يقف مجموعة من الرجال أمام الكعبة، يتقدمهم رجل يدعي أنه المهدي المنتظر يناصره شريكه جهيمان بن محمد بن سيف العتيبي، الموظف السابق بالحرس الوطني السعودي، يطالبون رجالهم بالصمود أمام أتباع آل سعود، بعد أن أعلنا مع عام 1400 هجرية، 1979 ميلادية، الانقلاب على خادم الحرمين الشريفين وعائلته، واحتلال الكعبة، وينتظر المسلمين في كل أنحاء العالم انتهاء القصة وهم على يقين أن ما يحدث سينتهي بسيلان بحور من الدماء على بلاط الأرض المقدسة.

 لحظات عصيبة عاشها المسلمون حول العالم، وهم يشاهدون قبلتهم تتعرض لأسوأ أنواع الانتهاك، في مشهد أعاد لأذهانهم قصة قرؤها صغارًا عن رجل حاول هدم الكعبة قبل أن يرسل الله «طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ» يسقط بها هذا المهووس، كما ورد في القرآن الكريم.

 
الحرم يمتلئ بالمصلين والصلاة تنتهي، يقف «العتيبي والقحطاني» أمام المصلين معلنين نبأ ظهور «المهدي المنتظر» وفراره إلى الكعبة من «أعداء الله». في التوقيت ذاته أوصدت رجال «القحطاني والعتيبي» أبواب الكعبة، وأخرجوا الأسلحة من النعوش التي أدخلوها واحتجزوا كل من داخل حرم الكعبة.

 صورة رجال «القحطاني والعتيبي» بعد استسلامهما

  

حاولت السلطات السعودية إقناع «العتيبي» وصهره وأتباعهما بالاستسلام وإخراج الرهائن إلا أن كل المحاولات فشلت طوال 15 يومًا، ليكن البديل هو التعامل بالقوة مع «العصابة» التي احتلت الكعبة لثلاثة أيام، أطلق بعدها سراح النساء والأطفال فقط، فيما أبقى المحتلون على الرجال.

 وحين فقدت السلطات السعودية الأمل في التفاهم مع جماعة «العتيبي والقحطاني»، بدأت تطلق النار على محتلي الحرم، ونفذت القوات السعودية هجومًا شاملًا بقوات «كوماندوز»، حتى حررت الحرم.

 «قيل في بعض الروايات أن فرقة الكوماندوز كانت مصرية، رغم أن سوء العلاقات بين البلدين في ذلك الوقت يضحض تلك الرواية، خاصة أن تلك الواقعة جاءت في أعقاب إبرام مصر لمعاهدة السلام مع إسرائيل».

 صورة تنفيذ حكم الإعدام في رجال «القحطاني والعتيبي»

  

سقط الكثير من القتلى بين جماعة «القحطاني والعتيبي»، وسقط معهم الكثير من شهداء القوات السعودية، إلا أن نقطة التحول في المعركة تكمن في مقتل محمد بن عبدالله العتيبي نفسه، الذي ادعى أنه «المهدي المنتظر»، ليستفيق أتباعه على الحقيقة، فقد ظنوا أنه لا يموت باعتباره «المهدي المنتظر»، لذا كان لموته وقع الصدمة على رجاله، واكتشفوا أنه لا كان «المهدي» ولا كان «منتظرًا»، لتنهار قواهم ويبدأون في الاستسلام.

 في النهاية، استعادت القوات السعودية السيطرة على الحرم المكي، الذي تأثر بفعل الاشتباكات، وتم القبض على جهيمان بن محمد بن سيف العتيبي ومن تبقى من أتباعه، وتم الحكم بإعدامه وعشرات من أتباعه.