الشهرية الإسبانية

ففي إطار الشهرية الإسبانية التي ينظمها استديو الأربعاء ، بالتعاون مع نادي الكويت للسينما والسفارة الاسبانية في الكويت ، عرضت مكتبة الكويت الوطنية الفيلم الاسباني "La Voz Dormida" أو "الصوت النائم" ، بحضور نائب رئيس البعثة الديبلوماسية في السفارة الاسبانية لدى الكويت ألبرتو أوثيلاي ، فيما قدمت الأمسية الناشطة الاسبانية ثيليستا رودريغز , الفيلم إخراج "Benito Zambrano" عام 2011 , ومستوحى من رواية للكاتبة "Dulce Chacón" ، يجول بنا خلال ساعتين في عالم النساء الإسبانيات المناضلات ضد حكم فرانكو الاستبدادي، فيلم بديع وكاشف لعالم المرأة والسياسة .

الأخت المناضلة

تدور الأحداث حول أختين قطعت الحرب أوصال العلاقة بينهما ، إذ تقضي الأخت المناضلة وتدعى "هورتنسيا" , عقوبة الانضمام لمنظمات تحاول إسقاط النظام في المعتقل ، وهي تحمل في أحشائها طفلا من زوجها المناضل الهارب من قوات الجيش الذي يحكم البلاد بقبضة حديدية .

الأخت الصغري

أما الأخت الصغرى فتدعى "بيبيتا" , تحاول أن تعمل في العاصمة "مدريد" بعد أن أتت من مدينتها "قرطبة" كي ترى أختها السجينة , ويعرض الفيلم لكثير من الشخصيات النسائية من السجينات في مراحل عمرية مختلفة .

 

أشرس الحكام

واحد من أشرس الحكام الأوروبيين في العصر الحديث "فرانسيسكو فرانكو" ، فكما أطلق هتلر على نفسه لقب الــ "Der Führer" , و موسولويني لقب Il Duce"" ، رأي الجنرال الإسباني في نفسه الزعامة كي يطلق على نفسه هذا اللقب الذي لا يختلف في معناه عن ألقاب رفاق الفاشية في أوروبا فمعناها الزعيم والقائد .

حروب العصابات

فيلم يتحدث عن الفترة التي تلت انتهاء الحرب الأهلية الإسبانية التي وقعت بين عامي 1936 و1939 , في عام 1940 بعد أن نجح الجنرال فرانكو في الانتصار على جبهة الجمهوريين أو الديمقراطيين واقتناص السلطة ، لم يكن الانتصار مكتملا , فالجمهوريون رغم هزيمتهم خلال الحرب وعدم قدرتهم على الحفاظ على السلطة أو استعادتها مرة أخرى ، لم ييأسوا وقاموا بالتعامل مع نظام فرانكو القومي بطريقة حروب العصابات .

قصة الفيلم

قصة أختين إحداهما شيوعية غير مؤمنة بالدين تناضل مع حركات اليسار المناهض للنظام الحاكم ، والأخرى فتاة مسيحية كاثوليكية عادية  قطعت الحرب أوصال العلاقة بينهما ، فالأخت المناضلة "هورتنسيا" تقضي عقوبة الانضمام لمنظمات تحاول إسقاط النظام في المعتقل , وهي تحمل في أحشائها طفلا من زوجها المناضل الهارب من قوات الجيش الذي يحكم البلاد بقبضة حديدية , أما الأخت الصغرى "بيبيتا" تحاول أن تعمل في العاصمة مدريد بعد أن أتت من مدينتها "قرطبة" كي ترى أختها المسجونة .

السجانات و الراهبات

الفيلم تعرض لكثير من الشخصيات النسائية ، كثير من النساء السجينات في مراحل عمرية مختلفة ، والسجانات اللاتي يبدو على وجوههن القسوة ، والراهبات اللاتي يحاولن إثناء السجينات الشيوعيات عن كفرهن بالمسيحية الحقة ، والمرأة التي تبكي مقتل أخويها على يد الحركات الشيوعية , الفيلم اصطدم بمسألة الدين وكيف ترى النساء الشيوعيات في صراعهن مع الراهبات أن الدين لم يكن سوى قناع لتجميل صورة نظام "فرانكو" القمعي ، فالراهبات اللاتي يرتدين زي العفة لا يختلفن كثيرا عن الشيطان .

العقاب القاسي

"يحيا فرانكو" هكذا هتفت السجينات وهن واقفات في صفوف متراصة ، وأمامهن السجانة تقيم النظام والراهبة تحذرهن من عدم الالتزام ، فالعقاب سيكون قاسيا سيمنعن عن الزيارات لمدة شهر , الراهبة تحمل في يدها تمثال صغير للمسيح الطفل ، وتطلب من كل سجينة تقبيل قدميه الصغيرتين حتى تشملها الرحمة السماوية ، وتنقي روحها الملعونة من همهمات الشيوعية البغيضة , بعض النساء تضعفن و تقبل واحدة تلو الأخرى قدم المسيح ثم يد الراهبة .

لن يسود السلام في هذه الدولة

إلا أن أحداهن ترفض ذلك وتقول للراهبة القواعد لا تقول شيئا حول تقبيل الدمي، أنا غير مؤمنة ولن أقبل قدم أي دمية , تصفعها الراهبة على وجهها وتقول كيف تجرؤين وتصفين المسيح بالدمية ؟ , سوف تقبلين قدمه لأنني أردت ذلك أيتها الشيوعية اللعينة , أنت لا تستحقين الهواء الذي تتنفسين ، سوف أعلمك معنى الاحترام , في هذه اللحظة يسقط المسيح الطفل وينكسر فتصاب الراهبة بالذعر ، وتلطم المرأة على وجهها مرة ثانية ثم تضربها بهراوة السجانة بقسوة شديدة , قائلة لها سوف تخلدين في الجحيم إلى الأبد مع من بقي من أمثالك ، ثم تتوجه لباقي السجينات "جميعكن ملعونات لا خلاص لأي منكن ، لن يسود السلام في هذه الدولة ولن يسامحنا الله حتى يقبع كل الشيوعيين في السجون أو يلقوا حتفهم" .

قوة المرأة المناضلة

هذه الصورة الملائكية لسيدة ترتدي زيا مسيحيا محافظا تتحول في هذا المشهد البديع إلى صورة شيطانية بامتياز ، تحفظ بين يديها صك الغفران والخلاص من الجحيم لمن يطيع أوامرها ، إلا أنها رغم قوتها الظاهرية لم تستطع أن تصمد أمام قوة المرأة المناضلة التي رفضت تقبيل الدمية .

إخراج الطفلة من المعتقل

"هورتنسيا" الحامل تضع طفلة داخل المعتقل ، وفي هذه اللحظة تظهر صورة أخرى لإحدى السجانات لها قلب رقيق مثل أي امرأة حبتها الطبيعة فطرة سليمة  تحاول السجانة أن تساعد "هورتنيسا" من أجل إخراج الطفلة من المعتقل وتوصيلها إلى أختها "بيبيتا" .

يوم تنفيذ حكم الاعدام

في يوم تنفيذ حكم الإعدام ضد "هورتنسيا" , يدور حوار بين هذه السجانة وسجانة أخرى حول الطفلة الرضيعة التي تبكي لأنها جائعة ، فتقول السجانة لزميلتها الرقيقة القلب "لو أن الله حباها طفلة كهذه لن تقحمها في غمار السياسة ، فالشيوعيون لا يحبون أطفالهم كما نحب نحن" ، فترد الأخرى عليها بالطبع لا فهي تحب ابنتها ، فتقول الأخرى كيف هذا وهي لم تقم بتعميدها من قبل الراهبات ولم تذرف دمعة واحدة عليها ، فتقول السجانة الرقيقة هناك أكثر من طريقة الحزن والبكاء ، هذه طفلة بريئة لا ذنب لها فيما يحدث ، علينا أن ندخلها لأمها كي ترضعها , يدور هذا الصراع بين السيدتين حتى تدخل الطفلة لأمها فترضعها .

السيدات لسن جميعا قاصيات

حاول المخرج أن يبين أن هؤلاء السيدات لسن جميعا قاصيات , فمنهن من أصبحت سجانة رغما عنها لأنها لم تجد عملا آخر سواه ، فقد كانت تعمل السجانة الرقيقة معلمة في إحدى المدارس قبل اندلاع الحرب الأهلية .

في انتظار حبيبها السجين

تلقى "هورنتسيا" حتفها تحت أضواء القمر وإلي جانبها العشرات ، وتولد ابنتها يتيمة لا حاضن لها سوى خالتها "بيبتا" التي عاشت عشرين عاما في انتظار حبيبها السجين في زنازين "فرانكو" , هذا الفيلم استطاع تماما أن يحرك مشاعرك تجاه هؤلاء السيدات اللاتي لم يخضعن لنظام مستبد حكم إسبانيا لقرابة الأربعة عقود حتى وفاة "فرانكو" عام 1975.

الأحداث التاريخية مثيرة دوما

تبقى أفلام السيرة الذاتية المتقاطعة مع الأحداث التاريخية مثيرة دوما، إذ تتماس فيها الحقائق التاريخية مع خيال المؤلف والمخرج ، وتزداد إثارة الفيلم عندما ينجح المخرج في نسج خيوط الحكاية التي تؤجج حيرتك فلا تعلم ما هو الخط الرفيع الفاصل بين الحقيقة والخيال ؟