الأسبوع الأول من السباق الرمضانى مر أسرع ما نتخيل، المنافسة الشديدة بين المسلسلات دفعها لاتخاذ طرقا غير عادية للتميز، وما كان فيما مضى ترفًا ورفاهية الاهتمام الأكبر ينصب على الممثل واسمه الذى يُسوق به العمل، أصبح اليوم ضرورة وعاملا أساسيا للنجاح وإلا سيتراجع المسلسل فى المنافسة شيئا فشيئا ثم سيسقط من الحسابات.
صورة صورة صورة
الصورة المبهرة وعناصر الملابس والديكور وكل ما حول تصميم إنتاج المسلسلات أصبح فى مستوى أهمية باقى العناصر، الصورة والتطور اللذان لحقا بها أصبحا ضرورة أيضًا، ربما تسبق اختيار أبطال العمل، خصوصا بعد التطور الرهيب الذى لحق هذه العناصر والالتفات لأهميتها أخيرا، بعد فترة طويلة كان وجود عنصر واحد منها فى مسلسل هو الرفاهية بعينها، الآن هو عصر الصورة فى الدراما التليفزيونية وليس السينما فقط.
على مستوى الشكل أصبحت الصورة مبهرة تواكب التطور التكنولوجيا وتقدمها، الديجيتال صنع نقلة نوعية فى مستوى الصورة وعلى مستوى الفنانين وراء الصورة أيضًا حدث التطور، العين التى تشاهد الطفرة التى لحقت بالصورة فى الخارج أصبح عندها القدرة لتطبيق هذه التميز فى مصر مسلسلات مثل «الأسطورة» و«الخروج» و«فوق مستوى الشبهات» و«يونس ولد فضة» كلها وغيرها أمثلة حية على تفوق الصورة، فالتطور الذى لحق الدراما التليفزيونية فى مصر وخروجها من قالب الدراما الاجتماعية الجامد حفزاها لخلق أنواع أخرى منها بأشكال مغايرة تماما للمعتاد، حتى الدراما الاجتماعية تطورت أيضًا «الأسطورة» ربما يحتفظ بالحدود الخارجية للنوع الشهير لكنه فى الحقيقة مختلف ومتطور على مستوى الصورة والديكور اللذين يصوران حارة فى منطقة شعبية، مسلسل مثل «الكيف» الذى يقف من ناحية الصورة أو الكادرات أو حتى على مستوى الملابس والديكور كلها تنتمى لحقبة ما قبل الألفية الثانية ويقف عندها ومثله «ليالى الحلمية 6» الذى لا ينتمى حتى إلى أجزاء المسلسل المتميزة السابقة.
«يونس ولد فضة» تدور أحداثه فى الصعيد والصورة المبهرة لا تنفى ولا تمنع تصوير المنازل الفقيرة بشكل جمالى، كما تصور المنازل الغنية، والكثير من المسلسلات نجحت فى أن تمر من الاختبار الأول المتعلق بالشكل منها أيضًا «جراند أوتيل» الذى يراعى البعد الزمنى للملابس والديكور فى تنفيذها، فى تجربة بالتأكيد جيدة ونفس الشىء ينطبق على «أفراح القبة».
مسلسلات مصرى على الطريقة الأمريكية
التحدى الأكبر ربما مع «الخروج» الذى يبدأ بنوع جريمة غير منتشر فى مصر، جريمة يرتكبها قاتل متسلسل، منذ البداية ستشعر أن الجو غريب لكن الصناع بذلوا جهدا كبيرًا فى أن تظهر العناصر قريبة من الشارع المصرى، فعلى الرغم من غرابة الأحداث على الطبيعة المصرية لكنها ضرورة فى طريق الاتجاه للتجديد فانتماء المسلسل لنوع الجريمة يضفى عليه عامل الإثارة، كما الحال مع معظم المسلسلات الأمريكية التى تهيمن تقريبًا على السوق العالمى.
الدخول والتمازج مع الحركة العالمية فى الدراما التليفزيونية أصبح ضرورة والتمصير لم يطل استلهام الشكل العام بجودة فقط، بل تعداه إلى التعاقد مع أصحاب حقوق مسلسلات حققت نجاحات عالميا، ليجرى تمصيرها بشكل قانونى بالطبع مع إضافة وحذف وتعديل لتتناسب مع الطبيعة الاجتماعية، فبعد «الباب فى الباب» و«هبة رجل الغراب» يأتى «جراند أوتيل»، تتبادر إلى ذهنك للوهلة الأولى الميزة الحقيقية فى التمصير ألا وهى الهروب من فخ الدوبلاج للمسلسلات الأجنبية التى تحتل مساحات كبيرة على الشاشة الصغيرة، ونجاح هذه الطريقة سيفتح بالتأكيد الطريق لإنتاج أكثر وتكرار التجارب الناجحة.
نجوم يعيشون فى الماضى
مشهد واحد فقط من الجزء السادس لمسلسل «ليالى الحلمية» يكشف لنا مستوى السقوط المستمر لأسماء كانت يومًا كبيرة، لكنها لم تواكب التطور وما زالت متوقفة عند مرحلة كانت الشخصيات مثالية ويكفى اسمها فقط ليقوم مسلسل بأكمله على أكتاف تلك الشخصيات، ويدور حول شخصيتها، إلهام شاهين ما زالت تعيش فى زمن نجاح سابق متخيلة أنه كاف كى تفوز فى المنافسة الحالية، فى مطلع التسعينيات كانت إلهام اسما هاما ينافس يسرا لكن مع مرور الزمن وانطلاقة التطور الكبير فى الدراما التليفزيونية يسرا ومعها الفخرانى ومحمود عبد العزيز تحركوا بذكاء وتغيروا مع التغيرات الحادثة أى مقارنة بين خطوات يسرا بعد عام 2011 وبين خطوات إلهام المنحصرة فى مسلسل «نظرية الجوافة» وحاليُا «ليالى الحلمية 6» لتثبت أن إلهام خسرت الكثير من نجوميتها بسبب حالة الجمود.
ليلى علوى تسير على نفس النهج، وبعد نجاح «حكايات وبنعيشها» ظلت تكرر نفسها فى أدوار لا تتناسب مع مرحلتها العمرية ولا تراعى ضرورة التغيير فى عين المشاهد، وعلى الرغم من نجوميتها وقاعدتها الشعبية الكبيرة والراغبين فقط متابعة ليلى علوى ومسلسلها لكنها وبإصرار عجيب تصر على أن تستمر فى السقوط وفقدان جماهيريتها، ونفس الشىء يمكن قوله على شريكها فى بطولة مسلسل «هى ودافنشى» خالد الصاوى الذى ما زال يسحب من رصيد نجاح «خاتم سليمان» حتى الآن.
انتشار درة فى عدد من المسلسلات لتقدم نفس الأداء تقريبا لكل شخصياتها فى مسلسلات العام الحالى والماضى أيضًا، يجب عليها مشاهدة المشهد الوحيد للكبير عبد العزيز مخيون كصعيدى وبالطبع ليست تلك المرة الأولى لكنها مختلفة ومميزة، فالانتشار بالتأكيد ليس بالعدد بل بكيفية تقديم الشخصية.