153 يوما.. عُمر حكومة المهندس شريف إسماعيل، التي أدت اليمين الدستورية أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي في 19 سبتمبر الماضي، بذلت خلالها جهودا عدة لخفض الأسعار في إطار التعهدات التي قطعتها على نفسها في خطاب التكليف، لاسيما في أعقاب توجيهات الرئيس بالسيطرة على ارتفاع الأسعار نهاية نوفمبر الماضي، إلا أنها لم تحقق الهدف المنشود.
أرجع خبراء اقتصاد فشل الحكومة في السيطرة على الارتفاع المطرد في الأسعار إلى عدة مؤشرات منها، ما أظهرته بيانات الجهاز المركزي للإحصاء في 10 فبراير، حيث ارتفع معدل التضخم السنوي خلال الشهر الماضي ليبلغ 10.7% مقارنة بشهر يناير من عام 2015، في حين بلغ معدل التضخم السنوي لشهر ديسمبر الماضي نحو 11.9%.
وكذلك إعلان البنك المركزي المصري ارتفاع معدل التضخم السنوي وفقا لمؤشراته إلى 7.73 % في يناير مقابل 7.23 % خلال ديسمبر، حيث سجل التضخم الأساسي معدلا شهريا بلغ 0.98% في يناير مقابل معدل قدره 0.10 % في ديسمبر.
كما أرجع الخبراء فشل الحكومة في السيطرة على ارتفاع الأسعار أيضا إلى قيام البنك المركزي المصري بخفض قيمة الجنيه المصري مرتين في فترة قصيرة خلال شهر أكتوبر بواقع عشرة قروش في كل منهما، ففي 18 أكتوبر الماضي خفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بنحو عشرة قروش للمرة الثانية في خلال 3 أيام في عطاء البنوك رقم 423 وبلغ سعر بيع البنك المركزي للبنوك خلال العطاء 793 قرشًا، بعد أيام قليلة من خفضه للمرة الأولى منذ تولي طارق عامر منصب محافظ البنك المركزي بواقع عشرة قروش.
وأثار القرار الجمهوري الصادر نهاية الشهر الماضي بزيادة تعريفة الضريبة الجمركية على حزمة من السلع، غضب الكثيرين ممن اعتبروه سيحفز على مزيد من الارتفاعات المطردة في الأسعار، وهو التوجه الذي أكدت منى الجرف، رئيس جهاز حماية المستهلك، أنه سيؤدي حتميًا إلى زيادة الأسعار على نحو قد يسهم في خلق احتكارات في قطاعات بعينها، إضافة للتأثير الواضح في الأسعار مع تراجع حجم العرض مقابل الطلب.
وعلق الدكتور ماهر هاشم، الخبير الاقتصادي، على فشل الحكومة في السيطرة علي غلاء الأسعار، حيث قال: "جميع الحلول والمبادرات التي تنبتها الحكومة خلال الفترة الماضية لمواجهه أزمة غلاء الأسعار مجرد مسكنات وحلول مؤقتة من خلال التدخل المباشر لتوفير بعض السلع الأساسية عبر منافذ لبيعها بأسعار مخفضة".
وأشار إلى أن ارتفاع معدل التضخم يثبت فشل سياسات الحكومة في السيطرة على ارتفاع الأسعار، وعدم قدرتها على الموائمة بين السوق المحلي والعالمي وتوفير السلع التي تعاني من نقص في السوق المحلي لخلق حالة من التوازن بين المعروض من تلك السلع و القوة الشرائية.
وشدد على أن الدور الحقيقي للحكومة يتمثل في جذب استثمارات أجنبيه والإنتاج وإحياء المؤسسات الوطنية، بما يعزز من قيمة الجنيه المصري، ويحد من اتجاه الحكومة نحو الاقتراض من المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي الذي وضع شروط لمنح القرض ستؤدي إلى زيادة الأسعار بشكل كبير خلال الفترة المقبلة.
وانتقد اتجاه البنك المركزي إلى تخفيض قيمة العملة المحلية في مواجهة الدولار، مؤكدا أن تلك القرارات غير رشيدة وثبت فشلها وتقوم على فرض سعر سياسي للجنيه ليس له معيار حقيقي لا تحكمها العلاقة بين العرض و الطلب.
وقال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية، إن ارتفاع معدل التضخم السنوي في يناير الماضي مقارنة بالشهر ذاته من العام السابق مؤشر مقلق، خاصة وان قرار زيادة قيمة التعريفة الجمركية علي السلع المستوردة يثير المخاوف حول مزيد من الارتفاعات في الأسعار خلال الأشهر المقبلة.
وشدد علي ضرورة قيام الحكومة بخلق حالة من المنافسة من خلال قيام الشركات القابضة التابعة لوزارة التموين لتوفير السلع عبر منافذ الجمعيات الاستهلاكية، مع الاحتفاظ بهامش ربح يتراوح بين 15-20% بما سيجبر القطاع الخاص والتجار على تخفيض الأسعار تجنبا للخاسرة.
وأضاف أن الحكومة أيضا عليها أن تتفق مع اتحاد الغرف التجارية واتحاد المستوردين على هامش ربح لا يتعدى نسبة ال20% كما هو معتاد، ومن يخالف ذلك تقوم الحكومة بإصدار قائمة سوداء بأسماء التجار المخالفين للقرار ونشرها في وسائل الإعلام المختلفة، حتى يقاطع المواطنين الشراء من هؤلاء التجار.