أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي على العلاقات الثنائية المتميزة التي تجمع بين مصر وإيطاليا ، ووصفها بأنها تاريخية وعميقة ومتميزة، منوهاً إلى أن إيطاليا تعد الشريك التجاري الأول لمصر على مستوى القارة الأوروبية، فضلاً عن توافر العديد من مجالات التعاون المشترك نظراً لكون مصر وإيطاليا دولتين متوسطتين.
جاء ذلك فى حوار أجراه الرئيس السيسي مع صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية التي تُعد إحدى أكثر الصحف الإيطالية انتشاراً، حيث تبلغ نسبة توزيعها خمسة ملايين نسخة يومياً. وقد استهل الرئيس الحوار بتوجيه تحية إعزاز وتقدير لحكومة وشعب إيطاليا الصديقة، مؤكداً اعتزاز مصر بالعلاقات الثنائية على المستويين الرسمي والشعبي.
ونوّه الرئيس إلى أهمية البعد الشعبي في العلاقات الثنائية بين البلدين والذي طالما تميز بالثراء والتواصل الثقافي والحضاري فقد كان لإيطاليا جالية كبيرة في مصر تعمل في مختلف مجالات التجارة والفنون والعمارة وساهمت بفاعلية في تقدم تلك المجالات بمصر، كما أن الجالية المصرية في إيطاليا لها نشاط فاعل على صعيد العمل والحياة في المجتمع الإيطالي.
واستعرض الرئيس السيسي مجمل تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية التي شهدتها مصر منذ تولي سيادته لمنصبه، مشيراً في هذا الصدد إلى استكمال استحقاقات خارطة المستقبل وتشكيل مجلس النواب الذي يضم نسبة غير مسبوقة من المرأة والشباب. كما نوَّه الرئيس السيسي إلى المشروعات القومية المختلفة التي تدشنها وتنفذها الدولة مثل قناة السويس الجديدة ومشروع استصلاح وتنمية المليون ونصف المليون فدان ومشروع الشبكة القومية للطرق وغيرها، بالإضافة إلى تخصيص 200 مليار جنيه على مدار خمس سنوات لصالح المشروعات الصغيرة والمتوسطة بفائدة مخفضة، فضلاً عن القضاء على مشكلات مزمنة كانت تعاني منها مصر مثل أزمة الكهرباء والغاز.
وعلى الصعيد الخارجي، نوَّه الرئيس السيسي إلى استعادة مصر لمكانتها على الصعيدين الإقليمي والدولي من حيث تنشيط علاقات مصر الدولية، والدور المصري الفاعل في مكافحة الإرهاب، وحصول مصر على عضوية مجلس الأمن، وكذا عضوية مجلس السلم والأمن الافريقي، وتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة بين التكتلات الاقتصادية الافريقية الثلاث.
ورداً على استفسار بشأن العلاقة مع رئيس الوزراء الإيطالي، أعرب الرئيس عن تقديره واحترامه لرئيس الوزراء الايطالي واصفاً إيَّاه بأنه صديقٌ عزيز لمصر ولسيادته شخصياً، ووجَّه الرئيس السيسي التهنئة للشعب الإيطالي على اختياره لرئيس الوزراء الإيطالي الذي يتميز بالنشاط والذكاء ويمتلك رؤية سياسية واقتصادية واعية. وأشار الرئيس إلى أن علاقة الصداقة التي تجمعه برئيس الوزراء الايطالي تأتي مدفوعة بزخم رسمي وشعبي في إطار علاقات الصداقة الوطيدة التي تجمع بين البلدين والشعبين المصري والإيطالي، مؤكداً أن تلك العلاقات المتميزة تنعكس على مختلف مجالات ومستويات التعاون بين البلدين، ومعرباً عن التقدير لمواقف إيطاليا ورئيس الوزراء "رينزي" الداعمة لمصر وشعبها.
وأكد الرئيس السيسي ترحيب مصر بالاستثمارات الإيطالية على المستويين الرسمي والشعبي، مشيراً إلى الاعتزاز بعلاقات العمل والتعاون مع شركة إيني الإيطالية التي تعمل في أحد أهم المجالات بالنسبة لمصر وهو مجال الطاقة الذي يعد ضرورياً لنمو جميع القطاعات الاقتصادية في الدولة.
ورداً على استفسار بشأن حادث مقتل الباحث الإيطالي "جوليو ريجيني"، أكد الرئيس السيسي للشعب الإيطالي أن هذا الحادث كان صادماً للشعب المصري مثلما كان بالنسبة لهم، منوهاً إلى أن علاقات الصداقة بين الشعبين ممتدة وتاريخية، وإلى أن مصر حريصة على توفير الأمن والحماية لكافة زائريها، ومن بينهم الإيطاليون. وذكر الرئيس في حديثه أن هذا الحادث المروع والمرفوض من حكومة وشعب مصر هو حادث فردي لم يواجهه سوى مواطن إيطالي واحد من بين جموع الإيطاليين الذين يزورون مصر والذين تقدر أعدادهم بالملايين على مدار أعوام طويلة.
وأشار الرئيس إلى اختفاء المواطن المصري عادل معوض المقيم في إيطاليا منذ خمسة أشهر دون الكشف عن أسباب اختفائه أو المتسببين فيه، مؤكداً أن مثل هذه الأحداث الفردية لا يتعين اتخاذها كأسباب لإفساد العلاقة بين البلدين، ومنوهاً إلى أنه في أوقات الشدائد يُعرف الأصدقاء وتُقاس مدى متانة العلاقات.
ونوّه السيد الرئيس في ذات السياق إلى أن النيابة العامة قد تولت التحقيق منذ اللحظـة الأولى وتحـــت إشـــراف مباشــر للنائب العــام، كما تم تشـــكيل مجموعات عمل متخصصة من قِبل أجهزة الأمن المعنيــة للوقوف على أســـباب الحادث وملابساته، وما زالت تبذل جهوداً كثيرة حتى الآن. كما أكد الرئيس السيسي حرص مصر على تكثيف التعاون مع الجانب الإيطالي لكشف غموض هذا الحادث الأليم وتقديم مرتكبيه للعدالة، منوهاً إلى أن الفريق المصري المكلف بالتحقيق سوف يتوجه خلال أيام إلى روما لدفع سبل التنسيق المشترك في هذه القضية.
كما أوضح الرئيس السيسي أن توقيت هذا الحادث يطرح العديد من الأسئلة ومن بينها توقيت الكشف عن الحادث أثناء زيارة وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية لمصر على رأس وفد من ممثلي مجتمع الأعمال الإيطالي وفي الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين البلدين زخماً سياسيا واقتصاديا غير مسبوق، وما إذا كانت هناك أطراف لديها مصلحة لعرقلة هذا التعاون، فضلاً عن كيفية تعامل الجانبين المصري والإيطالي مع هذا الحادث وأهمية تفويت الفرصة على تلك الأطراف.
ووجّه الرئيس رسالة إلى أسرة الباحث الإيطالي "ريجيني" أكد خلالها على إدراكه التام لمدى الألم الذي يشعرون به جراء فقد نجلهم، مقدراً حجم المرارة والصدمة التي روعتهم وأحزنت قلوبهم. ووجَّه إليهم الرئيس أصدق التعازي وخالص المواساة في وفاة نجلهم، معربا عن تضامنه معهم في مُصابهم الأليم. كما أكد مواصلة العمل مع السلطات الإيطالية لضبط مرتكبي الحادث حتى ينالوا جزاءً رادعاً بموجب القانون.
وقد تناول الرئيس في حواره للصحيفة الإيطالية كذلك عدداً من القضايا الهامة على الصعيدين المتوسطي والإقليمي، وفي مقدمتها مكافحة الهجرة غير الشرعية، وسبل التعاون مع الاتحاد الأوروبي لمواجهتها، فضلاً عن جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، وتسوية القضايا الإقليمية، حيث استأثرت الأزمة الليبية بجزء هام من الحوار، على صعيد سبل مكافحة تنظيم داعش في ليبيا، وجهود دعم حكومة الوفاق الوطني الليبية والجيش الوطني الليبي.