تعاني مصر من انكماش حاد في أرصدة الاحتياطي الأجنبي، بالتزامن مع نقص شديد في موارد العملة الصعبة، بعد تراجع إيرادات قناة السويس، جراء تباطؤ حركة التجارة العالمية، وكذلك تقلص تحويلات المصريين في الخارج، والسياحة، فضلاً عن الأزمة المستمرة منذ سنوات المتعلقة بجذب استثمارات أجنبية مباشرة، وتراجع الصادرات، ما دفع بعض الشركات الأجنبية العالمية في الفترة الأخيرة، للتلويح بالتخارج من السوق المصري.

وتوقف عدد من مصانع جنرال موتورز، الذي يعد أكبر طاقة إنتاجية لتجميع السيارات في مصر، ونحو 100 مصنع تتولى توريد المستلزمات، تماماً عن الإنتاج، وتم إخطار عدة جهات معنية بالتوقف، ومنح العمالة إجازة مدفوعة الأجر، حتى إشعار آخر، بسبب مشاكل تدبير النقد الأجنبي، حسبما أكدت العديد من التقارير الصحفية.

وبحسب التقارير الصحفية ذاتها، تفاوض شركات بترول أجنبية خلال الفترة الراهنة مع شركات الخدمات والمقاولات على سداد مستحقات «الأخيرة» بالجنيه المصري بدلا من الدولار، أو خفض نسبة السداد بالعملة الدولارية إلى 40% بدلا من 60% حاليا طبقا للتعاقد، بسبب أزمة الدولار.

إبراهيم الغيطاني، الباحث في الاقتصاد السياسي بالمركز الإقليمي، قال إن الأزمة مستمرة منذ عام 2011، فالدولة لم تستطع الحفاظ على احتياطي النقد الأجنبي، لأن الموارد لم تتعاف حتى الآن.

ويعرّف احتياطي النقد الأجنبي بأنه مزيج من عملات وذهب، تحت سيطرة البنك المركزي، قابل للاستخدام في التمويل للأمد القصير.

وأضاف «الغيطاني»، لـ«المصري اليوم»: «انخفاض أسعار النفط أثّر بشكل كبير على تدفقات النقد الأجنبي إلى مصر، لأن 40% من الصادرات تقريبًا زيت خام، وهو ما أثر أيضًا على الاستثمارات في قطاع الطاقة».

وتابع: «منذ ديسمبر 2012 عندما وصل الاحتياطي النقدي إلى 15 مليار دولار، وأشكال العجز في ميزان المدفوعات حتى الآن يتم حله من خلال مساعدات ومنح من الإمارات والسعودية»، معتبرًا أن «التخلي عن الجنية وتعويمه في ظل احتياطي أجنبي قليل كارثة».

وأعلن البنك المركزى المصري، الأسبوع الماضي، ارتفاع أرصدة الاحتياطى الأجنبى لمصر، ليسجل 16.477 مليار دولار بنهاية يناير 2016، مقابل 16.445 بنهاية شهر ديسمبر 2015، بارتفاع قدره نحو 32 مليون دولار.

وتحاول الحكومة اتخاذ إجراءات في محاولة للتعافي الاقتصادي، من بينها الدخول في مفاوضات مع البنك الدولي للحصول على قرض من أجل دعم الموازنة، وأعلن وزير المالية، هاني قدري دميان، في وقت سابق، «أن مصر ستحصل على قرض حجمه 3 مليارات دولار من البنك الدولي على مدى ثلاث سنوات من أجل دعم الموازنة العامة».

 

وتطرق «الغيطاني» للحديث عن سياسات البنك المركزي، وقال: «البنك المركزي واخد خط ضد وزارة الاستثمار والحكومة، وهو يسير في الطريق الصحيح بسياسته الحالية، والاستمرار في القيود على الدولار بالبنوك، ووضع حد أقصي للسحب وخطابات الضمان، لأنه إذا فكّ القيود، من الممكن هروب أموال كبيرة للخارج، وهنا ستحدث كارثة ضخمة».

 

وفى سياق الأزمة، قالت شركة بلتون القابضة للاستثمارات المالية في ورقة بحثية لها، الأسبوع الماضى، إن البنوك المحلية قامت بإيداع 3.6 مليار دولار من ودائع العملاء بالبنك المركزى، لإخفاء انكماش حاد في أرصدة الإحتياطى الأجنبى خلال الربع الثانى من العام المالى «2016/2015».

 

وأضافت: «أن حجم تدخل البنوك يعد الأعلى في التاريخ الحديث، حتى بالمقارنة بحجم التدفقات النقدية التي تم ضخها خلال عام كامل».

 

ويبلغ سعر الدولار في البنوك حاليا 7.83 جنيه، بينما يجرى تداوله في السوق الموازية بأكثر من 8.60 جنيه.