تحت عنوان “صناعة التطرف .. قراءة في تدابير المواجهة الفكرية” انطلق مؤتمر عربي بمكتبة الإسكندرية حيث التف الخبراء على مدار ثلاثة أيام حول ابرز ظواهر التطرف الديني وسبل مكافحتها مجتمعيا .
وقالت الباحثة إيمان شمس الدين : ان عقد المؤتمرات بحد ذاته خطوة جيدة، لكنها يفترض أن تكون خطوة ضمن خطوات متتالية قادرة على معالجة الإشكاليات المشخصة وتطبيق الرؤى المعالجة لها بشفافية عالية ومواجهة صريحة، كون المستهدف اليوم هو وجود الأمة ومستقبلها وليس مجتمع بذاته أو مؤسسة بعينها ، بل وجودنا كأمة يتم استهدافه من خلال استحضارالماضوية بشراسة بعيدة عن النقد واستخدامها في صناعة الحاضر وهدمه لبناء مستقبل بمعطيات جديدة تبتعد بالأجيال عن الجانب المشرق من الماضي والذي كان ملهما لصناعة حاضر بنّاء لكثير من الدول ومنها الدول الغربية .
وحول الثابت والمتحول في تجارب جماعات العنف المتطرفة، قال د. عمرو الشوبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية : كل النظريات العلمية والأبحاث الاجتماعية والسياسية التي درست ظاهرة الإرهاب في العالم، وخاصة في العقود الأخيرة أصبحت حائرة أمام تفسير الظاهرة وفق نظرية أو تصور واحد، فهناك من رأي أن هناك دوافع اقتصادية واجتماعية للإرهاب دحضتها تجارب جماعات إرهابية كثيرة، وهناك من قال أن استبداد النظم العربية هو السبب وراء وجود الإرهاب فظهر في أروبا الديمقراطية بقوة، وهناك من قال أن انحيازات أمريكا وسياسات الاحتلال الإسرائيلي هي السبب أيضا وراء الإرهاب، فظهر إرهاب الدواعش في كل مكان إلا إسرائيل. والحقيقة أن العمليات الإرهابية التي نشهدها في كل مكان في العالم نتاج تحولين كبيرين أحدهما يرجع للتغيير الذي أصاب بنية الجماعات الجهادية وانتقالها من المحلية والصراع مع السلطة الداخلية بغرض إسقاطها، وبناء مشروعها الإسلامي، إلي صراع انتقامي قد يكون مع ظلم محلي وعالمي مع الإنسانية، وعبر هذا التحول حدث تغير أعمق يتعلق بتراجع تاثير الإطار العقائدي الحاكم لهذه الجماعات، ففي عهد الجماعات الجهادية المحلية كان هناك إطار عقائدي وتفسير فقهي خاطيء للدين يحرك هذه الجماعات والآن تراجع حتى الغياب هذا الإطار لصالح شعارات دينية سطحية تستدعي لتبرير القتل والإرهاب. وقدم الباجث د مسعد عويس تجربة المرصد الإنسانى لمواجهة الإرهاب والتطرف والتعصب. وتتمثل أهداف المرصد فى الكشف عن الجوانب المضيئة فى العلاقات الإنسانية .. لتدعيمها .. والبحث عن عوامل الإرهاب والتطرف للقضاء عليها من الجذور .. وقال عويس: إن العالم اليوم يترقب مبادرات من قادة الفكر والعلم والثقافة من النساء والرجال على السواء ليعلنوا العوامل التى لا تؤدى إلى الإرهاب والتطرف والتعصب وإرسال رسالة إلى قادة العالم لوقف كل مظاهر الظلم والاعتداء على الآمنين والمدنيين وسرعة رفع المعاناة عن الأطفال والنساء والرجال الذين يقاسون من ويلات الحروب التى نشأت تحت دعاوى مقاومة الإرهاب والبحث عن أسلحة الدمار الشامل !! تلك الحروب التى تساهم فى تنشئة أجيال جديدة من الذين يردون العنف بالعنف .. مع وضع خطط وبرامج للعمل على نشر ثقافة السلام العادل والمحبة والمودة والعدالة بين الناس من الطفولة المبكرة مروراً بمراحل النشء اليافع والشباب من الذكور والاناث على السواء .. لعلنا بكل الموضوعية والتفاؤل .. أن نسهم فى بناء مستقبل أفضل للانسانية .. من خلال المرصد الانسانى المقترح لتجفيف منابع الارهاب واعداد أجيال جديدة من دعاة السلام والمساواه والعدل حتى نتفرغ للتنمية وبناء أسلحة العمار الشامل من أجل سعادة ورخاء الانسان فى كل مكان . و حول التكفير والتفجير رؤية نظرية ودراسة عملية علي دواعش سيناء تحدث د. ناجح إبراهيم المفكر الإسلامي فقال : التكفير على سبيل المثال لا بد له من مردود عملي يتبعه وهو “التفجير”.. سواءً ثم ذلك مباشرة أو بعد حين.. ولم يحدث في وقت من الأوقات في تاريخ المسلمين كله أن اعتنقت مجموعة أو جماعة أو فصيل فكر التكفير دون أن تقتل من تكفرهم . ولعل أبرز مثال على ذلك الخوارج وهم أول من اعتنقوا فكر التكفير وكفروا كبار الصحابة رضوان الله عليهم ومنهم على بن أبي طالب وعمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان وأبي موسى الأشعري .. وتمكنوا من قتل الخليفة الراشد الرابع على بن أبي طالب وهو خارج لصلاة الفجر دون أن يحتاط لذلك لأنه لم يتوقع أبداً أن يقتله مسلم وهو من هو فضلا ً وعلما ً وسبقا ً. أما معاوية وعمرو فقد كانا من دهاة العرب ولديهم حس أمني قوي فاحتاطوا للأمر فلم يستطع الخوارج أن ينالوا منهما شيئاً . إن الخوارج وهم أصل التكفير وأساسه لم يتوقفوا لحظة وهم يكفرون ويقتلون ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يقولوا لأنفسهم كيف نكفر ونقتل الذي ضحى بنفسه وبات مكان النبي صلى الله عليه وسلم يوم الهجرة .. ولم تحدثهم أنفسهم بأفضال على الذي لم تكن له جاهلية فقد أسلم صبيا ً.. وكيف يكون كافراً وقد ائتمنه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أغلى شيء لديه وهي قديسة الإسلام فاطمة.. وكيف يكون كافراً وقد هاجر من مكة إلى المدينة وشهد بدراً.. وكلاهما يكفر الذنوب وكيف .. وكيف . ولذلك لا تصاب جماعة أو مجموعة بلوثة التكفير إلا وقعت في العنف وقتل المسلمين أو التفجيرات العشوائية سواءً عاجلاً أو آجلاً ولذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحاب فكر التكفير قائلا ً” يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان”.