لم يسلم قرار البنك المركزي برفع الحد الأقصى للإيداع بالنقد الأجنبي إلى مليون دولار شهرياً، من انتقدات الخبراء والمستثمرين.
وبين مؤيد ومتخوف أكد جميع الأطراف ضرورة توفير العملة الصعبة عن طريق البنوك لمواجهة استفحال وهيمنة السوق السوداء على السيولة والتحكم في أسعار العملة، مشيرين إلى أن المركزي يحاول أن يزيد من حصيلته الدولارية بهذا القرار، ليقلص الفجوة بين سعر السوق السوداء والرسمية.
وفي ذات السياق، أووضح الدكتور تامر ممتاز –عميد الاقتصاديين الأفارقة والخبير المصرفي- أن القرار يعني به الشركات المصدرة فقط، بينما المصنعيين يبقى حد الإيداع لهم عند 250 ألف، مضيفاً أن المركزي يستهدف ألا يخنق الشركات المصدرة، ويمكنها من استغلال حصيلتها التصديرية.
وأضاف أن تحديد سقف إيداع دون الاعتراف بماضي المستثمر يخنق المصانع، حيث أن البعض يعملون بمالغ تفوق جميع الحدود التي يضعها المركزي، بما ينتقص كثيراً من فرص زيادة الإنتاج والتصدير، وفي ذات الوقت يوجد كثيرين يفوق هذا الحد إمكانياتهم ولا يحتاجون له.
ولفت إلى أن تحديد السقف يجب أن يتم حسابه لكل شخص على حدا وفق تاريخه الاستيرادي وقدراته التصديرية والإنتاجية، مؤكداً ضرورة حصر الصناعات التي تحقق عوائد تصديرية للدولة.
وتابع أنه لا مفر من التعويم والتوضيح للرأي العام أن هذا الإجراء يعكس الصورة الحقيقية للعملة الأجنبية، كما أنه يجعل البنك المركزي رائداً في تحصيل العملة ما يزيد روافده وموارده من النقد الأجنبي، مؤكداً أنه فور اتخاذ هذا الإجراء ستنتهي حالة الركود خلال 3 أشهر بالكثير، وتعود الأسواق للعمل والإنتاج.
ونوه إلى أن كثير من الدول اتبعت هذا الإجراء لتقيم اقتصادها، مضيفاً أن كل الإجراءات التي تمنع ظهور الجنيه بقيمته الحقيقية تخنق الأسواق.
وقال إن تعامل المركزي مع كل صناعة على أنها شخص بذاته يخنق الأسواق، حيث يضع حدود الإيداع دون الأخذ في الاعتبار الارتباط بالروافد والأطراف المرتبط بكل شركة، مضيفاً أنه من الخطأ الاعتبار بتكامل كل شركة أو مستثمر على حدا وافتراض أن لديه كافة المقومات من الموارد والخامات وكذلك لديه المشتري.
وأشار إلى ضرورة وضع الحدود بناءً على مجموعات متكاملة، فبدلاً من أن يتم وضع حد فردي لكل شخص، ويتم تحديده لعدد من الشركات التي تكفل قيام الصناعة، مضيفاً أن اختناق الإنتاج بشركة واحدة أو مصنع واحد كفيل بانتقال الحالة للباقية المعتمدة على التكامل مع هذه الشركة.
وأكد أن تكامل حد الإيداع لعدد من الأطراف المتكاملين بعملية التصنيع يضمن اتمام عملية التصدير، وفتح السوق العالمي وزيادة حصيلة الصادرات.
من جانبه، أعرب المهندس شريف عبدالهادي رئيس غرفة صناعة الأثاث ونائب رئيس المجلس التصديري، عن اندهاشه مما وصلت إليه الأوضاع وارتفاع سعر الدولار، قائلاً إن الدولار يواصل ارتفاعه خاصة عقب كل قرارات المركزي، والبنوك لا تدبر عملة، ويعتمد على أن تزيد حصيلته من الإيداعات الدولارية.
وتسائل: "كيف لنا أن ندبر هذه المليون دولار شهرياً"، مضيفاً أن الطلب على السوق السوداء يتزايد، ويتسبب في ارتفاع سعر الدولار، وهو ما يترتب عليه ارتفاع بكافة السلع في نهاية المطاف، متمنياً أن يشهد السوق هدوءً خلال الفترة القادمة وتراجع الطلب على الدولار.
وأضاف أن قرارات ترشيد الاستيراد التي اتخذت مؤخراً من شأنها أن تقلل الضغط على الدولار وهو الأمر الوحيد الذي من شأنه ضبط الأسواق والتخفيف من وطأة مشكلة العملة، مشيراً إلى أنه لو تم اتخاذ هذا القرار مبكراً لأحدث فارق في السوق، ولكن التأخير تسبب في مشاكل عديدة.
من جهته رحب المهندس بهاء العادلي رئيس جمعية مستثمري بدر، بالقرار مؤكداً أن التصدير يخدم عمليات التصنيع والمنتجات المصرية، مضيفاً: "نتمنى أن نصل للاستقرار في أسرع وقت، لأننا في وضع صعب للغاية".
وأضاف أن من أسباب الفجوة الكبيرة بين سعري السوق الرسمي والسوداء أن المصدرين لم يكونوا قادرين على استخدام حصيلتهم الدولارية من التصدير، فيضطروا إلى التصدير بقيمة فاتورة أقل ليحتفظوا بالفارق في الخارج ليساعدهم في معاملاتهم المستقبلية، وهو ما أدى إلى انخفاض قيمة الصادرات المصرية، مشيراً إلى أن القرار يستهدف القضاء على هذه الفجوة واحتواء الحصيلة التصديرية في الداخل.
وكان البنك المركزي قرر أمس رفع الحد الأقصى للإيداع النقدي بالعملات الأجنبية ليصبح مليون دولار أمريكي أو ما يعادله بالعملات الأجنبية شهريًا وبدون حد أقصى للإيداع اليومي، وذلك للشركات العاملة في مجال التصدير وبغرض توفير احتياجاتها الاستيرادية.