تحرص وزارة الكهرباء، على إبراز ما قدمته من جهد لـ"انتشال" البلاد من مراحل "الإظلام" القياسية التي كانت تحدث عام 2014، وحينها تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي، واعتبر أزمة الكهرباء "أمن قومي"، وبالفعل تم التغلب عليها بعمل قياسي من حيث عدد المحطات التي دخلت إلى الخدمة خلال عامي 2015 و2016.

وسبق أن صرح رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر،  جابر دسوقي، لـ"التحرير"، بأنه لن يكون هناك تخفيف أحمال وقطع للتيار خلال فصل الصيف الحالي؛ لوجود محطات تكفى لتلبية استهلاك المواطنين، وبالمثل حديث وزير الكهرباء عن صرف 52.4 مليار جنيه استعدادًا للصيف، إلا أن ما حدث أمس الجمعة، ومع ارتفاع درجات الحرارة، كان كفيلًا بعودة ذاكرة الأيام العصيبة من المعاناة من انقطاع التيار والحر، والتساؤل هو، "ما هو الحل في رمضان، والذي يشهد بطبيعة الحال ارتفاعًا للأحمال، خاصة مع موجة الحر الحالية"؟

نائب الوزير: الانقطاعات «طبيعية»

بدروه، قال نائب وزير الكهرباء، المهندس أسامة عسران، إن الانقطاعات التي حدثت أمس الجمعة، ناجمة عن تلف وتضرر الكابلات، بسبب أعمال حفر بالخطأ، فضلًا عن بعض الأعطال الفنية الأخرى "المحدودة".

وشدد عسران، في تصريحات لـ"التحرير"، على أنه لم يسجل أي حادث حريق بأي محول كهرباء، جراء ارتفاع درجات الحرارة، أو ارتفاع الأحمال، لافتًا إلى أن الانقطاعات "طبيعية ومبرمجة"، مثل التي تحدث في أي وقت، متأثرة بنسبة "معينة" وليست كبيرة، بموجة الحر، ما ينتج عنه بعض الأعطال في الكابلات الواصلة على شبكات الجهد المنخفض والمسؤولة عن إمداد المنازل في والقرى والمدن بالتيار مباشرة.

ونوه عسران بأنه تم صرف مبالغ مالية لتدعيم شبكة الكهرباء على كافة الأصعدة، حيث تم صرف 16 مليار جنيه لدعم شبكة النقل والخاصة بالجهود الفائقة والمرتفعة، من خلال نقل الطاقة الكهربائية المنتجة من المحطات إلى شبكة النقل، فضلا عن صرف أكثر من 3 مليارات جنيه لتدعيم شبكات التوزيع، موضحًا أنه توجد خطة "خاصة" لتدعيم شبكات التوزيع على الجهد المنخفض على مدار السنوات المقبلة.

شبكات التوزيع تحتاج إلى 3.8 مليار جنيه

وفي السياق نفسه، كشف مصدر مسؤول بـ"الكهرباء"، أن شبكات التوزيع، التي تعد الحلقة الأخيرة في وصول التيار إلى المشترك عبر مراحل مختلفة من الإنتاج والنقل والتوزيع، تحتاج لاستثمارات تقدر بـ 9.7 مليار جنيه خلال عامين، بينما ما تم صرفه هو 3.8 مليار فقط حتى الآن، كما تحتاج إلى استثمارات لعام 2030 تقدر بـ 43 مليار جنيه.

كما أشار المصدر إلى أنه في إطار الاستعداد لصيف 2016، تم تغيير 6347 لوحة جهد منخفض، و10338 محول توزيع؛ لمنع انقطاع التيار عن المنازل بالقرى والمدن، إلا أنها لم تشفع للوزارة، واستمرت الانقطاعات.

«انسداد» شفاطات المحولات بالأحياء الشعبية 

وكشف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن المواصفات التي وضعت للأكشاك والمحولات، لتتحمل درجات الحرارة عند 45 درجة مئوية، لكن شريطة أن يتم تصميمها بوجود هوايات فى أرضية الكشك وشفاطات، بحيث أن الهواء يدخل من الهوايات وتسحبه الشفاطات "اوتوماتيكيًا"، معقبًا: "لكنها تتعرض للانسداد في الأحياء الشعبية، وهذه المشكلة الكبرى التي تعانى منها الكهرباء دومًا مع ارتفاع درجات الحرارة، لاسيما وإن كان الارتفاع بالشكل الفج كما هو الحال خلال موجة الحر الحالية"، وأردف: "الله يكون في عون المحولات".

وعن الوضع في رمضان، أوضح المصدر، أنه حال تكرر الارتفاع في درجات الحرارة ولأكثر من يوم بهذا الشكل، فسينقطع التيار كما هو الحال أمس، مكملًا، أن أعطال المحولات تعد الأكثر فيما يخص مشكلات شبكات التوزيع، والتي تحتاج إلى ساعتين لإصلاحها على أقل تقدير في محافظات القاهرة الكبرى، بينما فترة الإصلاحات في القرى والصعيد، "في علم الغيب".

أزمة الكهرباء لم تنته

أما قال الدكتور طارق شرف، أستاذ تخطيط نظم الكهرباء بكلية الهندسة بجامعة القاهرة، إن سبب انقطاع التيار الكهربائي، رغم وجود فائض في الأحمال يرجع لأمرين، أولًا نقص الخبرة الفنية الجيدة في عمليات التشغيل، وثانيًا عدم تحديث البنية التحتية للشبكة، لافتًا إلى أن الشبكة ليست مولدات كهرباء وفقط، وأكمل: "الوزارة قدمت مجهودًا غير طبيعي لتعويض النقص الكبير في الأحمال من خلال محطات كبيرة، ولازال هناك نقص كبير في شبكات التوزيع والجهد المنخفض، وتحتاج إلى عمل ضخم".

شرف أضاف لـ"التحرير"، "أقول لمن تتحدث عن انتهاء أزمة الكهرباء، كما جاء على لسان بعض المسؤولين ، إنت مش فاهم حاجة خالص، والقيادة السياسية اتخذت خطوات لتقليل الانقطاع وليس منعه، فحل الأزمة يحتاج إلى محطات وتطوير الشبكات، وهما عمليتان يجب تنفيذهما على التوازي"، مشيرًا إلى أن "الكهرباء ستسعى بكل قوة للحد من هذه المشكلة، ولكنها تحتاج إلى وقت".

انقطاعات من 3 إلى 7 ساعات

بدورها، رصدت "التحرير" انقطاع التيار في أكثر من منطقة، منها على سبيل المثال لا الحصر، منطقة زهراء المعادي، والتي شهدت انقطاعًا للتيار منذ الـ 9.30 مساءً، وحتى الـ 1 بعد منتصف الليل، جراء حريق في أحد المحولات المغذية للمنطقة، ما يخالف تصريحات نائب الوزير سالفة الذكر، حول عدم رصد أي حادث حريق بالمحولات، فضلًا عن انقطاع التيار في أكثر من مربع سكني فى حى المطرية لأكثر من 7 ساعات؛ بسبب أعطال في المحولات بسبب "الحر"، وانقطاع التيار في منطقة برنشت في العياط بالجيزة منذ الساعة الـ 11 صباح أمس حتى الساعة الـ5 مساءً، كما انقطع التيار أمس لمدة 3 ساعات متواصلة في منطقة البدرشين فى الجيزة.