ومن الفقر ما قتل !
قالت له :أنا لا استطيع أن اتحمل ظروفك تلك التي تزداد سوءا يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر فأنت منذ سنوات لم تعد تأتي لنا الا بالمأكل والمشرب وفقط فنحن لا نذهب للتسوق في محلات الملابس  ولم نخرج للتنزه في رحلات خارج المدينة منذ سنوات .. وعبثا حاول أن يشرح لها الظروف الاقتصادية التي تعاني منها البلاد وتنعكس علي الافراد .فهو لا يمتلك سوي راتبه الشهري والذي يكفي بالكاد نفقات الطعام لأسرته البسيطة ولكن هي لا تعترف بكل ذلك فهي ربة منزل لا يشغلها اقتصاد ولا سياسة ولا تعرف شيئا الا ان تجد كل ما تطلبه .. ففي كل صباح تعطيه قائمة بما يحتاجه البيت من مصروفات سواء للاولاد او الدروس الخصوصية او المأكل والعلاج ولأنه حريص علي ارضائها ياخذ تلك القائمة ولم ينطق الا بكلمات قليلة تدل علي قلة الحيلة ومدي الحاجة والانكسار .. ويخلو بنفسه ويلعن تلك الظروف التي وضعته في هذا المأزق الحرج فكيف يعود لبيته دون أن يستطع أن يوفر لاسرته أبسط متطلبات الحياة .. الأسعار نار والدخل محدود .. والكل أصبح مشغولا كيف ينفق علي أسرته بل كيف يطعمهم فلا يمدون ايديهم لاحد .. وفي احدي الأيام جلس علي شاطئ النهر بعيدا عن كل العيون وأخذ يفكر في حاله وحال كثير من المصريين أمثاله ولم يجد مفرا الا أن يرفع يديه للسماء بشكواه ولم ينس أن يدعو الله علي كل من تسبب في هذا الضيق الذي يعاني منه المصريون .. وبعدها أخذ يهيم علي وجهه في الشوارع هل يعود الي اولاده بخفي حنين أم يظل سائرا لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا
وتمني الموت .........