في ظل تفاقم أزمة "اختفاء الدولار" يقف البنك المركزي، برئاسة طارق عامر، مكتوف الأيدي أمام السوق السوداء واستحواذها على كافة السيولة الدولارية وتحكمها بالأسعار ومصائر العباد، بحسب خبراء اقتصاد.

وهاجم الخبراء محافظ البنك المركزي، مؤكدين أن سياساته وإجراءاته الأخيرة شكلت مناخًا مناسبًا لتوحش السوق السوداء وانفجار الأسعار.
وبحسب متعاملين بالسوق السوداء فإن سعر الدولار وصل إلى 920 قرشا حتى على الرغم من عدم القدرة على تدبيره.

بداية، هاجم الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدى الاقتصادي المصري، تصريحات محافظ البنك المركزي التي أكد فيها سعيه لتخفيض عجز الموازنة وزيادة الاستثمار، متسائلاً لو أن محافظ البنك المركزي سيعمل على ذلك فما هو دور وزيري المالية والاستثمار؟، مضيفا أن تولي شخص واحد لجميع الأدوار يسمى "عك"، مهاجما تخوين محافظ البنك المركزي للمعارضين لسياساته.
وأكد أن إجراءات عامر وأسلوبه تسببا في تأجج أزمة الدولار وتوحش سعره، مضيفا أن السياسات النقدية للبنوك المركزية من الثوابت المتعارف عليها في أي مكان بالعالم ويجب أن تتسم بالوضوح والعلانية ومن أدوارها الأساسية الحد من التضخم، مضيفا أن كل بنك عليه أن يتخذ إجراءات وأساليب مختلفة في ظل المعطيات الراهنة لتحقيق الأهداف المنشودة.
وأضاف أن مصر تعاني من انخفاض احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي والذي وصل إلى 16.4 مليار فقط، متابعا أن مصر أكبر دولة مستوردة للقمح في العالم ولديها أولويات استيرادية يجب تحديدها لتوجيه النفقات الدولارية لحماية هذا الاحتياطي من التآكل.
وتابع أن "طارق عامر، محافظ البنك المركزي، يلعب لعبة سياسية لمحاولة كسب الرئيس خاصة بعد غضب المستوردين وتقدمهم بمذكرة للرئاسة ولمجلس الوزراء، إلا أن ذلك جاء بنتيجة عكسية عندما حاول رفع الحد الأقصى للإيداع الدولاري بالبنوك.

وأوضح أن قرار رفع الحد الأقصى للإيداع إلى حاجز 250 ألف دولار لبعض القطاعات الأساسية دون قدرة البنك على تدبير السيولة اللازمة تسبب في خلق طلب على السوق السوداء لتلبية المستوردين لمتطلباتهم، منتقداً القرار اللاحق له والذي رفع حد الإيداع للشركات المصدرة إلى مليون دولار دون إلتزام أيضاً بالتدبير وهو ما زاد الإقبال على السوق السوداء.
وأردف أن نتيجة هذه الإجراءات وبالتزامن مع نقص المعروض من الدولار أنفجر سعر العملة الصعبة، لافتاً إلى أن الحملات التفتيشية وإغلاق بعض شركات الصرافة كان أحد أغرب الإجراءات التي أتخذها المحافظ على الرغم من تسببه في خلق الطلب على السوق السوداء، مؤكداً أنه من غير المعقول أن تخضع الشركات لهامش 2% بالأسعار فالأمر برمته بات يخضع لقواعد العرض والطلب.
من جهته أكد المستشار، أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، أن البنك المركزي لا يبدي اهتماماً بالتنمية في مصر إذ كان جديراً به أن يرفع توصيته للرئاسة ليبادر فيها بدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، إلا أن العكس هو ما حدث وجاءت التوجيهات من الرئيس لمحافظ البنك المركزي، إذ أنه من المفترض أن القائمين على السياسات النقدية والاقتصادية للدولة هم أدرى باحتياجاتها.
وأضاف أن المركزي دوماً ينشغل بتحقيق أعلى فائدة على كافة المدخرات التي يملكها لذا يركن إلى العمل بأذون الخزانة مع الحكومة على الرغم من أنها لا تؤدي إلى أي تنمية مطلقاً، متابعاً أنه على الرغم من توجيهات الرئيس فإن هناك حالة من البطئ الشديد في التنفيذ نتيجة الفكر الإيرادي الذي يستحوذ قيادات البنوك المصرية.
وأشار إلى أن مصر تعاني من غياب أصحاب الفكر والمفاهيم التنموية بالبنوك، مضيفاً أن القيادات المصرفية وعلى رأسهم طارق عامر غير منشغلين بتحقيق التنمية لمصر وإنما بتحقيق أعلى معدلات إيراد، مؤكداً أن تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر تمتص البطالة وتحقق التنمية في مصر وتعتبر حجز الزاوية للاقتصاد.
وهاجم عامر واصفاً إياه بالموظف النمطي بطبيعته منذ آن كان رئيسًا للبنك الأهلي ولم يكن قط من فريق الإبداع، لافتاً إلى أن أول قراراته بتخفيض قيمة الدولار 20 قرشاً كانت أو ما أثبت ذلك وكان قرار خاطئ وغير معبر عن الحقيقة.
وأنتقد خزيم تباطؤ المركزي في تنفيذ المبادرة، مؤكداً أن مصر لا تملك رفاهية الوقت والبطئ في التنفيذ، لافتاً إلى أن محافظ البنك المركزي تحدث عن معدلات وأرقام خاطئة تخص الاقتصاد المصري خلال لقائه بالإعلامي إبراهيم عيسى، متسائلاً كيف يحدث ذلك ومنصبه يحتم عليه أن يعلم كافة لمعدلات ودالات الاقتصاد المصري؟
وأكد أن الإجراءات التي أتبعها البنك المركزي مؤخراً كانت سبباً في تفاقم أزمة الدولار وانفجار أسعاره، مضيفاً أن المركزي يعمل حالياً على طباعة عملات نقدية دون غطاء ما يؤدي إلى فجوة تضخمية، مشيرا إلى أن تأخر تهيئة مناخ الاستثمار للقطاع الخاص أحد أسباب الأزمة.