«الأمن الوطنى» يتولى مناقشة العناصر الإرهابية للتأكد من العدول عن أفكارهم
أثار إخلاء سبيل عدد من قيادات ما يسمى بـ«تحالف دعم الشرعية» وعدد من قيادات الأحزاب الإسلامية جدلا واسعا حول نية الدولة تنظيم مراجعات فكرية لعناصر جماعة الإخوان المسلمين بالسجون، ولم يمر سوى أسابيع قليلة حتى وصلت أنباء شبه مؤكدة عن طريق مصادر لـ«التحرير» من داخل السجون، عن قيام الأجهزة الأمنية بالاستعانة بعدد من القيادات الإسلامية المخلى سبيلهم فى تنظيم ندوات دينية لعناصر الجماعة الإرهابية، ومن هنا بدأت المراجعات الفكرية برعاية الدولة.
مصدر أمنى بمصلحة السجون، أكد أن الشيخ الدكتور أسامة الأزهرى مستشار رئيس الجمهورية عقد عدة لقاءات دينية بشكل دورى خلال الفترة الماضية، والتقى خلالها مع سجناء شباب الإخوان وعدد من عناصر الجماعات الإسلامية، تناول خلالها بعض الدروس الدينية التى تحث على التسامح الذى جاء به الدين الإسلامى وفضائل شهر رمضان ونبذ العنف ودور المسلم فى إعمار وإصلاح الأرض، وبعض الدروس التثقيفية التى فى مجملها تحث على وسطية الإسلام المعتدل.
وتواصلت «التحرير» مع الشيخ أسامة الأزهرى للرد، فقال إنه سوف يصدر بيانا بخصوص هذا الأمر وإنه يصعب عليه التحدث معنا فى الوقت الحالى، وانتظرنا صدور البيان وإرساله إلينا ولكنه لم يرسله حتى الآن.
كما أكد المصدر الأمنى الذى رفض ذكر اسمه، أن المراجعات الفكرية لشباب الإخوان بدأت بالفعل داخل السجون، وذلك بعدما تمت الاستعانة بقيادات من الجماعات الإسلامية «تحالف دعم الشرعية» المخلى سبيلهم مؤخرًا وبعض قيادات الأحزاب الإسلامية، لحث السجناء على التخلى عن الفكر المتشدد ونبذ العنف، وضرورة العودة إلى التدقيق فى مراجعات الجماعة الإسلامية والجهاد، التى أطلقت فى مطلع التسعينيات من القرن الماضى، لتصحيح ما لديهم من مفاهيم مغلوطة.
وأشار المصدر إلى أن المراجعات الفكرية مستمرة منذ قرابة 3 أشهر داخل سجون طرة والعقرب وبرج العرب، وأن شباب الجماعة تفاعلوا مع الدروس الدينية والندوات، وبدأ عدد من بينهم فى العدول عن أفكاره المتطرفة فى مناقشات فيما بينهم خلال فترات التريض، ومن هنا تبدأ المرحلة الثانية وهى إعادة مناقشتهم مرة أخرى للوقوف على مدى تأثرهم بتلك الندوات والعدول عن أفكارهم الإرهابية، وذلك على عدة لقاءات تتم أيضا داخل السجون، ومن بعدها يتم كتابة تقارير مفصلة عن كل سجين، موضحا أن هذه المراجعات تحد من العمليات التى تنفذ فى الخارج وتقلص من حجم الحوادث الإرهابية التى تعانى منها البلاد.
المراجعات بدأها الهضيبي فى الستينات واستكملتها الجماعة الإسلامية
يذكر أن تاريخ المراجعات الفكرية فى السجون يعود إلى الستينيات من القرن الماضى، حيث طرح المرشد العام للجماعة حسن الهضيبى، أول مراجعات فكرية فى تاريخها من داخل السجن لتنقية الفكر الإخوانى من أى اجتهادات، خاصة ما أدخله سيد قطب، وأعلن تمسكه بالقواعد العشرين لحسن البنا القائمة على نبذ التكفير والعنف، وذلك بعد عدة عمليات اتسمت بالعنف خلال الخمسينيات، قامت بها عناصر الجماعة.
وكانت مصر قد عانت من الإرهاب فى تسعينيات القرن الماضى وظهرت كتب حملت مراجعات فكرية، وبحوث فقهية توضح الأسس الشرعية لوقف العنف وتبين الأخطاء، وأقدمت الجماعات الإسلامية على إتمام مراجعات فكرية من داخل السجون، غادر على أثرها المئات من المعتقلين زنازينهم لتتم أكبر مصالحة بين قيادات الجماعة والدولة فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك.