كل الأطراف الليبية المتناحرة سياسيًا أو على الأرض، في سباق ماراثوني، من أجل بسط السيطرة على كنزٍ عظيم، بمثابة منبع ذهب لا ينضب، وإن كان من الممكن نضوبه فعلى الأقل ليس قبل استخدامه في حسم الصراع في معركة «النفس الطويل».
الفريق أول، خليفة حفتر، وجيش «الحرس الرئاسي»، التابع لحكومة الوفاق بقيادة فايز السراج، وكذلك تنظيم داعش وغيره من الكتائب المسلحة، جميعهم يتسارعون من أجل محور «الهلال النفطي»، أو ما يعرف بمنطقة خليج السدرة، والتي تضم عدة مدن بين بنغازي وسرت وتتوسط المسافة بين بنغازي وطرابلس وتحوي المخزون الأكبر من النفط، بالإضافة إلى مرافئ السدرة ورأس لانوف والبريقة الأكبر في ليبيا.
وأكد اللواء محمد الغباشى، الخبير الاستراتيجي، أن رفع حظر تسليح الجيش، واعطاء الشرعية لمجلس الوفاق الوطنى، والاعتراف بحكومة فايز السراج هي اتجاه نحو السيطرة على الصراعات فى ليبيا، مشيرًا إلى أن ضعف السلطة المركزية جعلها تتخلى عن حماية بعض المرافق السيادية والحيوية لصالح الميليشيات التي تتصارع في ما بينها من أجل المنافع الخاصة.
وأضاف أن صراع السيطرة على الموانئ النفطية والمطارات والحدود، ونشوب النزاعات القبلية ظهرت بقوة وبشكل لم يحدث في التاريخ الليبي بين حكومة الوفاق والجيش الليبي بقيادة الفريق أول خليفة حفتر.
وتهدف حكومة السراج إلى سرعة تكوين وحدات جيش - الحرس الرئاسي- بهدف التقدم نحو هذه المناطق الاسترتيجية للسيطرة على أكبر قواعد النفط في ليبيا، وهو ما يسعى إليه بالتوازي الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، حيث تعد المنطقة الأهم في ليبيا بمثابة فرس رهان لتحقيق الجهة التي تفرض سيطرتها عليها مكاسب سياسية وتفرض نفسها على مائدة الحكم في ظل اتجاه لحكومة الوفاق لإقصاء حفتر من المشهد السياسي والعسكري.
وتتوجه حكومة السراج لقطع الطريق أمام جيش خليفة حفتر والذي بدأ الزحف نحو المنطقة الأهم استراتيجيا في ليبيا - الهلال النفطي- ففي حال تمكن الجيش التابع لحفتر من الاستيلاء على مدن الهلال النفطي من تنظيم الدولة، فإنه سيكسب ورقة ضغط قوية تضمن لحفتر مكانا أهم في مستقبل ليبيا، وإذا تمكنت حكومة الوفاق من السيطرة على المنطقة فإنها سوف تقوي موقفها في إقامة جيش بديل لتعتبر جيش حفتر بحكم الملغي أو تحتويه.
وأعلن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، عن تشكيل غرفة عمليات خاصة لقيادة العمليات العسكرية الجارية حاليا في المنطقة الواقعة بين مصراتة وسرت، ومناطق الهلال النفطي.
ويؤكد خبراء الشأن الليبي، أن من سينجح في السيطرة على هذا الكنز البترولي، فإنه بذلك امتلك مصدر تمويل هائل، يمكنه من المقاومة لأطول فترة ممكنة على الأرض، لكنهم حذروا من كارثة وصولها إلى داعش، خصوصًا وأن التمويل هو إكسير الحياة للتنظيم.
ومن جهته حذر المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، جوناثان وينر، الأطراف الليبية، من إمكانية أن تطالها عقوبات، قائلًا: الأجسام السياسية الموازية لحكومة الوفاق قد تطالها عقوبات قرار 2259 لمجلس الأمن لاستمرار عملها خارج حكومة الوفاق، محذراً من مغبة المساس بوحدة البنك المركزي ومؤسسة النفط، فهي أجهزة تحت سيطرة حكومة الوفاق.
وأكد عضو مجموعة المدافعين عن السيادة الوطنية الليبية، الدكتور حسين الشارف، أن هناك محاولات تجرى فى ليبيا تهدف لتمكين جماعة الإخوان لإفشال العملية السياسية، وأوروبا ودول أمريكا وتركيا وقطر لا يريدون بناء جيش قوي فى ليبيا.