انتقدت اللجنة الشعبية لحماية الصناعة الوطنية استقدام حكومة المهندس شريف إسماعيل، مكتب "وارنر" الأمريكي لإعادة تأهيل وهيكلة الشركات العاملة بقطاع الغزل والنسيج، مشيرة إلى أنها ستسلك مسارًا قانونيا لإيقاف التعاقد مع المكتب.

وعلمت "الدستور" من مصادر باللجنة تجهيزها طلبا تتقدم به لمجلس النواب لاستجواب رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج حول تفاصيل وملابسات التعاقد مع المكتب الأمريكي.

وقال محمد فتحي عنبر، العضو المؤسس باللجنة، إن الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة تستكمل بها مخطط الخصخصة بشكل مختلف، مضيفاً أن جملة الأصول المالية والسوقية والعامة والإمكانيات لهذه الشركات تملك من المكانة التي لا تتيح إدخال مستثمرين بها.

وحذر من أن يكون المستهدف من هذا الإجراء هو تجزئة الشركات ليسهل بيعها فيما بعد خاصة شركة غزل المحلة، مؤكداً أن المناقصة التي تم اختيار مكتب "وارنر" من خلالها تثير تساؤلاً حول مدى افتقاد مصر للحلول والكوادر البشرية بقطاع الغزل والنسيج العريق والذي كانت تتصدره مصر مذ عصور الفراعنة.

وأضاف أن اختيار المكتب الأمريكي لم يصاحبه شفافية لاستبيان تفاصيل المناقشة والشروط التي عرضتها الحكومة عبر الشركة القابضة ليفوز بها، متسائلاً: "هل هناك علاقة بين جنسية هذا المكتب واتفاقية الكويز التي تنص على إشراك نسبة من خامات إسرائيلية بالمنتجات المصرية الداخلة إلى السوق الأمريكي".

وتساءل عنبر:"هل يضمن وارنر فتح أسواق للمنتج المصري سواء بالداخل أو الخارج بعد تأهيله للشركات المصرية التي عانت من عدم توافر السوق"؟ مضيفاً أن التشريعات تمكن المنتج الأجنبي من إغراق السوق المصرية إضافة إلى عمليات التهريب وضعف الرقابة، بجانب ضعف الميكنة بالقطاع.

وأشار إلى أن هناك شركات كثيرة وعلى رأسها "غزل المحلة والنصر" لديها فائض كبير من الإنتاج غير قادرة على تسويقه، والمكتب أعلن تمويل عملية الهيكلة عن طريق بيع أراضي وأصول هذه الشركات، دون توضيح كيفية حدوث ذلك ووفق أي أسعار أو ما الجهة التي ستشرف على الأمر؟
وتابع أن القطاع العام بدأ صغيراً وتعاظم بجهد وتعب المصريين ولابد من ضمان اتجاه هذه الأموال إلى مسارها الصحيح.

وأكد عضو لجنة حماية الصناعة المصرية، أن تولّي المكتب الأمريكي مهمة عمليات الهيكلة والتطوير يثير المخاوف والشكوك حول أوضاع العمالة المصرية بهذه الشركات، مضيفاً: "بالقطع هذا المكتب لا يحمل أي بعد اجتماعي فمستقبل العمالة وأسرهم ليس في حساباته، بل إنه يستهدف فقط إعادة توزيعها حتى لو تضمن ذلك تسريح ما يراه زيادة لا حاجة لوجودها، كما من الممكن أن يعمل على تخفيضها إلى نسب قليلة جداً".

وأردف أن اللجنة تحضر حالياً للتحرك قانونياً ضد هذا الإجراء من خلال القضاء، مؤكدا أن القانون رقم 116 الصادر في عهد الرئيس عدلي منصور كان يمثابة "كارثة تشريعية" حيث منع الطعن على عقود الدولة مع أي جهات استثمارية، مما فتح باباً للفساد.

فيما أكد مجدي طلبة، عضو مجلس إدارة الشركة القابضة لصناعة الغزل والنسيج، والرئيس السابق للمجلس التصديري للصناعات النسيجية، أن خطة التحديث الأصلية وضعتها الشركة القابضة، وهي الخطة التي رأى وزير الاستثمار ضرورة وضعها في شكل دراسة بتفاصيل كاملة من شركة عالمية نظراً لأنها ستحتاج لتمويل ضخم ووجود دراسة متكاملة يسهل عملية الحصول على الدعم من أي جهة دولية.

وأكد أنه نظرا لأهمية الأمر ولأن هذه الشركات تمثل القاعدة الرئيسية لصناعة الغزل والنسيج، كان لابد من وجود مكتب عالمي، مشيراً إلى أن الشركة القابضة شكلت لجنة بالفعل لمتابعة العمل مع المكتب الفائز بعملية الهيكلة وذلك قبل أن يتم اختيار "وارنر" الأمريكي.

وأوضح أن الشركة طرحت المناقصة للمكاتب الخارجية والمحلية حيث تقدم أكثر من 12 مكتب منهم 3 أجانب والباقي محلي، مضيفاً أن خبرات المكاتب المحلية لا تماثل نظيرتها الأجنبية التي طورت شركات مختلفة الجنسيات والإمكانيات، لافتاً إلى أنه تم الاستقرار على مكتبين بالنهاية ثم تم اختيار أفضل العروض سعراً ومن الناحية الفنية وهو "وارنر الأمريكي" والذي وافق على تخفيض سعره مجدداً بعد الاختيار.

وأشار إلى أن تحقيق مردود إيجابي من التطوير يتطلب تهيئة المناخ كاملاً، ولذلك توسع نطاق عمل المكتب لأنه من الضروري تعديل التشريعات حتى تتسنى الاستفادة من تطوير الشركات، مضيفاً أن المكتب سيساعد في استقدام تكنولوجيات جديدة بصناعة المنسوجات والملابس وإدخال أساليب تسويق جديدة وهو ما سيكون له مردود على الصناعة ككل.

وقال إن هذه العوامل ستؤثر جزئياً في استقطاب الاستثمارات لكن الأهم والأكثر تأثيراً هو وجود الرغبة الداخلية في التحول إلى دولة جاذبة للاستثمار في هذا القطاع بعدما ظلت مصر لفترة طويلة دولة طاردة للاستثمار.

ولفت إلى أن مصر تملك فرصة كبيرة فيما يسمى بـ"صناعة وإعداد البشر" والتي يمكنها أن تدر عائد محلي ضخم إذا ما أحسن استثمارها، مؤكداً أن العامل المصري يتميز بالذكاء والقدرة العالية، إلا أنه لم يتم استثمارها في منظومة من الإنضباط والقواعد والقوانين الصالحة وإطلاعه على حقوقه وواجباته، وبات أداء العامل المصري غير إيجابي.

ونوه إلى أن تكلفة خلق فرصة عمل بصناعة الملابس من أرخص ما يكون لذا يمكن لمصر تحقيق معدلات نمو كبيرة تمكنها من امتصاص عدد ضخم من العمالة، ومضاعفة الإنتاج الصناعي، مشيراً إلى لجوء مصر لاستيراد عمالة من الخارج خلال الفترة الماضية.

من جهته قال الدكتور، يوسف محمد، الخبير الاقتصادي، إن تدهور صناعة الغزل والنسيج بمصر يعود لتوقف الدولة عن تطوير المنظومة الصناعية والإدارية والاعتماد على مبدأ "نعيش اليوم ونموت غد" بينما تعتمد الدول المتقدمة على شعارات "كل يوم تطوير مستمر".

وأضاف أن مصر اعتمدت على إيرادات الزراعة وقناة السويس والبترول حتى انحدرت إلى مكانة ضعيفة، مضيفاً أن مصر تعاني أزمة في القيادة والإدارة بالقطاعات والمجالات المختلفة وعلى رأسها الصناعة.
وأكد أن الاعتماد على بيت خبرة أجنبي إجراء لا بأس به نظراً للانحدار الشديد الذي تعانيه الإدارة، مضيفاً أن توظيف العمالة الكبيرة التي تتحملها الدولة والبالغ 7 ملايين فرد يحتاج لإدارة حكيمة.

وكان مكتب ورانر الأمريكي الفائز بعقد تطوير وإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال في قطاع النسيج بدأ عمله فعلياً أول فبراير الجاري بشركة غزل المحلة بحسب ما قاله عبد الفتاح إبراهيم، رئيس النقابة العامة لعمال الغزل والنسيج.