18 مليون جنيه تم الاستيلاء عليها بالتحايل على السيستم في 5 إدارات بالقاهرة فقط
وفقا لما لدينا من مستندات رسمية للرقابة على المطاحن والمخابز، والتي تثبت حدوث عمليات بيع وهمية للخبز قام بها أكثر من "140 مخبزا" في "5 إدارات" تموينية فقط من أصل "34 إدارة" في محافظة القاهرة وحدها، وقد حصل أصحاب هذه المخابز بتلك العمليات الوهمية على ما يقرب من "18 مليون جنيه" دون وجه حق بالتحايل على السيستم الخاص بشركة (تطبيقات الكروت الذكية سمارت - SMART)، وهو ما يشير إلى كارثة محققة على مستويين؛ الأول هو إما وجود تلك السرقات دون علم المسئولين، والثاني هو استمرارها رغم علم المسئولين بها لعجزهم عن منعها وإيقافها وبترها من الجذور... وكلا الأمرين محزن ومخزي.!!


الكارثة الأكبر أن المستند الأول لدينا هو بيان أو تقرير تم رصده عن الفترة أو المدة من يناير وحتى مارس 2015، أي "خلال 3 أشهر فقط". علماً بأن المنظومة بدأت في (أبريل 2014) في مدن القناة فقط كمرحلة أولى، ثم تم تعميمها على باقي المحافظات بداية من يوليو 2014... هذه التواريخ تجبرنا على تخيل الوضع الكارثي لهذا التحايل بأقل افتراضات لقيمة السرقات، وهو:
من 4/2014 - 12/2015 يكون عمر المنظومة 21 شهرا، وبما أن هذا التقرير يتم كل 3 شهور فالبتالي يكون لدينا 7 تقارير من المفترض أن تكون عن كل إدارة داخل كل محافظة.. وإذا فرضنا أن كل محافظة تحتوي على 10 إدارات فقط وليست 34 إدارة كما هو الحال في القاهرة. فهذا يعني (270 إدارة) على مستوى 27 محافظة بالجمهورية.. وبفرض أن عمليات التحايل أو اختراق السيستم تصل إلى 5 مليون جنيه في الإدارة الواحدة مقارنة بـ18 مليون جنيه في 5 إدارات فقط (المفروض أنها في عاصمة تخضع للرقابة أكثر من تلك الإدارات النائية) فهذا يعني أن 5*270=1350 مليون جنيه (مليار و350 مليون) في 3 شهور.. وبضرب الناتج في 7 تقارير (عمر المنظومة) 1350*7=9450 مليون جنيه (9 مليار و450 مليون جنيه)... وهو ما يوضح كارثية الوضع إذ تتخطى السرقات مبلغ الـ9 مليارات جنيه... ورغم كل هذا تظل نفس الشركة مؤتمنة على أموال الدولة ودعم مواطنيها!!!

طرق أصحاب المخابز لاختراق السيستم للاستيلاء على أموال الدعم..!!
المقصود باختراق السيستم هو أن يتمكن صاحب المخبز من تسجيل عمليات بيع وهمية للخبز على سيستم شركة "تطبيقات الكروت الذكية SMART"، وهي الشركة المسئولة عن حساب عمليات بيع الخبز على مستوى الجمهورية عن طريق ماكينات ضرب بطاقة الخبز المتوفرة في أكشاك بيع الخبز والمخابز، لأن وزارة التموين تقوم بدفع قيمة الخبز الفعلية لصاحب المخبز (القيمة الفعلية للرغيف هي 35 قرشاً، أي أن الدولة تدفع 30 قرشاً عن كل رغيف مباع لصاحب المخبز). وبالتالي فكلما ارتفعت مبيعات الخبز على السيستم كلما ارتفعت المبالغ المالية التي يستلمها صاحب المخبز من الدولة.. ولذلك ابتكروا طرقهم لاختراق هذا النظام وهي كالتالي:

- الطريقة الأولى، وتتم بالتلاعب "بالسيستم" وذلك بوضع بطاقة (الكارت الذهبي) بالماكينة وقبل تسجيل عملية السحب من البطاقة يتم نزعها وتركيبها مرة أخرى، فيظهر الرصيد المتاح "بالسالب"، وبذلك يكون صاحب المخبز قد قام بتسجيل بيع 1000 رغيف بعملية وهمية؛ لأن هذا الكارت يتم شحن رصيده بـ1000 رغيف يومياً كلما تم صرف الرصيد اليومي منه، وهذا الكارت مخصص في الأصل للمغتربين الذين لا يملكون بطاقة لصرف الخبز، ليقوم صاحب المخبز بصرف الخبز منه للمغتربين.. أحياناً ينتج عن هذه الطريقة خلل في السيستم فيقوم بتسجيل أن الكارت سحب 10 آلاف رغيف بدلاً من 1000... إضافة إلى استخدام بطاقات مسروقة لتسجيل عمليات بيع وهمية لرفع رصيد المبيعات.. منها:

- الطريقة الثانية: تتم بسرقة المواطنين؛ حيث يأتي المواطن لصرف عدد الأرغفة التي يحتاجها فيقوم صاحب المخبز بضرب 3 أيام كاملة من رصيد المواطن ولا يعطيه بون الصرف، والهدف من ذلك هو أن يتم التسجيل على السيستم بأن هذا المخبز صرف آلاف الأرغفة يوميا وهو ما يعني ارتفاع رصيده المالي... ولذلك يتسابق أصحاب المخابز جشعاً في تسجيل أكبر عدد ممكن من عمليات بيع الخبز الوهمية بالتحايل بكل الطرق على السيستم. ولذلك قامت شركة "SMART"، بتغيير إصدار البرنامج "31.2" إلى "21.0"، لتجنب عمليات التحايل السابقة، فظهرت بعد ذلك حيلة أخرى:

- الطريقة الثالثة: وتتم باستخدام فلاشات يتم توصيلها بماكينة صرف الخبز بالأكشاك أو المخابز، لكي يتم السحب بنفس الطريقة الأولى من جديد؛ لأنها تؤدي إلى إفشال النظام في رصد تلك العمليات... ويتم الحصول على هذه الفلاشات بمبالغ كبيرة للفلاشة الواحدة، ومن بعدها قامت شركة "SMART" بعمل نظام أمني لكي يتم إيقاف الماكينات التي يتم توصيل الفلاشات بها، وعندما يقوم أي من أصحاب المخابز بتوصيل فلاشة بالماكينة يتم تعطيل الماكينة ويظهر بها خطأ رقمه (991)، ولا يتم تشغيل الماكينة مرة أخرى إلا عن طريق مباحث التموين...

"ادفع اللي سرقته وارجع اشتغل تاني".. تلك هي عقوبة صاحب المخبز السارق!!

بل تلك هي المصيبة الأكبر... حيث لا توجد عقوبة رادعة لأصحاب المخابز الذين يسرقون أموال الدعم، الذي هو حق المواطن؛ والسبب أن القانون ينص على أن صاحب المخبز الذي تثبت إدانته باختراق السيستم بتسجيل عمليات بيع وهمية فإنه يتم غلق المخبز لمدة شهر وإرغامه على دفع الأموال التي استولى عليها دون وجه حق، ولا يتم فتح المخبز إلا بعد سداد تلك الأموال..

كشف تحايل أصحاب المخابز على السيستم... يتم بالصدفة!!

المنظومة ككل تتم إدارتها بشكل كارثي، وهو السبب الأول في ضياع المال العام والاستيلاء عليه، وذلك لأن ضعف الرقابة بالمنظومة وغياب التنسيق يؤدي إلى سرقة مئات الملايين من أموال الدعم، فوفقاً لتصريح أحد مفتشي التموين فإن الإدارات المنوط بها المراقبة والتفتيش على صحة البيانات المسجلة على سيستم شركة SMART تلك الإدارات لا تجد الأدوات اللازمة للقيام بدورها من أجهزة كمبيوتر ولا كوادر قادرة على التعامل مع السيستم إضافة إلى قلة عدد المفتشين بها، إضافة إلى عدم وجود أوراق للطباعة وفحص البيانات، (الموظفين بيلفوا يشحتوا من بعض ورق أبيض من المكاتب).. الكارثة الأكبر أنه لا يوجد من هو على علم بطبيعة الأرقام التي يتم تسجيلها على السيستم كما يتضح من الصور السابقة عدم منطقية تلك الأرقام.. والتي قمنا بتحليلها كما سبق رغم أننا غير مختصين.. فما بالنا بالمختصين إذا ما قاموا بواجباتهم؟؟؟؟

الأدهى أن اكتشاف تلاعب أصحاب تلك المخابز يتم بروتينية عقيمة، وبالصدفة، وذلك حين يتقدم احد المفتشين بطلب لفحص مخابز إدارة واحدة من الـ34 إدارة الموجودة في القاهرة.. والتي نشرنا فقط منها الخمس إدارات المذكورة.. وحين تتم الموافقة على الطلب يتم توجيه خطاب لشركة سمارت بطلب إرسال بيانات سحب المخابز التابعة للإدارة المطلوب فحصها، ثم يتم تشكيل لجنة تقوم بالتدقيق في الأرقام  المرسلة من شركة سمارت، وبناء عليه يتم تحرير محاضر لأصحاب المخابز الثابت اختراقهم للسيستم وإحالتهم للنيابة وحبسهم لمدة شهر، وإعادة تشغيل المخبز مرة أخرى إذا دفع المبالغ المسروقة..

ولكن في حال عدم وصول الجاني إلى النيابة فإن التموين تضمن له تقسيط المبلغ المسروق وعند سداد آخر قسط له يمكنه بدء العمل في المخبز وفتحه من جديد... وتتركه ليعود من جديد إلى طرقه الملتوية في النصب على الدولة والمواطنين ويسرق أموال الشعب... وعلى سبيل المثال تم ضبط مخابز بإدارة الساحل وحدها وقد استولت على ما يقرب من 3 ملايين و500 ألف جنيه...

تعليق وزارة التموين على اختراق السيستم

قمنا بسؤال وزارة التموين والتجارة الداخلية حول تلك الاختراقات الدائمة لسيستم المنظومة للاستيلاء على أموال الدعم دون وجه حق... وكان رد السيد المستشار الإعلامي لوزارة التموين هو التالي:

"هناك متابعة من قبل مفتشي ومباحث التموين ويتم ضبط المخالفين".. هنا انتهى رد التموين على سؤالنا حول تلك المافيا... ولكننا نسأل من جديد... ونريد إجابة شافية لنا نحن الشعب الذي طالما عانينا ونعاني من هؤلاء... سؤالنا يا سادة بمنتهى البساطة هو:

منظومة عظيمة بأهدافها كمنظومة دعم الخبز وصرفه بالكروت الذكية، كيف يتم اختراق نظامها الإلكتروني والتحايل عليه بكل سهولة على مدار أكثر من عام ونصف؟ ولماذا يتم الإبقاء على تلك الشركة التي ثبت أكثر من مرة ومنذ أكثر من عام ضعف تأمينها لمنظومة إلكترونية تابعة لدولة لها هيبتها؟؟ ولماذا لم يتم إسناد إدارة تلك المنظومة لشركة بديلة قادرة على تأمين نفسها وتأمين عملائها؟!!

سؤال من مفتش تموين ألح علينا لطرحه على سيادتكم:

السادة المسئولين هل من الممكن القيام بفحص مخابز السويس البالغ عددها 220 مخبزاً؟ والتي كانت من أول المحافظات التي تم تنفيذ المنظومة بها؟ وقد أكد لنا أن تلك المحافظة دون غيرها مليئة بالتحايل والاختراقات والاستيلاء على أموال الدعم..


كيف نحلل عمليات البيع الوهمية على السيستم

1- الحد الأقصى من الدقيق للمخابز هو 40 شوال دقيق وزن 50 كيلو لكل مخبز في اليوم.

2- الشوال الـ50 كيلو ينتج 600 رغيف وزن 100جم للرغيف في ربع ساعة (15 دقيقة)

3- الحد الأقصى لعدد الأفراد على كل بطاقة هو 10 أفراد

4- الحد الأقصى لصرف الخبز بأيام مقدمة هو 3 أيام، ولكل فرد 5 أرغف (البطاقة الـ10 أفراد في اليوم تصرف 50 رغيفا - في 3 أيام تصرف 150 رغيفا)

5- عدد ساعات عمل المخبز هي 12 ساعة (12*4= 60 شوال) وهو ما لايتم بالطبع على مدار الـ12 ساعة.

وفي ضوء تلك المعلومات والبيانات قمنا بتحليل نماذج النصب والتحايل على السيستم للاستيلاء على أموال الدعم.