أزاحت تسريبات "بنما" الستار ليس فقط عن أسماء شخصيات عامة وزعماء دول متورطين فى قضايا إخفاء ضريبى وإخفاء لثرواتهم ولكنها أيضا سلّطت الضوء على قضية هامة وهى لماذا من السهل غسل الأموال فى دولة بنما؟.  

رأت صحيفة الإندبندنت البريطانية أن الافراج غير مسبوق عن هذه الكمية من الوثائق لن يساعد بالشكل الكافى فى مساعدة دولة بنما فى مشكلتها مع غسل الأموال التى تعود لعقود طويلة حيث يعود تاريخها إلى أواخر الثمانينات، فى عهد الدكتاتور مانويل نورييجا، قبيل الاطاحة به في عام 1989.

وأفادت الصحيفة البريطانية أن "نورييجا" كان فى صدارة قائمة الرواتب الخاصة بـ "ميدلين كارتل"، إحدى أشهر عصابات المخدرات بكولومبيا، وبالتالى فإن تفشى تجارة المخدرات وغسل الأموال فى بنما جعل جون كيري يصفها بأنها مرتعاً لـ"لصوص المخدرات"، حين كان سيناتور فى الكونجرس الأمريكى.   

عملت بنما منذ أيام الديكتاتور "نورييجا" على سن تشريعات لمكافحة غسل الأموال، ولكن لم تفعل شيئاً يذكر لتطبيق هذه التشريعات، فوفقاً لتقرير أصدره صندوق النقد الدولى عام 2014، يقول إن "السلطات لم تجر أي دراسة أو تقييم لمخاطر غسيل الأموال أو غمليات تمويل الإرهاب المُرتبطة بالإتجار بالمخدرات والجرائم الأخرى ذات الصلة".

وبناء على ما يمكن وصفه بـ"تقاعص بنما فى اتخاذ إجراءات رادعة ضد التهرب الضريبى وغسل الأموال"، فقد واجهت عمليه فحص وتدقيق من قِبل الولايات المتحدة ودول أخرى في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى وضعها ضمن فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية المتعلقة بغسل الأموال والمعروفه المُؤلفة من الدول التي لم تتخذ إجراءات لوقف غسل الأموال والمعروفه باسم "القائمة الرمادية".

ولكن كل هذه الإجراءات لم تجدِ نفعاً ليتكشف لنا منذ أيام أن شركة "موساك فونسيكا" التى تتخذ من بنما مقراً لها وتعمل منذ 40 عاماً  ويتعامل معها نحو 140 زعيماً سياسياً من حول العالم، بينهم 12 رئيس حكومة حاليين أو سابقين، هرّبوا أموالاً من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية التى تعتبر بنما واحدة منها.