قالت وكالة «رويترز» البريطانية: إن ناهد إبراهيم جائت مصر لتجد إمدادات أدوية لمساعدة والدتها في التعافي من سكتة دماغية تعرضت لها منذ أربعة شهور، ومنذ ذلك الحين تعاني والدتها، 75 عامًا، من متابعة الأحداث، وتضيف إبراهيم بعد أن غادرت صيدلية في حلوان لم تجد بها الدواء: أبحث عن الدواء في كل مكان، سافرت إلى العديد من المحافظات، لكن حتى الآن لم أستطع العثور على الدواء، وحالة أمي تتدهور يومًا بعد يوم.
وتوضح الوكالة أن تراجع قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية يجعل الأمر صعبًا على شركات الأدوية المصرية لاستيراد المكونات النشطة التي يحتاجونها في تركيب الأدوية البديلة التي يعتمد عليها المصريون الفقراء.
وتشير الوكالة البريطانية إلى أنه على الرغم من تصنيف الأدوية من السلع الأساسية ووضعها على قائمة أولويات البنوك، وتخصيص جزء من الدولارات لهذه الصناعة، إلَّا أن شركات الأدوية لا تزال تواجه مشكلات خطيرة تجبرها على إبطاء أو إيقاف الإنتاج.
وتلفت الوكالة إلى أن ضعف العملة جعل استيراد المواد الخام أكثر غلاءً في حين أن وزارة الصحة تعمل على إعادة تسعير بعض الأدوية، مما اضطر الشركات المصنعة لوقف إنتاج بعض الأدوية الرخيصة حتى لا تزيد من خسائرها المالية، والنتيجة هي أن أشخاصًا مثل إبراهيم لا يجدون الدواء الذي يحتاجونه، وهو مفقود في رفوف الصيدليات لمدة أسابيع، وغير متوفر بمختلف المحافظات بالبلاد.
وتوضح الوكالة أن مصر تكافح لإنعاش اقتصادها منذ ثورة عام 2011، وسط سنوات من عدم الاستقرار السياسي، التي تسببت في تخويف المستثمرين والسياح الأجانب، وهي المصادر الرئيسة للعملة الصعبة، وقد ساعد السخط الاقتصادي والسياسي في الإطاحة برئيسين خلال السنوات الخمس الماضية.
من جانبه قال أحمد السيد، صيدلي في القاهرة: إنه يكافح من أجل الحصول على الأدوية الأساسية مثل قطرة العين ومضادات التخثر، وأدوية أخرى تستخدم في علاج أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، كما أكد مصدر طبي في مركز السلام للأورام بالقاهرة، أن ثلاثة عقاقير مضادة للسرطان مهمة ناقصة حاليًا. وتضيف الوكالة أن نقص الأدوية ليس أمرًا جديدًا في مصر، لكن أصبح على نطاق واسع في السنوات الأخيرة، وفي ديسمبر الماضي أظهرت الإحصائيات أن هناك نقصًا في 189 دواءً، لكن البدائل كانت متاحة، وهناك 43 نوعًا من الأدوية غير متوفر ولا يوجد لها بدائل.
في هذا السياق، قالت ولاء فاروق، رئيس شعبة التنمية المستدامة: إن أزمة الدولار تفاقم نقص الأدوية، كما أن وزارة الصحة تفكر في رفع أسعار الأدوية لتشجيع الإنتاج.
وتضيف الوكالة أن المهن الطبية تؤكد أن نقص الأدوية أكثر انتشارًا وإلحاحًا مما تشير إليه الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة.
وتوضح الوكالة أن مصر أدخلت سلسلة من التدابير خلال الأشهر الأخيرة لخفض واردات السلع غير الضرورية لتحرير العملة الأجنبية واستخدامها في السلع ذات الأولوية مثل الطب، لكن المصنِّعين يقولون إن القيود على الدولارات يمكنها تأخير عملية الدفع، وبالتالي ستصبح البضائع عالقة في الميناء، حيث يقول صبري الطويلة، رئيس لجنة الصيادلة المصنعين: قبل أزمة الدولار كنا ندفع تكلفة المواد الخام عن طريق كتابة طلبات الائتمان، وبعدها نسترد المواد وندفع باقي المبلغ بعد استلام الشحنة، لكن الآن يجب دفع المبلغ قبل الشحن، كما أن الأزمة الاقتصادية أثرت سلبًا على الاتقاقيات مع الدول الأجنبية.
وتشير الوكالة إلى أنه منذ أصبح دفع الواردات بالدولار وتسعير الأدوية بالجنيه، يؤكد المنتجون أن خسائرهم تتصاعد، مما اضطر البعض منهم إلى خفض إنتاج الأدوية الرخيصة.