاورة لسوق مياس في محافظة القطيف، تفجير انتحاري مماثل، حيث فجّر انتحاريان نفسيهما وقتل زميلهما الثالث في عمليتين ارهابيتين تفصل بينهما دقيقة واحدة».
وبينما توالت ردود الفعل العربية والعالمية مندّدة بهذه الأعمال الارهابية، أكد ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز «أن أمن الوطن بخير وهو في أعلى درجاته وكل يوم يزداد قوة».
وقال خلال عيادته مساء الاثنين لرجلي أمن ومواطن أصيبوا في حادثة تفجير جدة، «إن الأعمال البطولية التي قام بها رجال الأمن في التصدي والمواجهة خلال العمليات الإرهابية التي باءت بالفشل ليست بمستغربة لأن الوطن ومقدساته وأهله يستحقون ذلك، وهذا ما عهدناه من جميع المواطنين الذين ساروا على نهج آبائهم وأجدادهم»، حسب ما ذكرت «وكالة الأنباء السعودية» الرسمية (واس).
وأعلن ان «الأعمال الإرهابية التي وقعت في المدينة المنورة وجدة والقطيف لن تزيدنا إلا تماسكاً وقوة».
من ناحيته، تفقد أمير المدينة المنورة، الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز، رجال الأمن المصابين إثر التفجير الانتحاري قرب المسجد النبوي، كما زار موقع التفجير، وأدى صلاة التراويح مع جموع المصلين في المسجد.
وقال الأمير فيصل إن «حادث التفجير الإرهابي الذي وقع في المدينة المنورة، فعل إجرامي تسبب في قتل الأنفس المعصومة التي حرم الله قتلها في أطهر البقاع في شهر رمضان المبارك، وإن مثل هذه الأفعال النكراء لا تخدم إلا أعداء الإسلام، وفي الوقت نفسه، لن تحقق مآرب الأعداء والفئة الإجرامية في زعزعه أمن واستقرار المملكة».
وأضاف: «مثل هذا الحادث الإجرامي يعزز الإصرار على مواجهة كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات الوطن واستهداف مقدساته، في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين... سنمضي جميعاً بتوجيه ومتابعة الأمير محمد بن نايف بحزم وقوة لمحاربة الإرهاب ونبذه واجتثاثه، ولن تنال أياد الغدر الآثمة من أمن المملكة ووحدتها».
من جانبها، أصدرت هيئة «كبار العلماء» السعودية بيانا عن التفجيرات الانتحارية جاء فيه: «هؤلاء الخوارج مارقون من الدين، خارجون على جماعة المسلمين وإمامهم، لا يرعون حرماً ولا حرمة، وليس لهم دين ولا ذمة.. وعنهم يقول الرسول: يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أَجْرًا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة.»
وأضاف بيان الهيئة: «لعنة الله حاقة عليهم، وسخطه نازل بهم، ومكرهم السيىء مرد لهم.. شبكة إجرامية دنيئة، دسيسة على الإسلام وأهله، بل هم عدو صريح للإسلام والمسلمين،» حسبما ورد من تغريدات على حساب الهيئة الرسمي على موقع «تويتر.»
الى ذلك، كشفت السطات السعودية هوية انتحاري جدة.
وأوضح الناطق باسم «الداخلية» أن «مرتكب التفجير باكستاني الجنسية ويدعى عبدالله قلزار خان من مواليد 1981 ويقيم في جدة مع زوجته ووالديها بعد أن قدم إلى المملكة قبل 12 عاما للعمل كسائق خاص».
وأشار إلى ان «العملية الإرهابية نتجت عن انفجار جزئي لحزام ناسف مشرك بواسطة مفتاحين كهربائيين يعملان بتحكم مباشر من الإرهابي ما أدى إلى مقتله وإصابة رجلي أمن بسبب تطاير شظايا الحزام حول مركز الانفجار التي وجد من بين مكوناتها أجسام معدنية».