هل تصدق أن بحراً عظيماً غزا صحراء مصر، حتى وصل لمحافظة الأقصر قبل أن ينحسر ليشكل البحر الأبيض المتوسط؟ تلك حقيقة جُسدت عبر متحف الحفريات وتغير المناخ، الذى افتتحته الحكومة المصرية مطلع العام الحالى وبه هياكل وبقايا الكائنات البحرية التى عاشت بتلك المنطقة منذ ملايين السنين، والذى يقف شاهداً على ما يمكن أن تفعله التغيرات المناخية بالموارد المائية بمرور الزمان.
اهتمت الدولة المصرية بالشراكة مع عدد من الكيانات، والمنظمات الدولية بدراسة آثار تغيرات المناخ منذ أواخر تسعينات القرن الماضى، والذى أسس لسيناريوهات متعددة، وصلت لنحو 17 سيناريو، صب أغلبها فى نقصان منسوب مياه النهر تدريجياً، مع وجود سيناريو آخر يحتمل زيادتها.
واستنبطت دراسة أعدها نخبة من الخبراء الدوليين بالتعاون مع فريق من خبراء وزارات البيئة، والموارد المائية والرى، والزراعة واستصلاح الأراضى تحت عنوان: «التأثيرات المحتملة لتغير المناخ على الاقتصاد المصرى»، مستقبل مياه نهر النيل، وتنبأ البرنامج الألمانى «ECHAM» بتناقص إيراد «النيل» عند السد العالى بحوالى 10% من الحصة المائية لمصر حالياً بحلول عام 2060، فيما توقع البرنامج الكندى «CGCM63» تناقصاً مقداره 36% لنفس العام، بنقص نحو 8.4 مليار متر مكعب من المياه، بينما توقع البرنامج اليابانى «MIROCM» وجود زيادة إيراد لنهر النيل قدرها 27% فى نفس الفترة، بزيادة قدرها 15.1 مليار متر مكعب من المياه عن حصتنا المائية الراهنة.
وتابع التقرير: «بحلول عام 2060 سوف يؤدى تناقص تدفق نهر النيل بمقدار 11% لخفض فى الإنتاجية المحصولية يفوق ربع الإنتاجية، بينما يؤدى تناقص إيراد النهر بمقدار الثلث لعجز بالإنتاجية الزراعية يقارب النصف».
واستطردت: «سيناريو النقص الكبير فى إيراد النهر ليصل لحوالى الثلث بمقدار 35 مليار متر مكعب لكل سنة، الذى يفترض أدنى زيادة فى دخل الفرد سيتسببان فى خسارة مؤشر الدخل العام بـ234 مليار جنيه، وتقل الخسائر إلى 112 مليار جنيه فى حال سيناريو النقص المحدود لإيراد النهر، أما فى حال أن يسود سيناريو الزيادة فى تدفق النهر؛ فنتوقع تقلص النقص فى مؤشر الصالح العام لـ38 مليار جنيه».
ورصد تقرير أصدره مركز البيئة والتنمية للإقليم العربى وأوروبا «سيدارى» عام 2012، والذى تديره الدكتورة نادية مكرم عبيد، أول وزير بيئة فى مصر، احتمالية تأثر مصر جراء زيادة درجات الحرارة، وارتفاع معدلات التبخر، وزيادة الطلب على المياه، والذى أشار إلى أن سيناريو واحد مستقبلى يتنبأ بزيادة تدفقات نهر النيل بنسبة 10% على المستقبل البعيد، فيما تتوقع 9 سيناريوهات أخرى تخفيضات طويلة الأجل فى إيراده تتراوح بين 10 و90% بحلول عام 2095.
وتابع: «على المدى القصير، جميع السيناريوهات العشرة تشير لفقدان ما بين 5 و50% بحلول عام 2020».