قتل 46 متظاهرا على الاقل في صنعاء بعد اطلاق النار عليهم من قبل موالين للسلطة عند خروجهم للتظاهر في وسط صنعاء للمطالبة باسقاط النظام بحسب مصادر طبية، فيما اعرب الرئيس اليمني عن الاسف لذلك واعلن حالة الطوارئ في البلاد.
وهو اليوم الاكثر دموية منذ بداية الحركة الاحتجاجية التي انطلقت في كانون الثاني/يناير الماضي وما انفكت تتوسع في كافة انحاء البلاد، واكدت مصادر طبية ان عدد القتلى بلغ 46 على الاقل اضافة الى اكثر من 400 مصاب.
وطلب الرئيس الاميركي باراك اوباما من نظيره اليمني علي عبد الله صالح السماح بسير التظاهرات السلمية اثر اطلاق انصار النظام النار على تظاهرة في صنعاء.
وقال اوباما في بيان "ادين بشدة اعمال العنف التي وقعت اليوم في اليمن وادعو الرئيس صالح الى الوفاء بوعده بالسماح للتظاهرات بالسير سلميا".واضاف "ان منفذي اعمال العنف هذه ينبغي ان يتحملوا المسؤولية". واعرب اوباما عن تاييده "لتغيير سياسي يلبي طموحات اليمنيين".
وشوهدت الجثث الى جانب عشرات المتظاهرين المضرجين بالدماء يتلقون العلاج داخل خيام العناية الصحية الخاصة باعتصام المعارضين للنظام في ساحة جامعة صنعاء.
واكد احد الاطباء لوكالة فرانس برس ان "غالبية الجرحى اصيبوا في الراس والعنق والصدر".
وذكر شهود عيان لوكالة فرانس برس ان اطلاق النار من المباني المجاورة لساحة الاعتصام امام جامعة صنعاء، استمر حوالى ساعة ونصف، وتجدد في وقت لاحق.
وخرج المتظاهرون بعد صلاة الجمعة وهم يهتفون "الشعب يريد اسقاط النظام"، وكان عدد كبير منهم يحملون شارات التزاما بتعليمات الداعين للتظاهر في هذا اليوم الذي اطلقوا عليه اسهم "يوم الانذار" للرئيس اليمني الذي يحكم منذ 32 عاما.
وبدأ الرصاص ينهمر على المحتجين عندما حاول بعضهم تفكيك حاجز نصبه مناصرون للنظام من اجل قطع شارع يؤدي الى ساحة جامعة صنعاء حيث يعتصم مناوئو النظام منذ 21 شباط/فبراير، حسبما افاد مراسل وكالة فرانس برس.
واشار مراسل فرانس برس ايضا الى ان الشرطة اطلقت بدورها الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين.
من جهته، اعلن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح حالة الطوارئ في جميع انحاء اليمن معربا عن "الاسف" المتظاهرين في صنعاء وقال انهم "شهداء الديموقراطية".
وقال صالح "لقد قررنا (اعلان) حالة الطوارئ في جميع انحاء البلاد"، على ان يشمل ذلك منع التجول بالاسلحة.
وذكر ان مجلس الدفاع الوطني الذي يرئسه "سيجتمع الليلة ويحدد الساعات وسيعلن عبر القنوات الرسمية"، في اشارة على ما يبدو الى امكانية فرض حظر تجول في البلاد.
وعن الهجوم على المتظاهرين في وسط صنعاء، نفى صالح ان تكون الشرطة شاركت في اطلاق النار على المحتجين، الا انه اعتبر انه يتعين على المعتصمين في العاصمة ان ينتقلوا الى مكان آخر حيث لا يكون هناك احتكاك مع السكان.
وقال انه "كان هناك تواصل بين اليمن والسعودية ودول مجلس التعاون الخليجي لاجراء وساطة لرأب الصدع بين اطراف العمل السياسي في اليمن ... وما حدث اليوم افشل هذه المساعي لراب الصدع وحقن الدماء في الساحة اليمنية".
واضاف "شيء مؤسف ماحدث اليوم من سقوط ضحايا من أبنائنا المواطنين".
واكد ما حصل في صنعاء هو "نتيجة مواجهات بين مواطنين ومعتصمين اثر اقتحام المعتصمين لاحياء سكنية جديدة وهدم جدران بناها سكان تلك الاحياء لحمايتها"، مشددا على ان "الشرطة لم تطلق أية رصاصة واحدة كونها من قوات مكافحة وفض الشغب ولا تحمل أية أسلحة".
وقال "ان المعتصمين اذا رغبوا في مواصلة اعتصاماتهم فعليهم أن يبحثوا عن أماكن أخرى بعيدة عن الأحياء السكنية لتجنب الإحتكاك مع المواطنين".
الى ذلك، اعلن الرئيس اليمني تشكيل لجنة تحقيق "في مقتل الضحايا الذين سقطوا في كل المدن" اليمنية معربا عن "الاسف" لمقتلهم، ومؤكدا انهم يعتبرون "شهداء للديموقراطية".
كما قال صالح انه "اصدر توجيهات برعاية اسر الضحايا".
من جهتها، نددت المعارضة البرلمانية المطالبة برحيل صالح بهذه "المجزرة".
وقال القيادي في اللقاء المشترك (تجمع المعارضة) محمد الصبري في تصريحات لقناة العربية "انها مذبحة ومجزرة" و"جريمة مخططة وواضحة" مشيرا الى ان "الاطفال هم الذين قتلوا".
واكد الصبري ان "هذه الجريمة لن تديم النظام (...) وهذا النظام سيرحل" كما ان "هذه الجريمة لن يفلت منها المجرمون وعلي عبدالله صالح واولاده".
وشدد القيادي المعارض على ان "الشعب اليمني سيواجه القتلة (...) والناس جميعا لديهم الاستعداد للشهادة حتى يرحل هذا النظام".
وكانت المعارضة البرلمانية اتهمت النظام الخميس بارتكاب جرائم ضد الانسانية في عمليات قمع المتظاهرين.
واكد مصدر قيادي في المعارضة في بيان ان "المجزرة التي ارتكبت اليوم بحق المعتصمين السلميين افقدت صالح ما تبقى له من شرعية" وهو "لم يعد مؤهلا لاتخاذ اي قرارات تخص الشأن العام في البلد".
واعتبر المصدر ان "الرد العملي من قبل الشعب على مجزرة اليوم هو التوافد الى ميادين وساحات الحرية والكرامة في مختلف محافظات الجمهورية".
وتعرض المعتصمون في ساحة جامعة صنعاء مرارا وتكرارا لهجمات من قبل مناصري النظام وقوات الامن، بالرغم من ان الرئيس علي عبدالله صالح وعد بحماية المتظاهرين من المعسكرين الموالي والمعارض
وتظاهر الالاف في عدن، كبرى مدن الجنوب، تتديدا بالاحداث في صنعاء، واصيب متظاهر بجروح خلال تفريق المتظاهرين من قبل الشرطة.
وندد امين عام الامم المتحدة "بشدة" باستخدام السلطات اليمنية الذخيرة الحية ضد المتظاهرين حيث اعلن المتحدث باسم مارتن نسيركي ان "الامين العام قلق جدا حيال استمرار العنف وعدم الاستقرار" في البلاد و"يكرر دعوته الى اكبر قدر من ضبط النفس ويذكر الحكومة اليمنية بانه من واجبها جماية المدنيين".
واعربت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون عن "الاستياء" حيال اطلاق النار على المتظاهرين وسقوط قتلى في صفوفهم.
كما نددت فرنسا "بحزم" ب"الهجمات الدامية" ضد المتظاهرين المطالبين برحيل صالح، حيث صرح المتحدث باسم خارجيتها بيرنار فاليرو "بات من الضروري ان بتوقف هجمات القوى الامنية والجماعات المسلحة الموالية للحكومة على اشخاص يمارسون حقهم في التعبير والتظاهر".
وفي خطوة لافتة، دانت قطر التي سبق ان قادت عدة وساطات في اليمن، استخدام "القوة المفرطة" بحق المتظاهرين.
ونقلت وكالة الانباء القطرية عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية قوله ان دولة قطر تعبر "عن الحزن والاسى لسقوط عدد من الضحايا المدنيين".
واضاف المصدر ان قطر "تعرب عن ادانتها واستيائها لاستخدام القوة المفرطة من قبل السلطات اليمنية والتى لا تؤدي إلى حل المشاكل بل الى تعقيدها وخروجها عن السيطرة".
كما دعت منظمة العفو الدولية السلطات اليمنية الى ملاحقة المسؤولين عن "الهجوم المنسق" على المتظاهرين في صنعاء والذي "سيعمق الازمة".
وتساءلت المنظمة عما اذا كانت السلطات تسيطر فعلا على قواتها اليمنية".
ومن جهته ايضا، دان زعيم التمرد الشيعي الحوثي في شمال اليمن الذي انضم اتباعه الى الحركة المطالبة باسقاط النظام، "المجزرة المؤسفة" وقال ان "تلك الدماء الطاهرة الذكية التي سالت في تلك الساحة هي نهاية حكم ظالم وبداية فجر جديد".
ودعت منظمة العفو الدولية السلطات اليمنية الى ملاحقة المسؤولين عن "الهجوم المنسق" على المتظاهرين في صنعاء الجمعة والذي اوقع 46 قتيلا على الاقل ونحو 400 جريح.
وذكرت المنظمة في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه ان "على السلطات اليمنية العمل فورا على جلب المسؤولين عن هجوم يبدو انه منسق الى العدالة".