الفتوى فى مصر سلعة تباع فى المزاد العلنى لمن يدفع أكثر، حيث اجتاح الساحة المصرية ما بعد ثورة 25 يناير 2011 سيل من الفتاوى «الشاذة» التى كان لها الأثر البالغ فى نفوس قطاع كبير من الشباب، دفعتهم للبعد عن صحيح الدين الإسلامى الوسطى، والسعى نحو تبنى العنف بدافع تحقيق مكاسب دينية ودنياوية.

وشارك فى تلك الفتاوى علماء من الأزهر الشريف، ومشايخ من السلفيين والتيارات الإسلامية الأخرى من غير المدركين للواقع الحالى، ومدى تأثير فتاواهم على عقول الشباب المراهق، والباحث عن الثراء السريع، وغير القادر على الزواج دون أن يعوا قول الله تعالى فى سورة الأعراف «قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّىَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْىَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ».

وبدأت الفتاوى تنهال على رؤوس المصريين بعد اعتلاء الإخوان سدة الحكم فى مصر، حيث سمحت «الجماعة» لكل ملتحٍ بأن يصول ويجول بفتاواه على شاشة الفضائيات، ومنابر وساحات المساجد والتجمعات الدينية دون ضوابط وتنظيم حتى من علماء الأزهر الشريف المفترض أنهم أصحاب العلم وأهل المعرفة فى هذا الشأن أكثر من غيرهم.

«الوفد» رصدت عدداً من الفتاوى التى أطلقها أزهريون وسلفيون ودعاة من التيارات الإسلامية، بعد قيام ثورة 25 يناير وأثارت جدلاً واسعاً فى الشارع المصرى.

أفتى الدكتور على جمعة قائلاً «إن السجائر والحشيش طاهران، ولا ينقضان الوضوء، ولكنهما حرام، وكذلك الأفيون والخمر»، مضيفاً أنه يجب أن يتمضمض متعاطيها بالماء قبل الصلاة.

وتابع فتواه خلال برنامجه «والله أعلم» قائلًا: «اللى يصلى وفى جيبه أفيون أو حشيش، صلاته صحيحة، أما إذا كان فى جيبه خمرة فصلاته باطلة، والحرمة شيء والطهارة شىء آخر».

وطلب «جمعة» من الرجل الاتصال بزوجاتهم قبل الرجوع إلى المنزل لعل أن يكون معها أحد الرجال فيعطيه فرصة للانصراف، قائلًا: اتصل بيها يا أخويا افرض معاها واحد خليه يمشى.

ومن فتاوى «جمعة» التى أثارت جدلاً بين المواطنين قوله «من أطاع الرئيس عبدالفتاح السيسى فقد أطاع الرسول، ومن عصاه فقد عصى الرسول».

وقال مفتى الديار السابق أيضاً «إنه يجوز للمسلم بيع الخمر فى المطعم الذى يملكه فى بلاد الغرب، وأنه يجوز تقديم الخمور وغيرها من الأطعمة المحرمة على المسلمين فى مطاعم المسلمين لكن بشرط عدم تقديمها وبيعها للمسلمين».

وأكد «جمعة» أن الأولياء والمشايخ يمكنهم أن يمارسوا الزنا، مستشهداً بواقعة لتلميذ «المرسى أبوالعباس»، وأشار إلى أنه من الأولياء وكان يزنى ويمشى على المياه، مضيفاً أن «من بين الأولياء والمشايخ من يدخنون ويشربون الشيشة».

وأفتى الدكتور على جمعة خلال لقاء تليفزيونى مع برنامج «البيت بيتك»، بتاريخ 13 فبراير 2007، حينما كان مفتياً للجمهورية بجواز إجراء عملية «ترقيع غشاء البكارة» للفتيات اللاتى فقدن عذريتهن لأى سبب كان، قبل الإقدام على الزواج، مؤكداً أنه «أمر مباح».

وتحدث مفتى الديار المصرية السابق، عن فتاوى تحريم الغناء والموسيقى، مضيفاً أن «أبو عيون جريئة» غناها الفنان الراحل عبدالحليم حافظ للرسول.

الدكتور سعد الدين الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أفتى أن «القبلة» فى نهار رمضان لا تفسد الصيام، مستشهداً بحديث نبوى شريف، لم يذكره.

وقال، إن هناك حديثاً عن السيدة عائشة كانت تقول إن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقبل زوجاته وهو صائم؟، معتبراً أن قبلة المسلم لزوجته وهو صائم سنة لأنه يأخذ ثواباً عليها.

وأجاز «الهلالى»، فى فتوى أخرى، ذبح الطيور كأضحية، حسب المذهب الظاهرى، موضحاً أن الأخيرة ليست صدقة وإنما شعيرة من الشعائر من أجل التذكرة بما فعله سيدنا إبراهيم وإسماعيل. وقد أعلن مجمع البحوث الإسلامية أن سعد الدين الهلالى «صاحب فكر منحرف» بعد أفتى بأن المسلم هو من سالم وليس من نطق بالشهادتين.

ومن دعاة الأزهر الذين أثاروا جدلاً الشيخ مظهر شاهين، إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، الذى أجاز بإفطار طلاب الثانوية العامة، قائلاً: «اختلاف الآراء ليس من الضرورى أنهم مخطئون بل آراؤهم صحيحة، لأن كل واحد يبنى فتواه على دليل واستنباط».

وأطلق شاهين فتوى، سمح فيها بإفطار الذين يذهبون للمصيف فى رمضان كونهم على سفر، بعد أن طالب فى فتواه التى اعتبرتها دار الإفتاء أنها مزايدة الرجل بتطليق زوجته أن كانت إخوانية.

وقد أفتى «شاهين» بتحريم الشراء من المتاجر المملوكة للإخوان، معتبراً أن الشراء من هذه المتاجر «حرام شرعاً».

السلفيون كان لهم نصيب الأسد من تلك الفتاوى، التى ضربت الشارع خلال 5 سنوات الماضية، حيث أفتى ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية، بأن الوقوف احتراماً للعلم والوقوف دقيقة حداداً بدعتان محدثتان لا يصح للمسلم اتباعهما، أما التصفيق فقد اعتبره الشيخ تشبهاً بالنساء.

وابتدع حزب النور السلفى وضع صورة زهرة بدلاً من صور مرشحاته إيماناً من الحزب بأن مشاركة المرأة فى البرلمان حرام لكنه مجبر على ترشيح نساء على قوائمه تبعاً لنصوص قانون الانتخابات الذى يجبر الأحزاب على ترشيح نساء ضمن قائمات.

وأطلق أحد شيوخ السلفيين بقناة الرحمة الفضائية فتوى بعدم جواز لبس الكعب العالى خارج المنزل وجواز لبسه فقط داخل المنزل من باب التزين للزوج مستشهداً بقصة أوردها أحد الصحابة عن نساء بنى إسرائيل.

وقال الشيخ مصطفى العدوى إذا كانت المرأة تلبس الكعب العالى لتتبرج به للرجال الأجانب فهذا محرم وممنوع، لأنه يحمل فساداً والله لا يحب الفساد.

كما دعا بعض المشايخ إلى سن قانون يمكن لغير المتزوجة أو المطلقة من شراء عبد لتتزوجه شريطة أن يدفع لها مهراً وذلك لحل أزمة العنوسة فى المنطقة العربية. وايضاً بسن قانون للجوارى لحماية الرجال من الفساد والزنا.

وأفتى الشيخ سامح عبدالحميد الداعية السلفى: بحرمة الاحتفال بشم النسيم، قائلاً «لا يجوز للمسلم أن يُشارك غير المسلمين فى أعيادهم الدينية، ولكن يجوز للمسلم أن يُهنئ المسيحى بنجاح ابنه أو بزواجه أو بشفائه، ويجوز عيادته عند المرض، ومواساته عند المصيبة.