أعلن وزير الري المصري حسام المغازي،مجددا أن مصر ، عبر مركزها البحثي الخاص بالمياه، تدرس طرق مساعدة جنوب السودان في بناء سد على بحر البقر فأوضح أن المركز يقدم العديد من الأبحاث المائية في مشروعات التعاون الثنائي مع السودان، والتي تتضمن مشروعات التكامل الزراعي فضلا عن مساعدة جنوب السودان لإنشاء سد مائي في منطقة بحر الجبل.
وأشار مُغازي، إلى أن هناك بعثة من المركز لجنوب السودان لعمل الرفع المساحي للمنطقة بناء على طلب حكومة جنوب السودان، قائلا: “ربما ستكون البعثة فى النصف الثاني من فبراير المقبل”.
وأراد محو القلق من نفوس المصريين الذين لم يفيقوا بعد من أزمة سد النهضة، فقال إن السد الذى تنوى جنوب السودان تشييده فى منطقة بحر الجبل على النيل يأتى فى إطار توليد الكهرباء فقط دون أى تخزين للمياه .
وأوضح مغازى أن مشروع السد تم عرضه على الهيئة الفنية المشتركة الدائمة فى عام 1997 وتمت الموافقة عليه منذ ذلك الحين، مشيرا الى وجود بعض التعديلات الحالية التى سيتم مناقشتها فى اجتماع الهيئة فى ابريل القادم تتضمن تخفيض ارتفاع السد نظرا لتستقرار مناسيب المياه بعد إنشاء سد النهضة الإثيوبى.
السطور التالية تعرفنا ببحر الجبل، هذا المجرى الذي ستساعد مصر في تشييد "سد" عليه:
بحر الجبل أو السُّدّ -بضم السين- جزء من نهر النيل في جنوب السودان بطول 1,280 كم، يبدأ النهر من بحيرة ألبرت على الحدود بين "أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية" ويدخل جنوب السودان في ولاية "وسط" الاستوائية، ليكون مستنقع متباعد الأطراف.
يمر النهر بمرحلة الشباب حتى منجلا ثم تظهر عليه علامات الشيخوخة، وتوجد في حوضه الأدني السدود النباتية التي تكونت بسبب بطء جريان المياه فيه واتساع المجرى النهري فألقت الرياح بهذه النباتات وتجمعت مشكلة سدودًا طبيعية حجزت المياه ففاضت على الجانبين مكونة مستنقعات واسعة ، وهذه السدود النباتية تهدر 15 مليار متر مكعب من إيراد بحر الجبل سنويًا، ينتهي النهر عند مدينة ملكال حيث يبدأ يتحد مع بحر الغزال مشكلين النيل الأبيض مخترقاً ولاية النيل الأبيض بالسودان شمالاً لمسافة 720 كم (445 ميل).
يحتل حوض بحر الجبل الذي ينتشر على محور عام من الجنوب إلى الشمال قلب الحوض الكبير، ويفصل فصلا حادا بين القطاعين الشرقي والغربي من الحوض، ويتمثل فيه الجريان النيلي الرئيسي القادم من الهضبة الاستوائية،ويبلغ طول بحر الجبل حوالي 1280 كيلومترا بمايعادل أكثر من20% من الطول الكلي للنيل.
يرتبط اسم بحر الجبل في الأذهان بفكرة "الفقدان" العظيم لحجم كبير من الإيراد المائي السنوي في منطقة المستنقعات، ويمكن للباحث أن يقسم هذا المجرى الطويل إلى ثلاث قطاعات متباينة من حيث درجة الانحدار وصفات المجرى وشكل الجسور والأرض على جانبيه، ومن حيث احتمال الفقدان بالتبخر أوالنتج أو التسرب.
ويشمل القطاع الأول مجرى النهر فيما بين بحيرة ألبرت ونيمولي، والقطاع الثاني فيما بين، نيمولي ومنجلا. أما القطاع الثالث فهو الذي ينتشر من منجلا إلى بحيرة نو، أو إلى موقع الاقتران بين مجرى النهر الرئيسي والسوباط.
القطاع الأول: نيل ألبرت
يمثل المجرى الأعلى من بحر الجبل، يبدو مجرى عريض، بطيء الجريان ضعيف الانحدار، طوله 227 كيلومترا، يتسع المجرى في بعض المواقع، خاصة على مسافة حوالي 40 كيلومترا من بحيرة ألبرت بشكل ملحوظ، ويتمخض هذا الاتساع عما يشبه البحيرة حيث يبلغ عرض البنهر حوالي خمس كيلومترات، ويتسع مرة أخرى على مسافة 90 كيلومترا بحيث يبلغ حوالي ست كيلومترات.
ولا شك في أن نيل ألبرت الذي يمر في الطرف الشمالي للأخدود الغربي، يظهر كلسان أو ذراع طويلة للبحيرة ذاتها، ويطرأ تغير شديد على جوانب المجرى قبيل موقع دوفيلي، ذلك أن حافات الأخدود العالية المرتفعة، تقترب من مجرى النهر بوضوح، كما يظهر في الجانب الغربي فيما بين وادلاي ودوفيلي.
القطاع الثاني: بحر الجبل فيما بين نيمولي ورجاف
ويشمل مجرى بحر الجبل فيما بين نيمولي ورجاف، يبلغ طوله حوالي 156 كيلومترا. ويدخل مجرى النهر في هذا القطاع منطقة الشلالات "فولا" على مسافة حوالي 7 كيلومترات شمال موقع نيمولي، وعندها يضيق إلى حوالي 60 مترا، ويتدافع الماء الجاري على الجنادل، وينحدر بشدة حتى يضيق وتصبح جوانبه الصلبة متقاربة، ولايفصل بينهما أكثر من ست عشرة مترا.
وهكذا يبدو المجرى الضيق حديث المنشأ من وجهة النظر الجيولوجية، كما أن شكله المستقيم إلى حد كبير يوحي بالانكسار أو التصدع الذي تمخض عن هذا الجريان السريع الجياش المتدفق فيما بين نيمولي ورجاف، وتبدو صورة الأرض على جانبي المجرى في هذا القطاع وعرة خشنة مضرسة.
وتعد سلسلة مدافع يوربورا وجنادل جوجي Gouji من أشهر الجنادل التي تعترض هذا القطاع من بحر الجبل.
ويتجمع الإيراد المائي في كل قطاع من هذين القطاعين من بحر الجبل من ألبرت إلى نيمولي ومن نيمولي إلى منجلا من مصدرين متباينين تماما، ويتمثل المصدر الأول في التصرف العظيم الذي ينساب من بحيرة ألبرت بشكل شبه منتظم، أما المصدر الثاني فقوامه الفائض الذي تحققه مجموعة الروافد والمجاري النرهية التي تصرف الأطراف الشمالية من هضبة البحيرات النيلية، ومن المنحدرات التي تهبط في اتجاه الشمال إلى حوض بحر الجبل.
القطاع الثالث: بحر الجبل بعد منجلا
وفيه يتحول بحر الجبل بعد منجلا مباشرة إلى صورة جديدة لاعلاقة لها بالسابقة، فيتسع المجرى وتختفي الجسور العالية على جوانب النهر من ناحية، ويتدهور الجريان ويبطأ في اتجاه الشمال من ناحية أخرى.
ويزداد التحول وضوحا، كلما تقدم بحر الجبل من منجلا صوب الشمال، وبشكل عام تضعف قدرة حيز المجرى على السيطرة الكاملة على الجريان المائي، ويترتب عليه ظهور المستنقعات على جانبي النهر، وتنتشر يمينا أكثر من الجانب الأيسر، وهذه المستنقعات على اليمين، هي التي تغذي بحر الزراف، ولذلك فإنه يعتبر من وجهة النظر الفنية فرعا من فروع بحر الجبل، كما أنه رافد في نفس الوقت، لاقترانه بالمجرى الرئيسي للنهر.
أما مجرى بحر الجبل شمال موقع كنيسة فإنه يزداد هدوءا كما يزداد اتساعا، ويمر بحر الجبل في القطاع المنتشر شمال موقع منجلا في مرحلة خطيرة، وقد تبدو عليه كل معالم الشيخوخة، حيث يترنح في جريانه العام في اتجاه الشمال، ويتعرض الجريان المائي في هذا القطاع للفقدان والضياع بالتبخر أو بالتسرب أو بالنتج، من سطوح النباتات المائية التي تنشر في المستنقعات، ويذكر الفنيون أن هذه الصورة تعبر عن محنة حقيقية، وقد قامت مصلحة الري المصري منذ وقت بعيد – في بداية هذا القرن – بتجميع المعلومات عن النتائج التي تضمنتها تلك المحنة.
"تسجيلات البحر منذ عام 1922"
ويمكن القول أننا نملك تسجيلات منتظمة عن بحر الجبل منذ سنة 1922 على الأقل، وتتضمن بيانات من المستنقعات وعن انتشارها وعلاقتها بالجريان المائي، وبيانات عن حجم الفاقد من الإيراد المائي السنوي من الموارد الاستوائية.
ويمكن القول أن العناية قد ازدادت منذ سنة 1950، وكانت هذه العناية تستهدف بذل مزيد من الجهد في مجالات جمع المعلومات وتسجيل البيانات عن حجم الفقدان، وفي مجالات إجراء الاختبارات والمباحث، وعلى الرغم من صعوبة العمل في المناخ القاسي وانتشار الأمراض الوبائية واحتمال المطر الذي يتعرض له الباحثون، وضعف الجسور، وانتشار المستنقعات على أوسع مدى، فإن العمل كان يتم بنجاح حقيقي وفق الخطط المرسومة وبالانتظام الكامل المطلوب، وحقق حصيلة عامة وكبيرة في مجالات التعرف على طبيعة الفاقد من الإيراد المائي، وعلى احتمالات الضياع والفقدان الحقيقي في كل سنة من السنوات.
"مساحة المستنقعات"
وتجدر الإشارة إلى أن مساحة المستنقعات الدائمة التي تضيع فيها المياه تبلغ حوالي 8300 كيلومتر مربع، وتزداد بشكل ملحوظ إلى حوالي 12 ألف كيلومتر مربع، إذا ما ارتفع منسوب المياه الجارية في بحر الجبل بمقدار 50 سنتيمترا، ما يعني أن هناك مساحات من المستنقعات الفصلية غير الدائمة تقدر بحوالي 3700 كيلومتر مربع.
والتقدير التقريبي للفاقد اليومي، يعادل حوالي 6.9 ملليمترا في اليوم الواحد