أكدت دراسة مصرفية أن تراجع أسعار النفط سيؤثر علي المساعدات العربية لمصر، كما سيؤثر علي الموارد الدولارية لمصر من الصادرات والاستثمار الأجنبي والسياحة وتحويلات العاملين من الخارج.

عرضت الدراسة العوامل المؤثرة علي أسعار النفط وتتمثل في معدلات العرض، وأسعار صرف العملات، خاصة الدولار، والتقرير الأمريكي الأسبوعي عن احتياطيات النفط الخام في أمريكا، مؤكدة أن انخفاض النفط لأقل من 35 دولاراً كمتوسط لسعر البرميل من النفط الخام وهو أدني مستوي للأسعار خلال الاثني عشر عاماً الماضية كان بسبب الزيادة في العرض بسبب زيادة الإنتاج السعودي من النفط الخام مع استمرار المنحني الصعودي للدولار وإعلان أمريكا عن زيادة احتياطياتها من النفط الخام.

جاء ذلك في دراسة الخبير المصرفي، أحمد آدم، حول استمرار انخفاض أسعار النفط العالمية وتأثيرها علي الاقتصاد والجهاز المصرفي المصري.

ورصدت الدراسة عدداً من السيناريوهات حول ما ستحققه بعض الدول من وراء انخفاض أسعار النفط، ويتمثل السيناريو الأول أن السعودية زادت من إنتاج النفط بشكل كبير ودفعت دول الخليج العربي للالتزام أيضاً بالزيادة وأن المستهدف من هذه العملية هو إيران، ويري أصحاب هذا السيناريو أن هذه الخطوة قائمة علي استراتيجية تهدف إلي الضغط علي إيران لا سيما أن السعودية وباقي دول المجلس قادرة علي تحمل الخسائر الناجمة عن انخفاض الأسعار نتيجة مراكمتها للفوائض خلال السنوات الماضية، بينما لن تستطيع طهران الصمود لوقت طويل، خاصة أنها تحتاج إلي أن تعود الأسعار وبسرعة لمستويات الـ 100 دولار لتحقيق فوائض في موازنتها، وأن عدم قدرتها علي تحقيق ذلك سيدفعها دفعاً للبحث عن موارد أخري كقطع الدعم أو رفع الضرائب وهي خطوة غير شعبية قد تؤدي إلي ردود فعل سلبية في الداخل الإيراني.

والسيناريو الثاني أن الولايات المتحدة بالتعاون مع السعودية قررتا معاقبة روسيا علي موقفها من أوكرانيا وسوريا وأن الهدف من ذلك جعلها تدفع ثمن موقفها اقتصادياً، إذ إن موسكو تعتمد في موازنتها علي حوالي 45% من عائدات النفط، كما أنها حسبت موازنتها لعام 2015 علي أساس 100 دولار للبرميل، وإذا ما أخذنا ذلك بعين الاعتبار مصحوباً بتراجع كبير في سعر صرف الروبل وإمكانية ألا يشهد الاقتصاد الروسي أي نمو في عام 2015 فإن ذلك يعني أنه سيكون علي روسيا استنزاف احتياطياتها من العملة الصعبة أو تخفيض الإنفاق، مما قد يعني المزيد من التراجع الاقتصادي.

أما السيناريو الثالث فهو أن السعودية تحاول أن تضغط علي الولايات المتحدة وأن الهدف من إغراق الأسواق جعل عملية استخراج النفط الصخري واستخراج النفط من أماكن عميقة غير مجدية اقتصادياً وبالتالي دفع الشركات الأمريكية والكندية إلي إيقاف إنتاجها أو إلي الإفلاس والعودة للاعتماد علي المملكة العربية السعودية.

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريراً حول الرابحين والخاسرين جراء تراجع أسعار النفط قدرت فيه خسائر وأرباح عدد كبير من الدول المنتجة والمستهلكة، ووفقاً للتقرير، فإن المملكة العربية السعودية تأتي علي رأس قائمة أكبر الخاسرين بمبلغ يقدر بحوالي 118 مليار دولار، بينما تأتي روسيا بالمرتبة التالية بخسائر تقدر بحوالي 100 مليار دولار، أما إيران وهي الجهة التي من المفترض أنها مستهدفة، فإن حجم خسائرها وفقاً للتقرير تقدر بحوالي 18 مليار دولار فقط، في مقابل أرباح للولايات المتحدة تقدر قيمتها بحوالي 90 مليار دولار.

وعن تأثير انخفاض أسعار النفط علي الاقتصاد والجهاز المصرفي المصري، ذكرت دراسة الخبير المصرفي أحمد آدم أن الصادرات للدول النفطية، خاصة الدول العربية ستتأثر، حيث إن إجمالي الصادرات المصرية حتي نهاية يونية 2015 بلغت 22&<643;1 مليار دولار، وهي تشكل أهم موارد النقد الأجنبي لميزان المدفوعات، وبلغت مصر للدول العربية خلال العام المالي السابق نحو 5&<643;6 مليار دولار منها 2&<643;8 مليار دولار للسعودية والإمارات.

وأوضحت أن الانخفاض المتوقع سيؤثر علي حجم الاعتمادات المفتوحة بالبنوك بغرض التصدير وهو ما سيؤثر سلباً علي حصائل العملات الأجنبية بالبنوك، كما أن القطاعات المصدرة للدول العربية النفطية ستتأثر سلباً وهو ما يمكن أن يؤثر علي حجم أعمالها مع البنوك، خاصة أن أهم صادراتنا للدول العربية تمثلت في منتجات كيماوية عضوية وغير عضوية بقيمة 192 مليون دولار ومحضرات غذائية منوعة بقيمة 184 مليون دولار وملابس جاهزة ومنسوجات قطنية بقيمة 180 مليون دولار، وتوصي الدراسة بالحرص عند منح الائتمان لقطاعات التصدير المختلفة التي تتعامل مع الدول العربية النقطية وخصوصاً في مجال تصدير «المنتجات الكيماوية وكذا المحضرات الغذائية».

الاستثمار المباشر

وذكرت الدراسة أن الاستثمارات المباشرة القادمة من الدول العربية النفطية وخصوصاً من السعودية والإمارات التي بلغت العام المالي الماضي 2 مليار دولار ستتأثر بسبب انخفاض أسعار النفط، كما ستتأثر الاستثمارات قصيرة الأجل الداخلة للاستثمار بالبورصة وأدوات الدين المحلي قصيرة الأجل من الدول العربية النفطية وهو ما يمكن أن يؤثر سلباً علي حجم التعامل بالبورصة كما يمكن لمبيعات العرب أن تتسبب في انخفاض لأسعار الأسهم، وهو ما يمكن أن يؤثر سلباً علي محافظ البنوك من الأسهم ويخفض وبالتبعية من عوائدها، إلا أن تأثير ذلك علي أرباح البنوك سيكون طفيفاً نظراً لانخفاض الوزن النسبي للاستثمار بالبورصة من إجمالي استثمارات البنوك مما يتطلب ضرورة الابتعاد عن شراء أسهم المضاربة والحد من عمليات الاستثمار بالبورصة.

تحويلات العاملين

وتخشي الدراسة من تأثير انخفاض النفط علي تحويلات المصريين العاملين بالخارج وعلي أوضاعهم الوظيفية بالدول العربية النفطية فاستمرار الانخفاض أو طول فترة عودة الأسعار إلي مستوي يقارب الـ 100 دولار كمتوسط سعري لبرميل البترول قد تضطر معه الدول العربية النفطية لاتخاذ إجراءات تقشفية قد تؤثر سلباً علي أوضاع العمالة المصرية بهذه الدول وبالتبعية تؤثر علي حجم تحويلاتهم التي تمثل ثاني أهم موارد النقد الأجنبي بعد الصادرات وهذا التأثير السلبي سيمتد لعائد الخدمات المصرفية بالبنوك المصرية ولمنتجات التجزئة المصرفية «قروض شراء شقق ومحلات وتشطيب شقق وشراء سيارات»، وتطالب الدراسة بتوخي الحرص عند المنح الجديد لهذه القروض وهل يوجد ارتباط بين مصدر السداد وبين تحويلات تأتي من الخارج.

انخفضت تحويلات العاملين بالخارج خلال الربع الأول من العام المالي بمقدار 0&<643;4 مليار دولار عما كانت عليه خلال الفترة المقابلة من العام الماضي، لتصل إلي 4&<643;3 مليار دولار مقابل 4&<643;7 مليار دولار.

السياحة

يتعرض قطاع السياحة في مصر يومياً لضربات مؤلمة وأصبح التعافي السريع الذي كان يميز هذا القطاع ضرباً من الخيال، وبالتالي خفض أسعار النفط علي الرغم من تأثيراته السلبية علي السياحة الوافدة من الدول العربية النفطية لمصر، إلا أن القطاع أصلاً في أسوأ حالاته، وقد انخفضت إيرادات السياحة بقيمة 0&<643;4 مليار دولار من 2&<643;1 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي السابق إلي 1&<643;7 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي الحالي.

وتطالب الدراسة بابتعاد البنوك تماماً عن تمويل هذا القطاع في هذه الفترة حفاظاً علي أموال المودعين.