فى هذا المكان ومنذ يومين وجهت التحية لرئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر جاد نصار على عودة النشاط والحفلات الفنية لفنانى مصر الكبار إلى داخل الحرم الجامعى، واستضافته لأول مرة المطرب الجميل والرائع الكينج محمد منير، لإقامة حفل مجانى تحت قبة جامعة القاهرة العريقة بحضور آلاف الطلبة والطالبات، وخروج الحفل بصورة مشرفة ودون حدوث تجاوزات تذكر.
 
وبدأ خلال الحفل ومن الإقبال الكبير من الطلبة والطالبات مدى الحاجة والضرورة إلى عودة الفن الراقى والمحترم مرة أخرى إلى حرم الجامعة فى كل أنحاء الجامعات المصرية، واستعادة دور الجامعة مرة أخرى فى احتضان هذا الفن، واستضافة كبار الفنانين والفعاليات الفنية داخل قاعاتها وفى طرقاتها مثلما كانت فى الماضى، إيمانا بدور الفن فى الارتقاء بالذوق العام وبسلوك للطلبة وبدوره فى معركة المجتمع الذى يخوضها ضد التطرف والعنف.
 
وبسبب موقفه وإصراره على استضافة كبار الفنانين داخل الحرم وإيمانه بشيوع الفن الراقى والفكر الجاد والتدين الصحيح والتمسك بثقافة الحوار والاختلاف فى المجتمع، يواجه جابر نصار حربا شرسة غير أخلاقية من قيادات وأنصار تيار الجهل والظلام و«غربان التطرف والإرهاب»، وباتهامات بلغت حد «الخروج عن الملة»، ومع ذلك رئيس جامعة القاهرة فى المواجهة، ويبدو أنه وحيد فى المعركة لا يملك سلاحا سوى سلاح الفكر ولا يدعمه سوى طلابه فى غياب مواقف مؤسسات لها دور أصيل فى مواجهة التطرف والعنف والارهاب.
 
وأعرف أن فى فم الرجل ماء ولديه الكثير ليقوله عن تخلى أطراف كثيرة فى معارك جامعة القاهرة ضد جماعات التطرف والإرهاب، بل إن بعض رؤساء الجامعات لا يؤمنون بما يؤمن به الدكتور جابر نصار لدور الفن والدور الذى لعبته جامعة القاهرة ومسرح قبتها فى البنيان الثقافى والتنويرى فى مصر والوطن العربى، وفاعلية هذا الدور فى مواجهة هذا التطرف والإرهاب وتفكيك آلياته.
 
وأقولها صراحة إن هناك رؤساء جامعات يميلون فى أفكارهم إلى الفكر الداعشى المتخلف والرجعى فى موقفه من الفن، وأستدل على ذلك بما كتبه أحد رؤساء جامعات مصر على موقع التواصل الاجتماعى وهو الدكتور ياسر صقر رئيس جامعة حلوان.
 
ولنقرأ ماذا كتب رئيس جامعة حلوان ردا على تنظيم حفل لأحد المطربين المشهورين داخل الجامعة، وما هو رأيه فى إقامة الحفلات الفنية داخل الحرم الجامعى، حتى ندرك أن الفكر الداعشى والفكر المتطرف الكاره للفن لا يأتى من خارج الجامعة فقط أو من أنصار وقادة هذا الفكر، ولكن من أشخاص مسؤوليين يفترض أنهم الذين يقودون راية التنوير والفكر الحر.
 
كتب رئيس جامعة حلوان يقول: «مساء الخير.. تم الإعلان على الصفحة الرسمية لجامعة حلوان التى بها أكثر من مليون ونصف طالب من الجامعة أن أحد المطربين المشهورين هيغنى فى الجامعة، هذا الكلام قد تم الاتفاق عليه، ولكننى رفضته بشدة، وهذا حرصا منى على التعليم وأننا مكان للعلم وليس ملهى ليلى، وأن جامعة حلوان تختلف عن جميع الجامعات ولا مقارنة بين الجامعات وبعضها، وإن دفعنا جنيها واحدا من الخزينة فسوف يكون للطلبة وتخفيض مصاريف الدراسة وإصدار الكارنيهات، وبالنسبة للترفيه فأنا وعدت أنى هاستدعى الداعية مصطفى حسنى قريبا، ولكن لن يخرج جنيه واحد من ميزانية الجامعة من أجل الحفلات الغنائية، بل من أجل تطوير الجامعة».
 
هل يحتاج ما كتبه رئيس الجامعة إلى تعليق بعد ذلك، فالرجل رأيه واضح تماما فى الفن وفى استضافة الفنانين داخل الحرم الجامعى، فهو يراه ترفيها يمكن تعويضه باستضافة الدعاة، إذا كان هذا هو رأى رئيس جامعة مدنية فى الفن فهل نعيب على الداعشيين والسلفيين ودعاة الانغلاق الفكرى والتطرف والإرهاب؟! وماذا ننتظر من طلبة جامعة حلوان إذا كان هذا رأى رئيس جامعتهم؟!